يوجد في غزة أناس أصبحوا أكثر ضعفًا وجوعًا ومرضًا

نير حسون

هآرتس

الوضع الانساني في غزة يتفاقم. في الشمال انهارت كليا منظومة الصحة؛ في الجنوب تستمر اعمال نهب الغذاء والمعدات؛ مئات آلاف النازحين يعانون من البرد وغرق الخيام. في نهاية الاسبوع الماضي، للمرة الاولى بعد بضعة اسابيع، سمح الجيش الاسرائيلي لبعثة الامم المتحدة بدخول المستشفى الاندونيسي في شمال القطاع، المنطقة التي تتعرض للهجوم منذ ثلاثة اشهر تقريبا. هذا المستشفى هو المستشفى الوحيد الذي يعمل هناك بعد أن قام الجيش الاسرائيلي في نهاية الاسبوع الماضي باخلاء مستشفى كمال عدوان.

اعضاء البعثة، اعضاء وكالة “اوتشا” التابعة للامم المتحدة وممثلون عن منظمة الصحة العالمية، نشروا بأن الوضع في المستشفى صعب ولا توجد فيه الشروط الاساسية لعلاج المرضى، ضمن ذلك الكهرباء والمياه وآلية النظافة. جونثان فيتل، رئيس اوتشا في المناطق، قال في فيلم الفيديو للامم المتحدة بأنه في الاشهر الاخيرة قدمت الامم المتحدة 140 طلب للجيش الاسرائيلي من اجل زيارة المنطقة، لكن جميعها تم رفضها. “لا يوجد للناس طعام وماء ونظافة. ما زال يوجد اناس في المنطقة، وما زال يوجد اناس في جباليا وهم بحاجة الينا كي نصل اليهم من اجل توفير لهم الاحتياجات الاساسية جدا من اجل البقاء”. 

لا أحد يعرف بالتأكيد كم هو عدد السكان الذين بقوا في المنطقة المحاصرة في الشمال. حسب تقدير الامم المتحدة يوجد هناك 10 – 15 ألف مدني. العضوة في البعثة التي تحدثت مع نازحين في المستشفى الاندونيسي، الذي انتقلوا اليه بعد اخلاء مستشفى كمال عدوان، قالت إن “كثير من السكان يرفضون حتى الآن ترك منطقة الشمال. “توجد لهم عائلات هنا، اصدقاء، وهم يقولون بأنه يجب عليهم البقاء”.

بعضة الامم المتحدة اخذت معها من المستشفى الاندونيسي عشرة مرضى في حالة صعبة، الذين تم نقلهم يوم السبت من مستشفى كمال عدوان. الهدف كان نقلهم الى مستشفى الشفاء في غزة، ولكن في الطريق اوقف الجيش القافلة واعتقل اربعة مرضى من بين العشرة.

رئيس منظمة الصحة العالمية، تادروس غفرياسوس، كتب في صفحته في تويتر أمس: “المستشفيات في غزة اصبحت مرة اخرى ساحة حرب، وجهاز الصحة يتعرض لتهديد خطير. مستشفى كمال عدوان خرج عن الخدمة في اعقاب الاقتحام والاخلاء القسري واعتقال مديره، الدكتور حسام أبو صفية. المرضى في حالة حرجة تم نقلهم الى المستشفى الاندونيسي، الذي لا يعمل بسبب الفوضى المستمرة في القطاع. غفرياسوس طلب اطلاق سراح الدكتور أبو صفية ووقف الهجمات على المستشفى.

أول أمس وصلت شهادات من معتقلين محررين بأن الدكتور أبو صفية معتقل في سديه تيمان. وحسب قول ابنه فهو يعاني من التنكيل والاهانة. عضو الكنيست احمد الطيبي توجه الى وزير الدفاع وطلب منه أن يزور الدكتور أبو صفية في المعتقل. الطيبي قال عنه بأنه “طبيب شجاع، قتل ابنه ابن الـ 15، بعد ذلك اطلقوا النار على المستشفى وأصابوه، هو بقي هناك مع الطاقم ومع المرضى. هذا قرار شجاع. في النهاية خرج الى الدبابة وتم اعتقاله. الآن هو يوجد في سديه تيمان، وهناك طلب دولي لاطلاق سراحه. لماذا؟ لأنه في سديه تيمان الاطباء يتم قتلهم. الدكتور البطش، جراح العظام، اعتقل وتم تعذيبه وتوفي. اليوم أنا طلبت من وزير الدفاع اطلاق سراحه”. 

حسب اقوال نشطاء انسانيين ايضا في جنوب القطاع، حيث يوجد هناك معظم سكان قطاع غزة، الوضع يتفاقم. في يوم الجمعة ويوم السبت لم تدخل الى المنطقة أي شاحنة مساعدات. واثناء توزيع المواد الغذائية على النازحين في يوم الجمعة تم نهرب شاحنة مواد غذائية، 200 رزمة أخذها سارقون ولم تصل الى هدفها. في اليوم التالي تمت سرقة 2 صهريج وقود تابعة للاونروا. أول أمس تم ادخال خمس شاحنات من كرم أبو سالم و65 شاحنة من المعبر الذي يوجد في وسط القطاع، لكنها نصفها تقريبا تمت سرقته في الطريق ولم تصل الى نقاط التوزيع

حسب اقوال مصادر دولية فان الانهيار الاجتماعي واعمال السطو والنهب تزداد. “العصابات تتعزز وتصبح عنيفة اكثر، ونحن لا ننجح في الوصول الى السكان بسبب عدم الأمان”، قال ناشط انساني في جنوب القطاع. وزارة الاعلام الفلسطينية نشرت بيان يهاجم منظمة برنامج الغذاء العالمي بذريعة أن شاحنات هذه المنظمة التي تم ارسالها أول أمس لم يتم تنسيقها جيدا، وأن رجال حراسة هذه القافلة تسببوا بموت اثنان من المدنيين. في بيان برنامج الغذاء العالمي جاء: “خلال اسبوعين تقريبا كل حركة المساعدات في معابر الجنوب ووسط غزة أدت الى عنف ونهب وموت مأساوي في اعقاب الهجمات وغياب القانون والنظام على طول مسارات القوافل داخل غزة”.

وضع النازحين في الجنوب تفاقم بسبب عاصفة الشتاء. في جنوب القطاع يوجد تقريبا 1.7 مليون شخص، معظمهم في الخيام واماكن ايواء مؤقتة. بعض الخيام غرقت بسبب الامطار، والنازحون يعانون من البرد ونقص الطعام. “الجو بارد جدا ولا توجد أي طريقة لتدفئة الجسم. السكان قاموا باحراق الاثاث كي يطبخوا وخيام كثيرة تضررت، توجد ثقوب في الخيام التي مرت سنة عليها. ايضا منظومة الصرف الصحي لا تعمل. الناس يعيشون في خيام غارقة في مياه المجاري”، قال الناشط الانساني واضاف. “لا يوجد ما يكفي من الطعام، الناس مرضى، لكن لا يوجد في المستشفيات وسائل للتعقيم، والمرضى يصابون بالعدوى، توجد هنا شريحة من الناس اصبحت اكثر ضعفا وجوعا ومرضا”.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023