إيال زيسر
يسرائيل هيوم
تنتهي المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بعد بضعة أسابيع، مدة الستين يوماً التي يجب أن تستكمل قوات الجيش الإسرائيلي في نهايتها انسحابها من الجنوب اللبناني.
الحكومة اللبنانية، من جهتها، لم تضيّع الوقت، فاحتجت بصوت عالٍ على "الخروقات الإسرائيلية" للاتفاق، والمقصود العمليات التي ينفّذها الجيش وهدم البنى التحتية العسكرية التي تركها حزب الله وراءه في القرى الشيعية على طول خط الحدود، وأيضاً الهجمات المحدودة في كل أنحاء لبنان لإحباط محاولات حزب الله ترميم قدراته العسكرية وتهريب السلاح إلى لبنان.
لكن يجب أن نتذكر أن الاتفاق لم يكن يهدف فقط إلى وقف إطلاق النار وانسحاب مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب الليطاني، بعكس ادعاءات لبنان، بل كان يهدف إلى تدمير القدرات العسكرية للحزب، بدءاً من جنوب الليطاني، ومواصلة ذلك في أنحاء لبنان كله، ومنع إيران من تزويده بالصواريخ الدقيقة والعتاد الحربي المتطور.
بناءً على ذلك، لم تكن المرحلة الأولى من الاتفاق اختباراً لإسرائيل، بل كانت اختباراً للحكومة اللبنانية والجيش اللبناني: هل في إمكانهما، أو هل يرغبان أصلاً في الدخول في مواجهة مع حزب الله، وأن يفرضا عليه التقيد بشروط الاتفاق؟ الجواب واضح؛ الحكومة اللبنانية وجيشها لا يريدان، وغير مؤهلَّين للوقوف في وجه حزب الله، وبالتالي، هما يسمحان له بأن يفعل ما يشاء.
والدليل على ذلك أن الجيش اللبناني نشر قواته في الجنوب اللبناني، لكنه لا يعمل على تفكيك البنى التحتية العسكرية لحزب الله، أو إبعاد "المخربين"، لا من الجنوب اللبناني، ولا حتى من المناطق الأُخرى من البلد.
يجب أن نتذكر أن حزب الله تلقّى ضربة قاسية خلال الحرب لكن لم يتم القضاء عليه، لأن إسرائيل وافقت على وقف النار، وأعطته حبلاً للنجاة، يمكّنه من الصمود.
حتى لو افترضنا أن ثلاثة أرباع الترسانة الصاروخية التي كان الحزب يملكها عشية الحرب قد دُمرت، فما زال لديه أكثر من 40 ألف صاروخ؛ وإذا افترضنا أن نحو 5000 من مقاتليه قُتلوا، يبقى لديه آلاف الناشطين والمقاتلين.
لقد قبِل حزب الله وقف إطلاق النار، وحتى الآن، لا يرد على استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي ضده. لكن في اللحظة التي يدرك أن وقف إطلاق النار أصبح مستقراً وثابتاً، سيرفع رأسه من جديد، ويبدأ بترميم قدراته العسكرية. ومن الواضح أنه لا يوجد أحد في لبنان يقدر على الوقوف في وجهه، لا الرئيس العتيد للجمهورية الذي سيُنتخب في الأيام المقبلة، ولا الحكومة الخاضعة أصلاً لحزب الله، ولا الجيش اللبناني. ومثلما هي العادة في لبنان، إذا قرر حزب الله احترام وقف إطلاق النار، فلن يكون هناك حاجة إلى جندي لبناني واحد في الجنوب اللبناني، لكن إذا قرر الحزب خرق الاتفاق والاحتفاظ بقدراته العسكرية في الجنوب اللبناني، فإن 100 ألف جندي لبناني لن يكونوا قادرين على التصدي له.
اليوم، لدى إسرائيل ميزة تتفوق فيها على حزب الله، لكن هذا قد يتغير لأنها مضطرة إلى الاهتمام بتحديات أُخرى تواجهها وتنتظرها، وهي أيضاً لا تريد خرق الهدوء في الشمال، وخصوصاً بعد بدء عودة سكان الشمال إلى منازلهم. في المقابل، حزب الله، مثله مثل "حماس"، فهو تنظيم يفكر ويعمل على مدى أعوام، وربما عقود، وتعتمد منظومة اعتباراته على الربح والخسارة بالمفهوم الغربي.
بناءً على ذلك، ممنوع على إسرائيل العودة إلى سياسة الاحتواء التي مارستها في العقود السابقة، وإلى عهد معادلات حسن نصر الله للرد والرد المضاد. ويجب ألّا تضع كل ثقتها بالجيش اللبناني، أو اليونيفيل، ولا بلجنة المتابعة الدولية من أجل تطبيق الاتفاق، التي لا تمتلك قوة، كما هو معروف.
إن الجانب اللبناني لا يقدر، ولا يريد الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، ولذلك، هو يخرقه. يتعيّن على إسرائيل العمل بقوة في كل أنحاء لبنان، حتى لو كان الثمن انهيار الاتفاق. إن السبيل الوحيد لمواجهة حزب الله، ليس من خلال التفاهمات والاتفاقات، بل من خلال استخدام القوة.