الحية: طوفان الأقصى أكد أنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة ما لم يأخذ شعبنا حقوقه كاملة
حركة المقاومة الإسلامية - حماس

أكد عضو المكتب السياسي ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية لحركة حماس الأخ المجاهد الدكتور خليل الحية، أن المقاومةُ وجهت في السابع من أكتوبر، ضربةً إستراتيجيةً للعدو على المستوى الأمني والعسكري، حيث أظهرت الفشل الذريع لمختلف مكونات منظومتِه العسكريةِ والأمنية، وكبّدتْهُ خسائرَ غير مسبوقة في تاريخه، وأدرك من خلالها أن وجودَه كاحتلال لا مستقبل له، وأنّ شعبَنا مستمرٌ بجهاده ومقاومته، حتى طردِ الاحتلال عن أرضنا عاجلاً أم آجلاً.

وقال الحية بمناسبة مرور عام على معركة طوفان الأقصى، “عامٌ على بَدء طوفان الأقصى مَرَّ على فلسطينَ عامة، وغزةَ خاصة، وشعبُنا الفلسطيني يَخطُّ بمقاومته ودمائِه وثباتِه تاريخاً جديداً، بعد أن استطاعت النخبةُ المجاهدة خلال ساعات معدودة، تركيعَ الكيان المحتل وتحييدَ أهمِ فِرَقِ جيشِه، ويتركهم بين قتيل وأسير وجريح، ولا زال أبناءُ القسام وفصائلِ المقاومة، يُسطّرون أروع المعارك وهم يدافعون ويذودون عن أهلهم وذويهم”.

ملحمة بطولة وصمود
وأوضح أن هذه الملحمةُ البطولية الوطنيةُ الكبرى بدأت في الوقت الذي أصبحت فيه فلسطين قضيةً منسيةً، غائبةً عن مقررات القِمم واللقاءات، حبيسةَ الأدراج، ويسعى عدوُّنا لتحويلها من قضية شعب يناضل من أجل حريته، وإنهاء احتلال جاثم على أرضه، إلى قضيةٍ إنسانية، وتحسين حياة، ومتطلبات معيشة، بل ويسعى بكل الوسائل لتهجير هذا الشعب.

وأشار إلى أن الطوفانُ جاء والاحتلالُ يَعيثُ في المنطقة فساداً، يخترق أسوارَ شعوبِها، ويَعقدُ الاتفاقياتِ الأمنيةِ والعسكرية والاقتصادية، ساعياً لبناء تحالفات تحقق له التمكين والهيمنة، ويعملُ جاهداً لتصفية قضيتنا، من خلال تهويدِ القدسِ والاستيلاءِ على الأقصى، وتوسيعِ الاستيطان والتهجيرِ، ومواصلةِ حصارِ غزة، ويرفضُ الاعترافَ أو الإقرارَ بأيٍّ من حقوقنا الوطنية، فكان لابدَّ من استعادةِ قضيتِنا، وضربِ قواعدِ مشروعِ الاحتلال.

وشدد على أنه القضيةَ الفلسطينيةَ اليوم باتت هي القضية الأولى في العالم، وأدرك الجميعُ أنه لا أمنَ ولا استقرارَ في المنطقة، ما لم يأخذ شعبُنا حقوقَه كاملة، ونكرر ونقول للجميع لا أمن ولا استقرار في المنطقة ما لم يأخذ شعبنا حقوقه كاملة.

وبيّن القيادي الحية أن المعركةُ أزالت الأقنعةَ عن وجوه قادة الاحتلال، ورأى العالمُ طبيعةَ الكيانِ الحقيقية، فانطلقتْ حركةُ التضامنِ مع شعبنا -والتي نعبر عن تقديرنا العميق لها- في كل قارّاتِ العالمِ جميعا، وبدأت الروايةُ التي نسجها العدو الصهيونيُّ عن نفسه تتحطم.

وفي رسالته لأبناء قطاع غزة قال الحية: “أهلَنا في غزة العزة، إن التَّجليَ الأكبر لمعاني العزةِ والصبرِ والتضحيةِ، كان منكم سمة وسجية، وقد أكدتم أنكم شعبٌ ثابتٌ معطاءٌ، يقدم هذه التضحيات الجسام من الشهداء والجرحى، وهدم البيوت والمنازل والمساجد والجامعات والبنى التحتية، ويتنقل بين الخيام البالية الممزقة وينزح تحت القصف والتدمير، إلا أنكم بقيتم شعبا شامخاً عصيّاً على كل محاولات التهجير والاقتلاع، ثابتاً في أرضه ووطنه رغم ما لاقيتم من أصناف العذاب وأشكال الإرهاب، وتعرضتم لأبشع حرب إبادة، وللمجازر اليومية والتي كان آخرها مجزرتي دير البلح وجباليا الصمود الليلة الماضية”.

وأضاف: ” نتوجه بالتحية إلى أهلنا في غزة العزة في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، في النصيرات والبريج ودير البلح والمغازي، في خانيونس ورفح الصمود وكل شبر من قطاعنا الصامد الصابر، كلُّ التحية إلى أمهاتنا الصابرات المحتسبات اللواتي يرضعن أبناءهن معانيَ الكرامة، ويزرعن فيهم حب فلسطين وقيمَ العطاء والفداء، كلُّ التقدير لهذه العوائل الأبية التي أفشلت مخططات العدو بالفوضى أو التهجير”.

وتوجه عضو المكتب السياسي لحماس بالتحية والفخار لقائد الحركة رئيس المكتب السياسي الأخ المجاهد يحيى السنوار “أبو أبراهيم” وإخوانه، وقادة فصائل شعبنا المقاوم.

واستذكر الحية في كلمته الشهيد القائد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والسلام على نائبه الشهيد القائد صالح العاروري، اللذين امتزجت دماؤهما بدماء أبناء شعبهم في معركة طوفان الأقصى.

فلسطين تقاوم
وتوجه برسالة إلى أهلنا في الضفة الغربية المحتلة قائلاً: “أهلَنا وشعبَنا في الضفة المنتفضة رغم جراحها النازفة، والاستيطان الذي يمزق مُدُنَها وقُراها ومخيماتِها، وتواجِهُ بمقاومة متصاعدة، محاولاتِ التهويدِ واغتصابِ الأرض، والاغتيالات وتقطيع الأوصال، ولعل ردَّ شباب المقاومة هناك: في جنين ونابلس وطولكرم والخليل، في عملياتهم البطولية وليس آخرها العملية المزدوجة في يافا المحتلة، يقول بوضوح: هذا هو الطريق لمواجهة الخطر الداهم على شعبنا وقضيتنا ولا طريق سواه”.

وأكد أن الحركة تقف مع شعبنا في القدس مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنطلقِ معراجِه إلى السماء، حيث يحاول المحتل حسمَ الصراع، ويسعى إلى تقسيم الأقصى زماناً ومكاناً، وصولاً إلى أحلامه بهدمه وإقامة هيكله المزعوم مكانه لا سمح الله.

وأضاف: “نستذكر شعبنا في مخيمات اللجوء والشتات، التي لطالما كانت وقودَ الثورةِ والمقاومة، وحافظة على مفاتيح العودة، وها هي اليوم تَستأنف وتشاركُ في الطوفان الهادر، وتحية لشهدائها وجرحاها وعلى رأسهم الأخ أبو الأمين فتح شريف وإخوانه الذين استشهدوا من قبله ومن بعده”.

وتابع: “ولا ننسى أهلنا في الـ 48 حيث فشلت كل محاولات الأسرلة على مدى 76 عاما، وبقي أهلُنا متمسكين بأصالتهم، وكونهم جزءاً لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني، ورأينا اليوم عملية بئر السبع البطولية على طريق التحرير وزوال هذا الاحتلال”.

محور المقاومة
وفي رسالته إلى المقاومة الأسلامية في لبنان قال الحية: “نقدر ونحيي إخواننا في المقاومة الإسلامية في لبنان، الذين انخرطوا منذ اليوم الأول لإسناد غزة في معركتها، وقدموا حتى اللحظة آلاف الشهداء والجرحى، حتى تحولت الآن جبهةَ لبنان بفعل العدوان الصهيوني إلى جبهةِ قتالٍ رئيسية، ونقول لهم: إن الدم الدم والهدم الهدم، نحن معاً وسوياً، فدماءُ الشهيد القائد إسماعيل هنية، التي تعانقت مع دماء الشهيد القائد السيد حسن نصر الله ودماءِ كل المجاهدين في الميدان، تصنع فجراً جديداً لأمتنا، عنوانُه الأقصى، وطريقُه نحو القدس بإذن الله”.

وفي السياق توجه القيادي الحية بالتحية إلى إخواننا في اليمن الثائر المقاتل، حيث شكلت ضرباتُ أنصار الله، نقلةً حقيقيةً في طبيعة المعركة، فضلاً عن المَسيراتِ والمليونيات، التي ربما كانت الأضخمَ في التضامن مع شعبنا، وكانت أقوالهم أفعالاً وصواريخَ ومُسيّراتٍ تقطع آلاف الأميال، لتضرب في قلبِ مركزِ العدوِ ومدنِهِ وتجمعاتِه.

وأضاف: “على ذات الطريق، إخوانُنا في الجمهورية الإسلامية، إسناداً ودعماً لمقاومتنا وشعبنا فقد ثأروا قبل أيام لدماء قادة المقاومة، لدماء القائد الشهيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الذي قتلته الاحتلال “الإسرائيلي” على أرض إيران، ولدماء القائد الشهيد حسن نصر الله، وشاهدنا صواريخَهم شُهُبَاً تملأ سماءَ فلسطينَ المحتلة، وتعيد صياغة المشهد من جديد”.

وتابع: “كما شاهدنا المُسيّراتِ والصواريخَ العراقيةَ، التي أكدتْ أنّ العراقَ بحاضره وتاريخه مع فلسطين، وفي قلب المعركة، بما يتوفر من إمكانات وطاقات، ونرى جموعَ الأمةِ وأحرارَ العالمِ يشاركونَ في مَسيراتٍ وتظاهراتٍ ومليونياتٍ، وفي غزة سمعنا رصاصَ المجاهد ماهر الجازي على حدود الأردن مع فلسطين، وتكبيرات المجاهد حسن التركي في القدس، وهما يثأران للشهداء والأطفال والنساء، ويؤكدان أن في الأمة أحراراً يبذلون أرواحهم على طريق الجهاد والعزة والكرامة”.

وأردف: “يا أبناء أمتنا في كل مكان ونحن نقدّرُ عالياً مشاعرَكم النبيلةَ، تجاه شعبِنا وصمودِه على مدى عام كامل من طوفان الأقصى، وشعبنا ما زال ينتظر منكم المزيدَ بكلِ أشكالِ وأنماطِ التضامنِ والإسناد، بل المشاركة في معركة التحرير للقدس والأقصى فعلاً هادراً ومقاوماً في المشرق والمغرب، حتى يصل إلى مبتغاه بتحقيق النصر ودحر الاحتلال”.

ملف المفاوضات

وفيما يتعلق بلمف المفاوضات قال الحية: “لقد بذلنا عبر عام كامل، كلَّ الجهود من أجل وقف العدوان على شعبنا في غزة، ولجم هذا العدو، وإنهاءِ معاناة شعبنا، وخُضنا من أجل ذلك مفاوضاتٍ من خلال الإخوة الوسطاء في قطر ومصر وذهبنا ورحنا هنا وهناك، وأكدّنا استعدادَنا التام، للوصول إلى اتفاق يحقق وقف العدوان بشكل تام ودائم، والانسحاب الكامل والشامل من قطاع غزة، مع إعادة الإعمار وإنهاء الحصار والتوصل لصفقة تبادل للأسرى جادة، وقد رحبنا ودَعوْنا إلى تطبيق قرار مجلس الأمن 2735 بخصوص وقف العدوان”.

وأوضح أنه رغم كل المسؤولية والمرونة التي أبدتها الحركة في كل المحطات والمراحل إلا أن نتنياهو وحكومَته الفاشية كانوا يماطلون ويعطلون في كل محطة، مؤكداً أن “ما رفضناه بالأمس لن نقبله في الغد، وما فشل الاحتلال بفرضه بالقوة لن يأخذه على طاولة المفاوضات”.

وأضاف: “سنواصل جهودَنا وتحركنا على مختلف الصُعد، بالتعاون مع قوى أمتنا وحكوماتٍ صديقة على مستوى المنطقة والعالم، من أجل إنهاء الحصار ووقفِ العدوان وتوفيرِ السبل الكريمة لحياة كريمة لشعبنا، ولن نألوَ جهداً حتى نحقق ذلك كلَّه بإذن الله”.

وتابع: “سنعمل على إعادة إعمار غزةَ، بسواعد أبنائها ودعم أشقائها كما كانت وأفضل، فهناك الفِرقُ المكلفة التي تعمل في مجال الإغاثة والإيواء، ومعالجة المشاكل الطارئة بكل ما نستطيع ووفق إمكاناتنا المتاحة، وفِرق قائمة تُحضر المشاريع لإعادة الإعمار وإزالة آثار العدوان إن شاء الله تعالى”.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023