الجنرال المتقاعد: إفرايم سنيه
يديعوت أحرونوت
المصلحة السياسية، وليس الوطنية، هي التي تحكم لدى نتنياهو، وهي مصلحة البقاء في السلطة. وإنهاء الحرب يعرّض استمرار حُكمه للخطر لسببين: من الصعب المطالبة بإجراء انتخابات جديدة، أو تشكيل لجنة تحقيق، ما دامت الحرب مستمرة؛ وشركاؤه في الائتلاف يرون في الحرب فرصة للعودة إلى الاستيطان في غزة. إن إفراغ مساحات واسعة من القطاع من السكان يشجع على سيطرة عسكرية عليها، وبعدها إضفاء الطابع المدني على المنشآت العسكرية وتحويلها إلى مستوطنات. لهذا السبب، يهدد الوزراء المسيانيون بإسقاط الحكومة، إذا التزمت صفقة الأسرى وقف الحرب، ولهذا السبب، سيفعل نتنياهو كل ما في وسعه لكي لا تنتهي هذه الحرب. إذا كان في الإمكان إعادة كل المخطوفين والاستمرار في الحرب، ستُعقد صفقة شاملة لإعادة المخطوفين. وإذا كان في الإمكان الاستمرار في الحرب وإعادة قسم منهم، فستُبرم الصفقة.
انطلاقاً من هذا المنظور، يعارض نتنياهو أيّ مبادرة تهدف إلى إدخال طرف مدني ليحكم غزة، عربياً كان، أو فلسطينياً معارضاً لـ"حماس". وبهذه الطريقة، يستمر التعاون غير المكتوب بين نتنياهو و"حماس". لقد حرص نتنياهو، حتى 7 تشرين الأول/أكتوبر، على إدخال المال القطري، وامتنع من القضاء على كبار قادة الحركة، وبعد 7 أكتوبر، يمنع بقوة دخول أيّ سلطة إلى القطاع غير "حماس".
إن عرقلة صفقات المخطوفين هو الأكثر إيلاماً من بين الأثمان التي تُدفع في مقابل إطالة أمد الحرب، لكنه ليس الثمن الوحيد. اليوم، يوجد في قطاع غزة أكثر من مليونَي فلسطيني، من دون مأوى، أو مصدر رزق، وبصورة موضوعية جداً، من دون أيّ شفقة. وهذه المشكلة الإنسانية الصعبة موجودة على حدودنا تماماً، وهي تزداد تفاقماً بمرور الوقت. هذا لا يعفينا من تحمّل المسؤولية العملية عن معالجة حاجات السكان، إذا كنا مصرّين على حُكم في غزة. والمجتمع الدولي لن يقدم لنا أيّ تنازلات، بل بعكس ذلك.
إن إعادة الإعمار الحضري والاقتصادي هي الأساس الضروري لحل المشكلة الإنسانية. وحيث لا يوجد حُكم، أو إدارة مدنية، لا يوجد إعمار، والأمران مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. إن رفض نتنياهو القاطع البحث في "اليوم التالي" ومسألة كيفية إدارة غزة، مدنياً، وإعادة إعمارها، سيحكمان على إسرائيل بعزلة خطِرة، حتى الرئيس ترامب لا يستطيع إنقاذنا منها.
ونظراً إلى الوقت الضائع، سيكون من الصعب بناء آلية لإعادة إعمار غزة وإدارتها، بالاعتماد على الدول العربية، وبمساعدة المجتمع الدولي، من دون حدوث تحرّك مهم نحو إقامة دولة فلسطينية في المستقبل. والحكومة الإسرائيلية الحالية غير قادرة على الموافقة على مثل هذا الأمر، حتى لو تلميحاً إلى وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان. وهذا سبب آخر لرغبة نتنياهو في حرب لا نهاية لها، انتهى مبرّرها العسكري منذ أشهر عديدة.
وبغياب سلطة مدنية بديلة من "حماس"، وعدم وجود نهاية للحرب، تسير الحكومة، نظرياً وعملياً، نحو حُكم عسكري في غزة. وسيكون لهذا ثمن سياسي ومالي باهظ. لكن الأخطر منه، بصورة لا يمكن تصوّرها، هو الثمن الذي سندفعه من حياة جنودنا وأبنائنا وأحفادنا، إنه أكثر الأثمان المسيانية فظاعةً وثقلاً.