طريقٌ طويلٌ شقته كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية بالدم والصمود والبسالة في وجه آلة صهيونية نازية إرهابية، تتغذى على قتل الأبرياء والمدنيين، فيما لا تزال كتائب القسام على عهدها بعد مرور عام على يوم السابع من أكتوبر المجيد، يوم مرغت المقاومة أنف الاحتلال وأجهزته العسكرية والأمنية بالتراب.
انطلقت عملية طوفان الأقصى في الوقت الذي عمد الاحتلال فيه على تغييب القضية الفلسطينية ومحاولة طمسها إقليميًا ودوليًا، في الوقت الذي كان فيه كل شبر من فلسطين يعاني، فغزة أنهكها الحصار وجولات العدوان المستمرة، والانتهاكات الصارخة لا تتوقف في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
نسفت المقاومة في السابع من أكتوبر مخططات الاحتلال ومسارات التطبيع، وأعادت المقاومة بقوة أصحاب الحق والأرض القضية الفلسطينية لتتصدر المشهد من جديد، لتقلب الطاولة على المحتل وأعوانه وتخلط الأوراق، ولا تزال المقاومة صامدة مدافعة عن حق شعبنا رغم كل المؤامرات والدعم المفتوح للقضاء عليها وعلى القضية.
عامٌ مرَّ والمقاومة تخوض المعركة باستبسال وحكمة، ورغم كل الألم وتعمد الاحتلال تدمير الحجر والبشر والشجر، إلا أن إرادة الله ثم إيمان المقاومة والجبهة الداخلية الفلسطينية كانوا الحصن المنيع في وجه آلة الإرهاب الصهيونية النازية.
لم يكن صمود المقاومة الأسطوري في مواجهة الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة وليد الصدفة، بل هو إعداد دام على مدار سنوات، وكما استطاعت المقاومة مباغتة العدو في أكبر عملية خداع استراتيجي في تاريخ الصراع مع المحتل، نجحت كذلك بوضع تكتيكات عسكرية وخطط استراتيجية قادرة على مقارعة آلة الحرب والدمار.
سجلت المقاومة على مدار عام كامل الآلاف من العمليات النوعية، وقدرة كبيرة على التكييف مع ظروف الحرب الصهيونية، فيما كثَّف الاحتلال من مجازره بحق المدنيين، وسياسة التجويع والتهجير كي يخفي عجز جيشه المهزوم.
توقع المحتل وحلفاؤه من حول العالم أنهم قادرون على القضاء على المقاومة، لكنهم تفاجؤوا بصمود وبسالة وشجاعة وذكاء لم يعهدوا له مثيلا، ما أدى إلى اعتراف المحتل – مرغمًا – أن المقاومة وحماس فكرة لا تموت، وأن أصحاب الأرض باقون رغم عنجهية الاحتلال ونازيته.
تنوعت تكتيكات المقاومة خلال معركة طوفان الأقصى على مدار عام، إذ قادت المقاومة المعركة بحكمة، واستخلصت الكثير من الدروس على مدار المواجهات مع العدو، فأصبحت كمائن المقاومة رعبًا وكابوسًا يطارد آليات المحتل وجنوده في كل شبر من قطاع غزة.
وفي الوقت الذي اعتقد جيش الاحتلال أنه سيطر على منطقة ما في القطاع، تخرج له المقاومة من حيث لا يحتسب، ما زرع في قلوبهم الرعب، وباتوا يأخذون من المجازر والقتل الجماعي وسيلة للهرب مما أعدت لهم المقاومة فوق الأرض وتحت الأرض.
وكما استطاعت المقاومة أن تفشل كل المخططات الإقليمية والدولية التي يسعى إليها المحتل، أفشلت كذلك جميع مخططات الاحتلال منذ بداية الطوفان، وذلك من خلال الصمود المعتمد على حاضنة شعبية قوية ومؤمنة بخيار المقاومة رغم التضحيات الجسام حتى النصر والتحرير بإذن الله.
الشهداء القادة
لم يكن طوفان الأقصى حدثًا عاديًا، فقد قدمت حركة حماس خلاله خيرة قادتها وأبنائها خلال عام كامل، كان أبرزهم رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس شهيد الأمة القائد المجاهد إسماعيل هنية، ونائب رئيس الحركة الشيخ المجاهد صالح العاروري، اللذين اختلطت دماؤهما بدماء القادة والمقاومين وأبناء شعبنا الفلسطيني على طريق القدس والأقصى والتحرير.
اعتقد الاحتلال الغاشم أن عمليات الاغتيال لقادة المقاومة ستكسر شوكة المقاومة، أو تجعلها تقدم تنازلات، لكن لم يعلم أن هذه الحركة كما قال شهيد الأمة في آخر كلماته “إذا غاب سيد قام سيد”، فهي حركة ولادة للقادة والمجاهدين، وقد أثبت ذلك على طول تاريخ الصراع مع المحتل، كما أن دماء قادتنا ليست أغلى من دماء أبناء شعبنا، فالدرب واحد نحو الأقصى، ونحو التحرير بإذن الله.