مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة
يوني بن مناحيم
إن الحرب الإقليمية ضد إسرائيل ستجعل من الممكن التوصل إلى تفاهم مع العديد من دول الخليج التي لديها صراعات مع إيران. وبحسب تقييم المنظومة الأمنية، سيحدث هذا بشكل رئيسي من قبل الحوثيين
هل تستغل إيران "حربا إقليمية" ضد إسرائيل لتصفية حساباتها مع دول الخليج؟ وصلت التوترات في الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة مع انتقال إسرائيل إلى الأعمال الانتقامية الهجومية ضد المحور الشيعي بقيادة إيران. فقد هاجمت إسرائيل ميناء الحديدة في اليمن، وقتلت رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر في بيروت، وزعيم حماس إسماعيل هنية في طهران. والآن تدرك إيران وحلفاؤها أن هذه مرحلة جديدة في المعركة الإقليمية ويهددون بالانتقام المؤلم منها ورداً على ذلك، أرسلت إسرائيل رسائل لا لبس فيها مفادها أن ردها سيكون قاسيا ومطلقا.
وتزعم مصادر سياسية أن ذلك يخلق ضغوطا كبيرة على دول الخليج غير المهتمة بحرب إقليمية. وتخشى دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين، القريبة من إيران وتستضيف قواعد عسكرية أمريكية كبيرة، من هجوم إيراني. لقد تسببت الاغتيالات المنسوبة إلى إسرائيل في إذلال إيران وحزب الله في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهما يريدان الانتقام. ومع ذلك، فهم مهتمون بالانتقام المدروس الذي لن يؤدي إلى حرب شاملة. وهذا ليس بالتحدي السهل، لأنه إذا تعرض مواطنون إسرائيليون للأذى، فقد ترد إسرائيل بدمار كبير ضد حزب الله وإيران.
وفي الوقت نفسه، تقدر المنظومة الأمنية أنه في مثل هذا السيناريو لحرب إقليمية بقيادة إيران، قد يتم اتخاذ قرار بمحو منطقة الضاحية في بيروت، معقل حزب الله، ومهاجمة كل حقول النفط الإيرانية. ومن شأن هذه الخطوة أن تلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الإيراني، وبالتالي فإن الطريق إلى حرب إقليمية قصير جداً. وقد تهاجم إيران أيضا، إلى جانب حلفائها في العراق وسوريا واليمن، دول الخليج التي تربطها علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة واتفاقيات تطبيع مع إسرائيل. وتقدر إسرائيل أن إيران ستحاول الاستفادة من مثل هذه الحرب لتصفية الحسابات مع مختلف دول الخليج، وخاصة من خلال الحوثيين، مبعوثيهم الموالين في اليمن.
و بحسب مصادر خليجية، فإن اتساع رقعة الصراع يعرض المصالح الاقتصادية والأمنية لدول الخليج للخطر، وخاصة السعودية. وسبق أن أعلن حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، أن المحور الشيعي يخوض حربا مفتوحة ضد إسرائيل، بكل ما يحمله ذلك من دلالات، و رغم أن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، أدان اغتيال هنية واتهم إسرائيل بزعزعة الأمن والاستقرار إقليميا، الا أن دول الخليج تحاول الحفاظ على الحياد. ولكن في مثل هذا الوضع، فإن حتى تملق إيران لن يساعد.
وأخيرا، هناك سيناريو يؤدي فيه تصعيد الصراع إلى انضمام إيران إلى الدائرة النشطة للحرب مع إسرائيل، وترى في ذلك فرصة لمهاجمة دول الخليج السنية أيضا، والتي ترى فيها منافسين أيديولوجيين وإقليميين . وتعمل دول الخليج الآن علناً وسرية لوقف التدهور الأمني، حيث تلعب قطر دوراً مركزياً في جهود الوساطة بفضل علاقاتها مع إيران. كما وعدت هذه الدول أيضًا بتقديم مساعدات مالية لإعادة إعمار غزة بعد انتهاء الحرب، لكن هذا قد لا يكون كافيا لمنع التصعيد القريب.