بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم
بيان صحفي
لليوم الثاني والثمانين بعد المئة الثالثة، لا يزال الاحتلال الصهيونازي يُمعن في تصعيد كلّ أشكال حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا في قطاع غزَّة، ولليوم الثامن عشر على التوالي يواصل تشديد الحصار المطبق على محافظة شمال قطاع غزَّة، وخاصة في جباليا وبيت لاهيا، مرتكباً أبشع جرائم الحرب المركّبة، ضد المدنيين العزَّل في بيوتهم وضدّ النازحين في مراكز الإيواء وخيام النازحين في المدارس.
يرتكب الاحتلال الصهيوني في شمال قطاع غزَّة بكل وحشية وانتقام من شعبنا الصامد الثابت على أرضه بعد أكثر من عام من الحرب، جرائمَ مُمنهجة تقع ضمن أعمال الإبادة الجماعية، وتشمل الإعدام الميداني والقتل المتعمّد للمدنيين، والاعتقال والإخلاء القسري باستخدام القوَّة وتحت وطأة المجازر والقصف الوحشي، والتجويع، والحصار، والهجوم على المستشفيات، وقصف المنازل وتدميرها، ورفض إدخال المساعدات والوقود، بهدف تهجير شعبنا وإبادته، وخلق واقع جغرافي وديموغرافي جديد، وذلك ضمن ما بات يعرف بـ “خطة الجنرالات”.
يرفض الاحتلال الصهيوني على مدار ثمانية عشر يومياً كلّ الطلبات والمناشدات الأممية الداعية إلى إدخال الوقود للمستشفيات والغذاء والدواء، كما يرفض طلبات إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، فجثث الشهداء والجرحى في الطرقات، وسيارات الإسعاف تُمنع بالنار من الوصول إليهم، حيث أدّى ذلك إلى موت مئات المرضى والمصابين، وخلق ظروف غير إنسانية وغير مسبوقة تهدّد حياة الآلاف، ومنع أيّ فرصة للحياة لنحو 150 ألف مواطن بقوا في منازلهم، ممَّا يجعلهم عرضة للموت البطيء.
كما تحولت الممرات الممتدة من شمال إلى جنوب قطاع غزة -التي يدّعي الاحتلال أنها آمنة-إلى مصيّدة لاستهداف أهلنا، بينهم نساء وأطفال، للإعدام الميداني أو الاعتقال أو التعذيب الوحشي، ومارس الاحتلال الكذب والتضليل كعادته ووجه النازخين باتجاه طرقات محددة وقتلهم فيها.
وقد ارتقى خلال هذه المدة أكثر من 700 شهيد، دون احتساب من هم تحت الأنقاض أو لا تصل لهم سيارات الإسعاف، والعدد مرشّح للارتفاع، في ظل تصعيد جيش الاحتلال كل أنواع جرائم الإبادة الجماعية والمجازر.
آخر هذه المجازر المروّعة استهداف الاحتلال مركز إيواء تابع للأونروا بمخيم جباليا، واستهداف نازحين في شوارع بيت لاهيا واستشهاد أكثر من 12 مواطنا، والقصف الوحشي بالمدفعية والمسيّرات للنازحين، حيث ارتقى نحو 50 شهيداً في قطاع غزَّة منذ فجر اليوم، بينهم أكثر من 26 شهيداً في شمال القطاع.
أمام هذه الجرائم الوحشية التي يُمعن في ارتكابها هذا الجيش النازي ضدَّ أبناء شعبنا في شمال غزَّة وضدّ كل مقوّمات الحياة الإنسانية فيها، نؤكّد ما يلي:
أولاً: إنَّ جريمة الصَّمت العالمي تجاه الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزَّة أمام مرأى ومسمع العالم لهي وصمة عار على جبين كل الصامتين والمتقاعسين والمتخاذلين في التحرّك لوقفها، وإنَّ استمرار السكوت على دعم الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية للاحتلال بالمال والسلاح يجعلهم شركاء في جريمة الإبادة الجماعية ضدَّ شعبنا.
لذلك، نجدّد التذكير بأنَّ مصداقية المجتمع الدولي ومؤسساته الأممية وعلى رأسها مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية باتت على محكّ المواثيق والقيم التي قامت عليها، وإن عليها أن تضطلع بدورها ومسؤوليته في وقف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
ثانياً: إنَّ جرائم الإبادة الجماعية المتكرّرة التي يرتكبها العدو الصهيوني في كامل قطاع غزَّة، كأداة لتنفيذ مخططه العدواني، تتم بدعم كامل من الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية، وهو ما أكّدته فرانشيسكا ألبانيز، المقرّرة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
وهنا نقول بوضوح: إنَّ الإدارة الأمريكية التي منحت مهلة الشهر للاحتلال للنظر في آليات إدخال المساعدات بدلاً من الضغط لوقف الجرائم والعدوان على الفور، يؤكد أنها تقدم له مهلة زمنية لارتكاب الجريمة بأسوأ صورها دون عواقب، مما يعمّق من مسؤوليتها وشراكتها الكاملة في هذا العدوان وحرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا، ولن تكون بمعزل عن المساءلة السياسية والقانونية والإنسانية والأخلاقية، مهما طال الزمن.
وفي هذا السياق: ومع الحديث عن جولة جديدة لوزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” للمنطقة، التي تمثل خطوة أمريكية إضافية لتوفير الغطاء السياسي لهذه الجريمة، وفي ظل الحديث عن بحث ما يسمّى “اليوم التالي للحرب”، نجدّد التأكيد على:
• أنَّ من حقّ شعبنا اتخاذ خياراته كافة بإرادته الحرَّة المستقلة، وهو منْ يقرّر تفاصيل وأجندات اليوم التالي للحرب، والذي لن يكون إلاَّ فلسطينيا خالصاً، وليس وفق المقاس الإسرائيلي والرغبة الأمريكية.
• كما نؤكد أن شعبنا سيواصل صموده وثباته على أرضه ومقاومته هذا العدو الصهيونازي حتى تحقيق مطالب شعبنا بوقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة وكسر الحصار وإعادة الإعمار وتحقيق صفقة تبادل جادة.
ثالثاً: إنَّ العجز العربي والإسلامي عن التحرّك العملي والجاد لوقف المذبحة المستمرة ضدَّ أبناء شعبنا منذ عام كامل -على الرّغم من حجم بيانات الإدانة والاستنكار الصادرة -شجّع العدو الصهيوني على مواصلة حربه وعدوانه دون توقف، فالمطلوب اليوم هو استخدام مقدّرات أمتنا التي تؤلم هذا العدو وتكبح إرهابه ومخططاته العدوانية التي لن تتوقّف عند حدود فلسطين.
رابعاً: نطالب الدول العربية والإسلامية بالدعوة لانعقاد مجس الأمن الدولي بشكل عاجل، والضغط لصدور قرار دولي بوقف العدوان وحماية شعبنا، من المجازة الصهيونية.
كما نطالب الأمين العام للأمم المتحدة بتوجيه دعوة عاجلة لوقف الإبادة الجماعية في المنطقة الشمالية من قطاع غزة.
خامساً: نجدّد دعوتنا لجماهير أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في كل العالم، من أجل تصعيد وتفعيل كل أشكال حراكهم الجماهيري، في كل العواصم والساحات، والمشاركة الفاعلة في الضغط على الإدارة الأمريكية وكل الدول الداعمة والمؤيدة للاحتلال، عبر حصار سفاراتهم حول العالم لفضح دعمهم الاحتلال وتجريم سياستهم، وحشد كل الطاقات لإجبار الاحتلال الصهيوني على وقف جرائم القتل والقصف والتجويع والتهجير في كل قطاع غزَّة، وفي شمال القطاع على وجه الخصوص.
أخيراً .. إن العالم الذي يقف خاشعاً عند ذكر جريمة الهولوكوست التي لم يرها، عليه أن يجيب اليوم عن موقفه من الهولوكوست الجديد الذي يراه في بث حي ومباشر.
الرَّحمة والمجد والخلود لشهداء شعبنا الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى والمرضى، والحريَّة للأسرى والمعتقلين، والنصر لشعبنا ومقاومتنا.
وإنّه لجهادٌ، نصرٌ أو استشهاد