بسم الله الرحمن الرحيم
(قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ). صدق الله العظيم
أبناء شعبنا الفلسطيني .. أهل غزة الكرام:
– يعجز القلم عن الكتابة، وتعجز الكلمات لتعبر عن فضلكم وكرمكم، ويعجز الكون كله عن الوصول لثباتكم وصمودكم، وتعجز حماس وكتائبها ومقاومتها عن الوفاء لصبركم وتضحياتكم رغم أنها منكم وإليكم وجادت بفلذات أكبادها وخيرة شبابها وأعظم قادتها معكم، فسالت الدماء أودية لتروي أرض الوطن وتنبت بإذن الله نصرًا عزيزًا كريمًا يليق بتضحياتكم.
– جاءت معركة طوفان الأقصى المباركة تحولًا استراتيجيًا في لحظة تاريخيّة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث قررت فيها قيادة المقاومة في غزة من وسط الحصار ممارسة حقها بمقاومة الاحتلال بالرد الطبيعي على جرائمه في الضفة المحتلة وتقسيمها وبناء المغتصبات الصهيونية عليها، وتهويد المسجد الأقصى المبارك وتقسميه والسيطرة الكاملة على القدس بمساجدها وكنائسها، وممارسة التمييز العنصري على أهلنا في الداخل المحتل، والعدوان الغاشم والمستمر على أسرانا الأحرار، وتوسيع حضورها وانتشارها في المنطقة، وكأن إسرائيل تتهيأ للسيطرة على المنطقة في المجالات كافة، وفي ظل حكومة صهيونية متطرفة.
– هذه الرسالة يا أهلنا وشعبنا وربعنا في كل مكان نرسلها إليكم من وسط معركة طوفان الأقصى فخرًا واعتزازًا وإكرامًا لكم، تحملتم ما عجزت عنه أمم من قبلكم عن تحمله؛ بل تساقطت وتهاوت في أيام وأسابيع معدودة العديد من دول واتحادات وامبراطوريات أمام حرب أقل بكثير من حرب الإبادة النازية الفاشية الصهيونية علينا في غزة والضفة والقدس والداخل المحتل وفي كل مكان وأنتم ما زلتم صامدين ثابتين تعلمون العالم كله معاني الصبر والصمود وحب الأوطان والتضحية لأجل كرامة وعزة وطنكم رغم التخاذل والصمت وتركنا وحدنا نواجه هذه الحرب الشعواء، وكأن القدر له رجاله واليوم يكتب على أيديكم.
– لقد كتبتم يا شعبنا وأهلنا بدمائكم ما عجز كل المؤرخين عن كتابته وكل الحكماء عن قوله وكل السير عن ذكره وكل الكتّاب عن حصره وكل الدواوين عن تدوين شعره، فأبليتم بلاءً حسنًا وأسأتم وجه عدوكم وصنعتم بمعركة طوفان الأقصى المباركة مجدًا عز مثيله وقل نظيره؛ فكنتم مدرسة فريدة – شعبًا ومقاومة- تدرس للأجيال جيلًا بعد جيل؛ لذا فإن كل الآلام ستصبح آمالا تتحقق واحدة تلو الأخرى مع هذه الأيام الصعاب التي أجمع العدو فيها قوته وبطشه ليستأصلنا من أرضنا ويحرق الأخضر واليابس فينا ومن حولنا لعله بذلك يحقق مراده وأحلامه هو وداعموه في بلادنا، أو لعله يمد في عمر كيانه الزنيم على أرضنا، لكن أقدار الله غالبة (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).
يا أهل غزة الصابرين الصامدين:
– نحن عاجزون أمامكم وأمام تضحياتكم وأمام دعمكم وإسنادكم واحتضانكم لمقاومتنا، فنحن خرجنا من رحم معاناتكم وآلامكم وعذاباتكم وتضحياتكم، قاتلنا بكل شرف وبسالة، وكنا نرى النصر يكتب على أيديكم، كيف لا ونحن خرجنا من كل مخيم وحارة وبيت وشارع وزقاق كنا نراكم تتنافسون على من يقدم لهذا البلد أكثر تضحية وبذل في سبيل الله، وكنا نرى أعظم المعاني في أم تودع ابنها إلى الله شهيدًا بالزغاريد والتكبير والتهليل والحمد والشكر لله.
– إننا أمام هذا كله كتبنا رسالتنا من قلوبنا إليكم ونصارحكم القول إننا أمام آلامكم وعظم تضحياتكم عاجزون كل العجز عن شكركم أو تقديم ما يلزم وفاءً لكم، وإننا نعمل في كل الاتجاهات ونقاتل في كل الساحات مع إخواننا في الفصائل الفلسطينية، لعلنا بذلك نقدم لكم القليل تجاهكم ونصوب المسارات لتدارك الزلات والأخطاء التي وقعت ولا زالت بفعل حرب الإبادة الجماعية والاستهداف الممنهج لكل خطوة نتحرك فيها لتحسين الواقع وبناء حاضنة تسند مقاتليكم ومجاهديكم من أبنائكم الذين خرجوا من أصلابكم وأرحامكم؛ لعلنا بذلك نستطيع مواصلة خدمتكم، ومهما نفعل فإننا عاجزون عن ذلك، غير أننا نجتهد في لجان الطوارئ أحيانًا كثيرة لتصويب مسارات العمل الحكومي والإغاثي والإنساني والأمني والاقتصادي فأصبنا وأخطأنا، وسنبقى نحاول ونحاول حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
– إننا نوجّه رسالة خاصة لأمهاتنا وأخواتنا وبناتنا
أنتن عنوان المرحلة وشرف الأمة المصون، وأنتن خيرة نساء هذه الأرض، وأنتن بإذن الله عنوان النصر؛ لأننا نعلم كم الألم الذي تحملتموه، وكم الوجع الذي لاقيتموه، وكم الفقد لأحبابكم الذي ضاقت به صدور الرجال، فما بال الحال بكن، لكن منا التحية، ولكن منا الشكر والتقدير، ونسأل الله أن يعيننا على أداء حقكن والوفاء لصبركن، وأن يشفي الله على أيدي المجاهدين صدوركن.
– ختامًا: نقول للاحتلال الصهيوني لقد استطعت أن تنتصر انتصارًا ساحقًا عظيمًا في كشف وجه الإجرام والإرهاب الحقيقي لكيانك الزائل الذي لو جلسنا سنوات نكشفه لعجزنا عن ذلك؛ لكنك قدمت هدية بسلوكك النازي الذي أظهر حقيقتكم للعالم بأسره، لقد استطعت أن تتقدم وتخترق تحت قتل آلاف المدنيين والأرض المحروقة لأحياء ومدن غزة، فدمرت (المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبنى التحتية والجامعات والمؤسسات المدنية والحكومية والمنشآت الدولية) واستهدفت الطواقم (الطبية والإغاثية والإنسانية والحكومية والدولية)، وأغلقت المعابر والمنافذ البرية؛ لكن سؤالنا لكم هل تستطيعون البقاء لحظة في مواقع احتلالكم أو مواصلة عملياتكم البرية بأمان، هل تستطيعون بناء تحصينات تحميكم من مقاومتنا أو تعيشون لحظة أمان في بلادنا؟! لن نجيبكم ولكن سنجعل جوابنا ما ترون لا ما تسمعون، وحينها يفرح المؤمنون بنصر الله ويشفي صدور قوم مؤمنين.
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النّاس لَا يَعْلَمُونَ﴾.