الحريديم يدعمون وقف الحرب من أجل الحصول على قانون تجنيد

المحلل الإسرائيلي موران أزولاي
يديعوت أحرونوت

دائماً ما كان موقف السياسيين الحريديم داعماً لاستكمال الصفقة وتحرير المخطوفين الإسرائيليين في غزة. صحيح أنهم لم يصرخوا، ولم يناضلوا، ولم يتظاهروا، وأيضاً لم يهددوا، ولم يغلقوا الطرقات، ونذكر في السياق ذاته التصريحات الغريبة للوزير يتسحاق غولدكنوبف [من حزب يهدوت هاتوراه] بشأن دعمه الاستيطان في غزة، إلّا إن التقسيم داخل الائتلاف عموماً كان واضحاً: "شاس" و"يهدوت هتوراه" كانا مع الصفقة، بعكس "الصهيونية الدينية"، بزعامة بتسلئيل سموتريتش، و"عوتسما يهوديت"، بزعامة إيتمار بن غفير، الذي استقال فعلاً من الحكومة لهذا السبب.
لكن جرى تغيير خلال الأيام الماضية، والموقف الحريدي الذي كان مسالماً، فجأة، بات حاسماً أكثر. هناك سلسلة استثنائية من التصريحات والإعلانات العلنية الموجهة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، تطالبه بالتقدم نحو المرحلة (ب) من الصفقة - ومعناها الفعلي انتهاء الحرب.
لماذا تحرك الحريديون؟ لماذا باتوا يعبّرون الآن، وبصوت مرتفع عبر الإعلام، عمّا كان يمكن قوله بصمت داخل الغرف المغلقة، مثلما جرى حتى الآن؟ يمكن صوغ الإجابة عن هذا السؤال بشكل معادلة بسيطة: دعم صفقة تنهي الحرب، في مقابل تقليل المعارضة الجماهيرية لـ"قانون التجنيد" ومنع الإعفاء من الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية.
كل مرة يُطرح فيها هذا القانون الذي ننشغل به منذ أشهر، يصبح الوضع برمته أكثر تركيباً. وطبعاً، هذا قبل الحديث عن أنه لا يوجد حتى الآن مجرد مسودة قانون تتفق عليها جميع مكوّنات الائتلاف، ويمكن التعايش معها، بالنسبة إليهم. الآن، يفهم كثيرون داخل المنظومة السياسية أن سبب تصريحاتهم الحالية هو تليين الرأي العام إزاء كل ما يخص القانون الذي يجري التعامل معه على أنه ترتيبات من أجل تنظيم التهرب من الخدمة العسكرية، ونحن وسط حرب دامية.
يفترضون في "شاس" و"يهدوت هتوراه" أنه في حال توقّف القتال، ستتوقف أيضاً الجنازات، وسيقلّ عدد أوامر تجنيد الاحتياط بشكل كبير، وستتوقف قيادات الجيش عن تقديم الشكاوى بشأن النقص في الجنوب - وهو ما سيؤدي إلى تقليل معارضة قانون الإعفاء. وبكلمات أُخرى: إنهاء الحرب هو السيناريو الوحيد الذي يمكن أن يسمح بتمرير قانون تجنيد مريح.
إنها خطة طموحة، لكن استراتيجية تحقيقها غير واضحة، لأنها تحلّ مشكلة واحدة - وتخلق فوراً مشكلة أُخرى. حتى لو حدث المستحيل، وكان من الممكن في ظروف مختلفة التوصل إلى نص قانون تجنيد مريح بفضل وقف إطلاق النار الدائم - فالحكومة ستنهار، ولن يبقى ائتلاف لتمرير القانون. فالوزير سموتريتش أوضح، ثم أكد أنه سيستقيل من الحكومة في حال لم يتم تجديد الحرب، بعد نهاية المرحلة الأولى من الصفقة، وهو ما ينطبق أيضاً على عودة بن غفير إلى الائتلاف.
تحتاج حكومة إسرائيل الحالية إلى معجزة بشأن كل ما يخص "قانون التجنيد" على الأقل. رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، لا يصغي لاستراتيجيات النواب بشأن قانون التجنيد، ويخصص وقتاً قليلاً جداً للتعامل مع التصريحات على هامش الأحداث. وفي الوقت نفسه، لا يزال مصمماً على قانون تجنيد يمكن ضبطه - وبكلمات أكثر وضوحاً: أعداد مجندين عالية وعقوبات. وبمرور الوقت، يصبح الموضوع مقلقاً أكثر لديوان رئيس الحكومة الذي يريد إنهاء هذه القضية.
بعد شهر تقريباً، وتحديداً في نهاية شباط/فبراير وبداية آذار/مارس، ستُلقي 3 أحداث دراماتيكية بتأثيرها في مستقبل الحكومة: قانون التجنيد؛ والمرحلة (ب) من صفقة التبادل؛ وميزانية الدولة. إذا استطاعت الحكومة النجاة من هذه الأحداث الثلاثة، فيمكن القول إن المعجزات تحدث فعلاً.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023