شكّلت قضية الأسرى الفلسطينيين، وجه من أوجه حرب الإبادة المستمرة منذ عام، في ضوء مستوى الجرائم –غير المسبوقة- التي رصدناها ووثقناها على مدار فترة الحرب، وهي كذلك تشكّل أساساً لجرائم انتهجها الاحتلال بحقّ الأسرى على مدار عقود طويلة خلالها حاولت منظومة السّجون الانقضاض على ما تبقى للأسرى من حقوق، وبقي الأسرى طوال هذه العقود في حالة مواجهة دائمة ومتواصلة من أجل الحفاظ على أدنى شروط الحياة الاعتقالية، وقد خاضوا العديد من الإضرابات والمعارك والتي ارتقى فيها الشهداء.
وقد عمل الاحتلال على استغلال تاريخ السابع من أكتوبر، لتنفيذ مخطط الإبادة الجماعية، وتعذيب الأسرى بشكل –غير مسبوق- حيث مارس كل أشكال الجرائم بحق الأسرى، بهدف قتلهم، وقد ارتقى العشرات من الأسرى والمعتقلين في سجون ومعسكرات الاحتلال بعد هذا التاريخ، ليشكّل أعداد الشهداء في هذه المرحلة الأعلى تاريخيا منذ عام 1967، وقد أعلنت المؤسسات عن هويات (40) شهيداً من الأسرى منهم (24) من معتقلي غزة، هذا إلى جانب الإعدامات الميدانية التي نفّذت بحقّ المعتقلين، وقد شكّلت جرائم التّعذيب بكافة مستوياتها، وجريمة التّجويع، والجرائم الطبيّة، والاعتداءات الجنسية منها الاغتصاب، الأسباب الأساسية التي أدت إلى استشهاد أسرى ومعتقلين بوتيرة أعلى مقارنة مع أي فترة زمنية أخرى، وذلك استناداً لعمليات الرصد والتوثيق التاريخية المتوفرة لدى المؤسسات.
وعكست الشهادات والإفادات من الأسرى داخل سجون الاحتلال التي نقلتها الطواقم القانونية والشهادات التي جرى توثيقها من المفرج عنهم، مستوى صادم ومروع لأساليب التّعذيب الممنهجة، تحديداً في روايات معتقلي غزة، وتضمنت هذه الشهادات إلى جانب عمليات التّعذيب، أساليب الإذلال – غير المسبوقة- لامتهان الكرامة الإنسانية، منها الضرب المبرح والمتكرر، والحرمان من أدنى شروط الحياة الاعتقالية اللازمة، وشكلت بعض الجرائم؛ (جرائم حرب)، ونجد أنّ الاحتلال عمل على مأسسة جرائم بأدوات وأساليب معينة، تتطلب من المنظومة الحقوقية الدولية النظر إليها كمرحلة جديدة تهدد الإنسانية جمعاء وليس الفلسطيني فحسب، وهذا ما ينطبق أيضا على قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
وفي هذا السياق نشير إلى أنّ حكومة الاحتلال المتطرفة (حكومة المستوطنين)، كانت قد صعّدت من حملاتها التحريضية لاستهداف الأسرى منذ ما قبل تاريخ السابع من أكتوبر، عبر عمليات القمع ومحاولتها سلب الأسرى ما تبقى لهم من حقوق، وكانت المرحلة التي سبقت تاريخ السابع من أكتوبر، مقدمة لنوايا حكومة المستوطنين التي دعت لإعدام الأسرى عبر وزيرها الفاشي المتطرف (بن غفير) والذي شكل عنوانا لعمليات التحريض على الأسرى لقتلهم وإطلاق النار على رؤوسهم لحل مشكلة الاكتظاظ في السّجون، وهذه الدعوة هي عنوان المرحلة التي يعيشها الأسرى فعليا في ظل وجود حكومة مستوطنين تنفذ إبادة على مرأى من العالم وبدعم من قوى دولية واضحة.