مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية
خالد ابو طعمه
هكذا خان العالم العربي الفلسطينيين (مرة أخرى).
كانوا يأملون أن تؤدي الحرب في غزة إلى قطع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل. لكن العالم العربي خان الفلسطينيين مرة أخرى، كما حدث في الانتفاضة الأولى والثانية.
هل خان العالم العربي الفلسطينيين من جديد؟ بعد مرور أكثر من 10 أشهر على بدء الحرب في قطاع غزة، يبدو أن الاستياء الفلسطيني من استجابة العالم العربي للصراع آخذ في التزايد. الشكوى المشتركة للفلسطينيين: "لقد خيب ظننا إخواننا العرب مرة أخرى وخانونا". الغضب الفلسطيني موجه بشكل رئيسي ضد رؤساء الدول والحكومات العربية وليس ضد الشعب العربي. في نظر الفلسطينيين، الأنظمة العربية تقمع شعوبها وتمنعها من القتال إلى جانب الفلسطينيين ضد إسرائيل.
قمة السلام في القاهرة تكشف خلافات في الرأي بشأن الحرب في غزة
منذ بداية الحرب، انتقد الكثير من الفلسطينيين الأنظمة العربية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيما اعتبروه لامبالاة لمشاهد الموت والدمار اليومية في قطاع غزة. بل إن بعضهم ذهب إلى حد اتهام الأنظمة العربية بالتعاون مع "العدو الصهيوني". في الأيام الأخيرة، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي عدة مقاطع فيديو لفلسطينيين وهم يهينون الدول العربية وقادتها.
وفي إحداها، قال فلسطيني نجا من غارة جوية إسرائيلية في قطاع غزة: "نحن [الفلسطينيون] ندفع ثمن التطبيع [العربي] مع إسرائيل. العرب مخجلون. وبعون الله، ستدفع الحكومات العربية ذات يوم الثمن." الافتراض السائد بين العديد من الفلسطينيين هو أن معظم الدول العربية لا تريد تعريض علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة للخطر من أجل استرضاء الفلسطينيين. وفي منشور على شبكة التواصل الاجتماعي X (تويتر سابقًا)، كتب فلسطيني آخر: "لن ممسى أبدا أن قطر والأردن ومصر وغيرها من الدول العربية لم تفعل شيئا بينما كان الفلسطينيون يذبحون. عار على الجميع."
جزء كبير من الاستياء الفلسطيني موجه نحو العرب المطبيعين. ونتيجة لذلك، جاءت بشكل رئيسي المملكة العربية السعودية ودول الخليج، بالإضافة إلى مصر والأردن. علاوة على ذلك، أعرب العديد من قادة حماس والمتحدثين باسمها علناً عن خيبة أملهم تجاه الأنظمة العربية.
وقد قال أبو عبيدة، المتحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس، قبل بضعة أسابيع: "لقد أصبحت قلة حيلة [العرب] أكبر، وأصبح إحجامهم وخيبة أمل [الفلسطينيين منهم] أكثر حدة ومرارة". وبحسب أبو عبيدة فإن "طرد سفير [إسرائيلي] وقطع العلاقات مع العدو [الإسرائيلي] الذي يبيد الشعب العربي المسلم، أصبح حلم أمة عظيمة حكمت أمم العالم لمئات السنين".
ولا يخفى على أحد أن أحد الأهداف الرئيسية للهجوم على إسرائيل الذي قادته حماس في 7 أكتوبر 2023، كان إحباط جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، مما أثار استياء حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى، ورغم ذلك لم يستسلم السعوديون منذ ذلك الحين لبناء العلاقات مع إسرائيل.
في ظل غياب قطع العلاقات مع إسرائيل، فقد خان العالم العربي الفلسطينيين
وأعرب بعض الفلسطينيين عن أملهم في أن تؤدي الحرب في قطاع غزة إلى قيام الأنظمة العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بقطع علاقاتها مع إسرائيل، أو على الأقل استدعاء سفرائها من تل أبيب. ومما يثير استياء هؤلاء الفلسطينيين، الذين يعتبرون التقاعس العربي عن التحرك "خيانة"، أن ذلك لم يحدث.
ويقدر جزء كبير من الفلسطينيين المساعدات الطبية والإنسانية التي ترسلها بعض الدول العربية إلى قطاع غزة. لكن هؤلاء الفلسطينيين كانوا يأملون أن يتخذ إخوانهم العرب إجراءات جذرية لوقف "العدوان" الإسرائيلي، بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. ونتيجة لذلك، فإن الشعور العام السائد بينهم هو أن القادة والحكومات العربية غير مهتمين بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب.
ومن المهم الإشارة إلى أن الفلسطينيين سبق أن عبروا عن خيبة أملهم من العالم العربي الذي "تخلى عنهم". كما تم التعبير عن مشاعر مماثلة في الانتفاضتين الأولى والثانية، اللتين اندلعتا في عامي 1987 و2000، على التوالي. إلى ذلك، انتقد الفلسطينيون بشدة الدول العربية لعدم وفائها بالتزاماتها بتقديم الدعم المالي لهم. وفي اجتماعات القمة العربية في العقود الثلاثة الماضية، وعد رؤساء الدول العربية بتقديم مساعدات بمئات الملايين من الدولارات للفلسطينيين. وعلى الرغم من ذلك، يدعي الفلسطينيون أنهم لم يتلقوا سوى نسبة ضئيلة من المساعدات الموعودة