300 يوم على استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، وبرعاية كاملة من الإدارة الأمريكية وقوى الظلم العالمي، حيث ارتكب الاحتلال خلال هذه الحرب الوحشية الفظيعة (3,457) مجزرة راح ضحيتها (49,480) شهيداً ومفقوداً، بينهم (10,000) مفقودٍ تحت أنقاض البنايات المدمرة، وصل منهم (39,480) شهيداُ إلى المستشفيات، بينهم (16,314) شهيداً من الأطفال، ومن بينهم أيضاً (10,980) شهيدة من النساء، حيث بلغت نسبة الأطفال والنساء من الضحايا 69%.
إن الواقع الإنساني في قطاع غزة واقع كارثي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، والأزمة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم وتتعمق بشكل غير مسبوق، فسياسات إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات والأدوية والسلع والبضائع تسببت بتفاقم أزمة الغذاء وعززت سياسة التجويع وسوء التغذية خاصة بحق آلاف الأطفال الذين يُحرمون من الحليب ومن المكملات الغذائية ومن التطعيمات.
إضافة إلى ذلك فإن 2 مليون نازح يعيشون حياة قاسية وصعبة للغاية، تنعدم فيها سبل العيش والحياة الكريمة، وكذلك تنتشر بين النازحين عشرات الأمراض المختلفة أخطرها مرض شلل الأطفال، ومرض الكبد الوبائي الفيروسي، وكذلك الأمراض الجلدية والتنفسية والهضمية، والعديد من الأمراض التي تسببت بمضاعفة أعداد الوفيات الطبيعية لأكثر من ستة أضعاف عن أعداد الوفيات الطبيعية ما قبل حرب الإبادة الجماعية، حيث توفي وفاة طبيعية في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية أكثر من 9000 حالة وفاة، وهذا العدد أكبر بستة أضعاف أعداد الوفيات في الأيام الطبيعية التي سبقت حرب الإبادة الجماعية، وبطبيعة الحال فإن ارتفاع أعداد الوفيات بهذه الصورة كان بسبب تفاقم الوضع الإنساني بسبب حرب الإبادة وانتشار الأمراض، حيث سجلنا أكثر من (1,800,000) حالة إصابة بأمراض مختلفة نتيجة ظروف الحرب والنزوح، إضافة إلى أسباب أخرى مثل الاكتظاظ الكبير للمرضى في المستشفيات، في ظل إخراج 34 مستشفى عن الخدمة، وانعدام الخدمة الصحية للمرضى بسبب الاحتلال، وكذلك عدم وجود أدوية وعلاجات التي يمنع إدخالها الاحتلال من المعابر المغلقة أصلاً، وكذلك بسبب ظروف النزوح القاتلة والحياة القاسية في الخيام وفي المناطق المنعدمة الحياة التي يُجبر الاحتلال أبناء شعبنا بالتوجه إليها للموت فيها، إما بالأمراض أو بالقصف والإبادة. وخلال حرب الإبادة الجماعية قام الاحتلال بتنفيذ خطته المعلنة بالقضاء على المئات من فئات المجتمع، حيث قتل (885) شهيداً من الأطباء والطواقم الطبية، و(79) شهيداً من الدفاع المدني، واغتيال (165) شهيداً من الصحفيين والإعلاميين، كما قام الاحتلال بإعدام أكثر من 100 من العلماء وأساتذة جامعات والباحثين المتميزين في قطاع غزة، وهكذا إعدام فئات مجتمعية متميزة بشكل إجرامي ووحشي وفظيع. ونذكر العالم بأن هذا الاحتلال "الإسرائيلي" خلال حرب الإبادة الجماعية قام بتدمير المستشفيات وإحراقها وإخراجها عن الخدمة، ولم يكتفِ بذلك، بل قام بإقامة سبع مقابر جماعية داخل المستشفيات، وتحديداً في مجمع الشفاء الطبي، ومجمع ناصر الطبي، ومستشفى كمال عدوان. ولقد تسببت جريمة الاحتلال بإغلاق المعابر بكارثة إنسانية حقيقية من خلال منع أكثر من 25,000 من الجرحى والمرضى من السفر لتلقي العلاج بالتزامن مع استهداف الواقع الصحي بشكل كامل.
وفي ظل هذا الواقع المرير وحرب الإبادة فقد اتخذ الاحتلال وبقرار رسمي إقامة سجن "سديه تيمان" والذي أعدم فيه الاحتلال وغيره من السجون أكثر من 35 أسيراً قضوا تحت التعذيب الشديد القاتل، من بين أكثر من 5000 أسير وأسيرة اختطفهم الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية، ومازالوا يعيشون حياة الموت داخل سجون الاحتلال دون متابعة من المنظمات والهيئات الدولية المكلفة بملاحقة التجاوزات داخل السجون.
وفي ظل استهداف الاحتلال للواقع التعليمي في قطاع غزة، فقد حرم أكثر من 39,000 طالب وطالبة من تقديم امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي"، وحرم أكثر من 800,000 طالب وطالبة من التعليم، حيث قام بتدمير 117 مدرسة وجامعة بشكل كلي، وتدمير 332 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وإضافة إلى ذلك فقد ارتكب الاحتلال جريمة منظمة بتدمير (610) مساجد بشكل كلي، وتدمير (211) مسجداً بشكل جزئي، وكذلك استهدف ودمر (3) كنائس في قطاع غزة.
وعلى صعيد الواقع الإسكاني فقد أحدث الاحتلال "الإسرائيلي" كارثة إنسانية غير مسبوقة في كل العالم، حيث قام بتدمير (150,000) وحدة سكنية بشكل كلي، وتدمير (80,000) وحدة سكنية بشكل غير صالح للسكن، إضافة إلى تضرر (200,000) وحدة سكنية بشكل جزئي.
حتى المواقع الأثرية والتراثية لم تسلم من الاحتلال فقد قام بتدمير أكثر من (206) مواقع أثرية وتراثية في محاولة منه لطمس التاريخ والجغرافيا الفلسطينية التي تمحو أكاذيبه وتسحق وجوده المزعوم. ولم يسلم كذلك في حرب الإبادة الجماعية؛ شبكات الكهرباء وشبكات الصرف الصحي وشبكات المياه والبنية التحتية بشكل كامل، وشبكات الطرق والشوارع، فقد قام الاحتلال بتدمير أكثر من 25,000 كيلو متر طولي من هذه الشبكات بشكل عام، ودمرها بشكل مقصود ووفق خطة تدميرية مدروسة.
وإضافة إلى ذلك فقد تَعمّد الاحتلال تدمير (700) بئر للمياه وإخراجها عن الخدمة بشكل كامل، وبات الحصول على المياه في قطاع غزة مسألة كبيرة وصعبة للغاية، وهناك معاناة عميقة في الحصول على المياه الصالحة للشرب، وكذلك المياه المخصصة للاستخدام المنزلي، وهذا الأمر يرفع نسبة خطورة الأوضاع المعيشية والإنسانية والصحية في قطاع غزة.
إننا أمام أزمة إنسانية عميقة ومتشعبة طالت كل مناحي الحياة في قطاع غزة، حيث تجاوزت الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية (33) مليار دولار حتى الآن، إضافة إلى عشرات مليارات الدولارات بلغت الخسائر غير المباشرة لهذه الحرب الوحشية المجنونة.
*وإننا أمام هذا الواقع الخطير الذي آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة بعد مرور 300 يوم على حرب الإبادة الجماعية فإننا نود التأكيد على ما يلي:
* أولاً: نكرر ونعيد ونزيد استنكارنا وإدانتنا الشديدة لجريمة الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ضد شعبنا الفلسطيني وكذلك الجرائم المتسلسلة والملحقة بجريمة الإبادة، كما وندين جرائم القتل والإبادة التي ينفذها الاحتلال ضد المدنيين والنازحين والأطفال والنساء وضد المنازل السكنية الآمنة، وندعو كل دول العالم الحر والمنظمات الدولية إلى إدانة جريمة الإبادة والجرائم الملحقة بها والجرائم ضد الإنسانية.
ثانياً: نحمل الاحتلال "الإسرائيلي" والإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية العميقة التي تولّدت في قطاع غزة نتيجة حرب الإبادة الجماعية، والتي قدمت خلالها الإدارة الأمريكية الدعم الكامل والمفتوح للاحتلال لارتكاب هذه الجريمة، والتي أريقت فيها دماء أكثر من 140,000 ضحية من الأبرياء المدنيين والأطفال والنساء والنازحين، ونطالب الإدارة الأمريكية بوقف إمداد الاحتلال بالصواريخ والقنابل لقتل المدنيين والأطفال والنساء.
ثالثاً: نطالب المجتمع الدولي وكل المنظمات الأممية والدولية بالضغط على الاحتلال لوقف هذا العدوان الوحشي ووقف جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لليوم الثلاثمائة على التوالي دون توقف، ودون جهود حقيقية وفعلية وجدية يبذلها المجتمع الدولي نحو وقف هذا القتل وهذا الإجرام المستمر والمتواصل.
رابعاً: ندعو الدول العربية والإسلامية وكل دول العالم الحر وكل المنظمات الدولية إلى الانعقاد الفوري والعاجل من أجل إعادة الحياة إلى قطاع غزة، وذلك بإعادة تأهيل القطاع الصحي والمستشفيات، والقطاع التعليمي والمدارس والجامعات، والقطاع الديني والمساجد، وكذلك إعادة الحياة إلى القطاع الإنساني والخدماتي وإلى كل القطاعات التي أعلنها مراراً عن تدميرها وخروجها عن الخدمة، وإننا نُحذر من أن يُترك قطاع غزة بهذه الصورة الكارثية على جميع الأصعدة.
خامساً: إن جريمة الإبادة الجماعية التاريخية التي تجري هنا في فلسطين المحتلة، تؤكد على المبدأ الاستئصالي والتطهير العرقي الذي يتم تنفيذه ضد شعبنا الفلسطيني بشكل واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ويؤكد على انخراط الإدارة الأمريكية في هذه الجريمة ومعها مجموعة من دول أوروبا ودول أخرى خانت الإنسانية وطعنتها طعنة غادرة، حيث مازالوا يمدون الاحتلال بالسلاح ويشجعونه على الاستمرار في الإبادة، وإن الأجيال لا يمكن أن تنسى هذه الجرائم على مدار التاريخ، وأن نهاية هذه الجرائم التاريخية سيكون التحرير والخلاص من الاحتلال "الإسرائيلي" الأمريكي على غرار ما جرى في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها من البلدان التي ناضلت حتى طردت المحتلين وأعوانهم، وتحققت حريتها لأرضها وثوابتها ومقدساتها.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
الشفاء العاجل لجرحانا الأبطال
الحرية العاجلة لأسرانا البواسل
التحية كل التحية لشعبنا الفلسطيني العظيم