في شيلون
يديعوت أحرونوت
هناك حجتان مركزيتان يستخدمهما دعاة استمرار الحرب في غزة، على الرغم من أن الإمكان الوحيد لإعادة المخطوفين هو التوصل إلى صفقة تنهي الحرب. الحجة الأولى هي، حسبما قال بتسلئيل سموتريتش لعائلات المخطوفين، إن الحرب في غزة ضرورية من أجل ضمان عدم تكرار 7 أكتوبر من جديد. أمّا الحجة الثانية الأقل وضوحاً، لكنها منتشرة وسط المطالبين باستمرار المعارك، فهي: أن الجنود الذين قُتلوا يفرضون علينا استمرار الحرب إلى أن يتم القضاء على آخر عنصر من "حماس"، وإلّا فإن موتهم سيذهب هباء.
هاتان الحجتان غير صحيحتين، ولا تتطابقان مع الواقع. أولاً، لأن "حماس" مدمرة منذ شهور طويلة. وبعد أكثر من عام على الحرب، التي دمرنا خلالها غزة بصورة غير مسبوقة، لم يعد لدى "حماس" قدرة على مهاجمة إسرائيل. ثانياً، ونظراً إلى أن "حماس" عندما كانت في ذروة قوتها، كان في الإمكان منع 7 أكتوبر، لو كان الجيش والاستخبارات مستعدَّين.
وفي الواقع، إن الحرب التي تجري في غزة في الأشهر الأخيرة هي حرب من دون منطق، ولا معنى، وفي كل أسبوع، يسقط لنا مزيد من الجنود. تلاحق إسرائيل مئات معدودات من عناصر "حماس" من الذين بقوا في الميدان، في مطاردة سيزيفية لا تنتهي، وهدفها الوحيد تدمير "حماس" حتى العنصر الأخير.
لكن ليس هناك أيّ حرب في العالم تطمح إلى القضاء على العدو جسدياً حتى آخر عنصر. ومثلما عرفت إسرائيل كيف توقف الحرب في الشمال، بينما كانت كفتها هي الراجحة، على الرغم من أنها لم تقضِ على عناصر حزب الله كلهم، فإنها يجب أن تتصرف هكذا أيضاً في الجنوب. بالإضافة إلى ذلك، فإذا كان هناك عامل يمكن أن يشجع على محاولة تكرار 7 أكتوبر، فهو تحديداً، استمرار الحرب. لأنه كلما ازداد عدد القتلى من سكان غزة من غير عناصر "حماس" ضمن إطار "الأضرار الجانبية"، التي تتسبب بها الحرب، فإن الكراهية ضدنا ستزداد عمقاً.
بعد عدة أعوام، سيظهر في غزة أشخاص يريدون الانتقام
أدرك الغزيون في نقطة معينة من الحرب أن "حماس" جلبت لهم "كارثة"، ويمكن استخدام ذلك من أجل استبدال "حماس" بطرف آخر. لكن إذا استمرت إسرائيل في القتال أكثر من عام وشهرين، بينما انهارت "حماس" فعلاً، وأصبح الوضع في غزة كارثياً من جميع النواحي، من الواضح أنه بعد عدة أعوام، سيظهر في غزة أشخاص يريدون الانتقام. لا يهمّ ما إذا كانوا سيسمّونهم "حماس"، أو أيّ اسم آخر. ولذلك، فإن الادعاء أن استمرار الحرب يهدف إلى منع 7 أكتوبر هو ادعاء مضلل.
علاوةً على ذلك، فإن استمرار الحرب يُلحق مزيداً من الضرر بالتماسك الاجتماعي، وانضباط الجنود المنهكين، وبالاقتصاد، وإمكان إيجاد حلّ سياسي حقيقي لغزة. وغنيّ عن القول إنها تتسبب بمقتل المخطوفين الذين لا يعرف أحد متى يعودون.
الحجة الثانية التي تقول إن إنهاء الحرب معناه موت الجنود الذين سقطوا فيها عبثاً، فإنها الحجة الأكثر بشاعة. الجنود الذين سقطوا هم أشخاص ذهبوا للقتال، دفاعاً عن أمن إسرائيل، ومن أجل إعادة المخطوفين. وانتهاء الحرب يعزز مساهمتهم البطولية، لأن إسرائيل ستكون قادرة على العودة إلى الحياة الطبيعية، وهذه بالضبط رسالتهم، فموتهم كان حياة لنا.
وفي الواقع، إن الحرب في غزة أصبحت أكثر حرب سياسية عرفتها الدولة. لا يوجد أيّ مبرر لها، ولا تحمل أيّ فائدة للمستقبل. وعلى الرغم من ذلك، فإنه ليس من قبيل الصدفة أن الطرفين الوحيدين اللذين يرغبان في استمرار القتال هما: الحوثيون ونحن. وعلى الرغم من الفارق الكبير بين قيادتنا وقيادتهم، فإنه يوجد قاسم مشترك: سياسة لا معنى لها، ولا أيّ هدف، ولكلٍّ من الطرفين أسبابه السياسية الداخلية.