عام مضى على "معركة طوفان الأقصى" البطولية التي خاضتها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس وكتائب القسام من خلال عمل عسكري مهني شهد له العدو والصديق وحققنا عبره أروع الملاحم وكبدنا ألوية ونخب العدو هزائم مدوية ومُذلة.
لقد أخرجنا في المقاومة في اليوم الأول من معركة طوفان الأقصى فرقة غزة عن الخدمة وقتلنا وجرحنا المئات من الضباط والجنود الصهاينة وأسرنا ما أسرنا منهم بكل جرأة وقدرة وبسالة.
كل التجهيزات الهندسية والجدران الاليكترونية وأجهزة المراقبة التي أنفق عليها نتنياهو وكيانه الهش مليارات الدولارات فوق الأرض وتحتها عند السياج الفاصل شرق وشمال قطاع غزة انهارت تحت أقدام مقاتلينا الذين طهروا رفقة إخوانهم في القسام عشرات المواقع العسكرية وقتلوا وأصابوا المئات من الضباط والجنود.
لقد رأت الوية ونخب العدو وجوه مجاهدينا عن قرب كما وعدناهم مِن قبل، واشتبكنا معهم من مسافة الصفر، وأثخنا فيهم الجراح، ورأينا في عيونهم الخوف وفي أدائهم التخبط حتى قصفوا بالدبابات والطائرات جنودهم ومستوطنيهم كما حدث في ريعيم وبيئيري وغيرها.
لقد قابلنا فرق العدو المتقدمة عسكرياً بعديدها الذين جاءوا بمئات الآلاف لقطاع غزة لإنهاء المقاومة بكثير من الصمود والثبات والإيمان بمعية الله معنا وهذا ما لمسناه في الملاحم المُعجزة والميدان الذي شهد لمقاتلي السرايا والقسام والمقاومة.
ما ظهر في الميدان من تكتيكات ومهارات وقوة في أداء مجاهدي سرايا القدس هو نتاج تراكم خبرات لمعارك عديدة خضناها باقتدار ضد العدو الصهيوني في العقد الأخير وارتقى خلالها خيرة قادتنا ومجاهدينا.
لقد أثبتنا في "طوفان الأقصى" أن الكيان الصهيوني قابل للهزيمة وبرهنا كمقاومة بأقل الإمكانيات هشاشة ووهن العدو وجيشه وهذه رسالة يجب أن تلتقطها ترسانات العرب العسكرية.
القوة الصاروخية في سرايا القدس وعلى مدار عام كامل واصلت أداءها بكل جدارة وتحكمنا بمدى النيران وفق خطط ميدانية أعددناها وما زال في جعبتنا ما يمس بهيبة الجيش الصهيوني.
دماء الشهداء من أبناء شعبنا ومجاهدينا قادةً وجند، والصمود الأسطوري لحاضنتنا الشعبية، وجبهات المقاومة التي يشعلها أحرار أمتنا، كلها عوامل تمدنا بطاقة هائلة للقتال والصبر حتى النصر.
إن ما يجري في جبهة لبنان هو إفلاس صهيوني جديد وقفزة في الهواء سيكون من خلالها انكسار جديد لقيادة العدو التي بدأت تُستنزف وتدفع الأثمان قتلاً وهجرةً وتشريداً على يد الأبطال في حزب الله.
نشد على أيدي شعبنا اللبناني الشقيق وإخوتنا الأعزاء في حزب الله الذين مازالوا معنا في طوفان الأقصى كتفاً إلى كتف في جبهة إسناد لن تنسى من قاموس الإسلام والعروبة والانتماء الصادق لقضية فلسطين ومشروع تحريرها الأكيد بعون الله.
إن وحدة الساحات التي نادينا بها وعمدنا طريقها بمداد من دماء قادتنا الأبرار هي نافذة الآن في الميدان من جديد ويشارك فيها محور المقاومة كل بجهده ودوره في معركة تحقق انكفاءات متواصلة للعدو.
إن قيام القادة الصهاينة بتشويه فكرة المقاومة عبر تظهير افتراءات أمام المنابر الدولية لا رصيد له أمام حقيقة أننا سحقنا العدو وجيشه في غلاف غزة بأقل الإمكانيات.
إن الوعي الصهيوني الجمعي أصبح يفكر بالهجرة العكسية وبدأت العجلة تسير فعلاً كنتيجة أولية لمعركة طوفان الأقصى البطولية وإن ارتدادات هذا الفعل الشجاع ستكون مدوية على المدى القريب.
نمتلك في سرايا القدس الآلاف من المجاهدين المجهزين المدربين الذين مازالوا إلى الآن في الميدان منذ بدء المعركة ويقومون بعمليات نوعية في جبهة جنوب لبنان التي قدمنا فيها العشرات من الكوادر والمجاهدين شهداء.
إن مشروع المقاومة يتقدم بفضل الله في كل الساحات وما جرى على أيدي تشكيلات كتائبنا في الضفة الغربية خاصة في جنين وطوباس وطولكرم ونابلس في معركة رعب المخيمات مؤخراً دليل جديد على أننا استطعنا النهوض والمجابهة بكل بسالة.
إننا نقاتل في كل الساحات وعيوننا على القدس الحبيبة التي نوجه في المقاومة لربعنا الأبطال المرابطين فيها التحية وكذلك التقدير لأهلنا في الثمانية وأربعين والشتات وفي كل مدن الضفة الغربية الذين يشكلون بحضورهم إسناداً دائماً للقضية الفلسطينية.
لقد عززت "طوفان الأقصى" من قناعة أحرار العالم بأن مسرح المجتمع الدولي وهيئاته التي تهيمن عليها أمريكا والغرب لا يعدو سوى أداة لتكريس الهيمنة والاستعمار في منطقتنا حمايةً لكيان العدو.
"طوفان الأقصى" أحيت الأمل في قلوب جماهير الأمة بإمكانية الخلاص من الاحتلال الأسوأ في العالم، واحرجت وأربكت المُنظّرين لدمج العدو في منطقتنا أمام ما يرتكبه من فظائع نازية بحق الإنسانية.
جبهات الإسناد من قوى محور المقاومة الحرة والعزيزة في إيران واليمن والعراق ولبنان وسوريا تبرهن أننا امة لم تُعدم الخيرية، وتمتلك قوة وإرادة وشجاعة تستطيع من خلالها المواجهة والانتصار وتغيير الوقائع لصالح شعوبها.
ليعلم الذين لم يناصروا شعبنا المظلوم ولم يساندوه من أبناء أمتنا أنهم ارتكبوا خطيئة الخذلان، فتحرير فلسطين والدفاع عن المسجد الأقصى ليست مسؤولية الفلسطيني وحده.
ختاماً: إن دفع الثمن عاجلاً أو آجلاً وبعيداً عن فكرة ما لدينا من أسرى أحياء أو قتلى، هو مسار إجباري للقادة الصهاينة يجب العبور منه تجاه صفقة جادة، وعامل الوقت بالتأكيد ليس في صالح العدو أو أسراه.