في مثل هذا اليوم من ديسمبر العام المنصرم وفي ذروة الحرب الإسرائيلية الظالمة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وقفنا في باحة مجمع الشفاء الطبي وكنا أيضا نرتدي هذه الستر البرتقالية، حينها أعربنا عن مخاوفنا وحذرنا من انهيار جهاز الدفاع المدني بأكمله نظراً لشراسة التدمير والقتل الذي لم يشهد مثيله الشعب الفلسطيني من قبل وعبرنا عن مخاوفنا من تدمير جهازنا الإنساني واستهداف عناصره وإفراغه من عمله وتحييده عن رسالته، لكننا اليوم وبعد 430 يوما من الحرب حصل ما خشينا وحذرنا منه، وأصبحنا فعليا بلا مقومات عمل ولحق بجهازنا الخدماتي تدميرا كبيرا.
إن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة يمر هذه الأيام بالمرحلة الأصعب منذ تاريخ إنشائه منذ عام 1994 في ظل تآكل الكادر البشري وتدمير المعدات والآليات.
لقد فقدَ جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة خلال هذه الحرب 89 كادرٍ من العاملين الميدانيين من أصل 314 كادرٍ ميداني، وأصيب 304 آخرين، كما اعتقل جيش الإحتلال الإسرائيلي 22 عنصرا، وفقدنا فقدا كليا 40 مركبة إطفاء وإنقاذ وإسعاف من أصل 72 مركبة، مما أحدث عجزا كبيرا في مستوى الإستجابة الإنسانية.
إن الإحتلال الإسرائيلي منذ أن شنّ هذه الحرب على أبناء شعبنا يتعمد عن سبق الإصرار استهداف أجهزة الخدمة الإنسانية من أجل إضعافها وجعلها عاجزة عن تقديم الخدمة الضرورية للمواطنين.
و لم يتوقف الإحتلال الإسرائيلي عند هذا الأمر من الإستهداف والتدمير ؛ بل لا زال ينتهج سياسة منع وصول الوقود للدفاع المدني ويمنع إدخال قطع إصلاح مركباتنا بعد أن دمر مخزوننا من الأجهزة و المعدات والتي تقدر بنحو (مليون وثلامائة ألف دولار)؛ مما أدى إلى تفاقم وتعميق حالة العجز وتشعب العقبات امام أداء واجبنا، وأضعف عمليات الإستجابة الإنسانية، وزاد في عدم مقدرة طواقمنا على تنفيذ عمليات إنقاذ الجرحى والأحياء في الأماكن والمنازل التي تستهدفها طائراته ومدفعياته.
لقد وصلنا إلى مرحلة تقود فيها طواقمنا مركبات الإطفاء والإنقاذ بالدفع اليدوي لتستجيب لنداءات المواطنين، وقد شاهد العالم ذلك عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي أثر على سرعة التدخل الإنساني.
*اليوم هو العاشر من كانون الأول/ ديسمبر فيه تحتفل دول العالم بما يسمى "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وفي هذه المناسبة ننادي بصوت المطالبين بتطبيق حقوق الإنسان ونقول: أيها العالم الحر يا من تنادون وتطالبون بحقوق الإنسان، يا أصحاب الضمائر الحية، إننا منذ أربعة عشر شهرا نتعرض لإبادة جماعية والى تطهير عرقي في قطاع غزة ولم يلتفت إلينا أحد من هذا العالم الذي يتغنى بحقوق الإنسان، أما آن الأوان لتتحركوا لوقف عمليات القتل والحرق والتدمير والإبادة الجماعية أما آن الان بعد قتل أكثر من 60 الف شهيد ومفقود بينهم أكثر من 6000 إمرأة و أكثر من 14000 طفل، وإعاقة أكثر من 23000 مصاب وآلاف ممن فقدوا والديهم وهم الآن بلا أم او بلا أب ومن هنا:*
أولا: نحذر بأن جهاز الدفاع المدني على مقربة من إعلان تحييد خدماته الإنسانية وخروجه عن الخدمة في كافة محافظات قطاع غزة، وهذا يعني أن نحو 2 مليون و400 ألف مواطن في القطاع سيفتقدون إلى التدخلات الإنسانية.
ثانيا: نحمل الإحتلال الإسرائيلي والإدارة الإمريكية تداعيات استمرار هذا العدوان وترك أبناء شعبنا الأعزل بلا استجابة وتدخل إنساني.
ثالثا: يا أيها المجتمع الدولي والعربي ويا أصحاب الضمائر الحية لقد آن الأوان للتضامن مع شعبنا الفلسطيني في كل الساحات والسفارات من أجل إنهاء الحرب على غزة وإنهاء المعاناة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الممارسات والعدوان الإسرائيلي، وإيقاف هذا الشلال من دماء الأبرياء قبل أن نصل إلى مرحلة اللاعودة من الكوارث الإنسانية في قطاع غزة. وعليكم أن تدركوا أن الإحتلال الإسرائيلي لا يعنيه استمرار الخدمة الإنسانية في أي مكان بقطاع غزة، فقد عطل عملنا كليا في محافظة شمال القطاع منذ منتصف اكتوبر الماضي، ونحذر من أنه يسعى لتعطيل عملنا بشكل كامل في باقي المحافظات.
رابعا: نطالب المنظمات الإنسانية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل إدخال الوقود للدفاع المدني في قطاع غزة وإدخال المعدات اللازمة من أجل إسعافه وإبقاء عمله مستمر، ونحمل الإحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات عدم إمدادنا بالوقود وبمعدات الإنقاذ والإطفاء واستهداف طواقمنا ومركباتنا. > Muath Al Fudailat: خامسا: نطالب بوقف فوري ودائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية والعمل على وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق إلى جميع الأطفال والأسر المحتاجة، والإسراع بفتح جميع المعابر، بما في ذلك السماح بدخول ما يكفي من الوقود والمواد اللازمة لتشغيل مركبات الدفاع المدني وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية.