تعيين زمير رئيساً لهيئة الأركان هو القرار الصحيح

المحلل العسكري: عاموس هرئيل
 هآرتس

اتخذ في الأمس القرار الصحيح المطلوب بشأن التعيين في أحد المناصب الحساسة، وبشكل نادر، بالنسبة إلى الحكومة الحالية. سيعود اللواء في الاحتياط إيال زمير إلى الخدمة العسكرية، وسيُرفّع  إلى رتبة لواء، وسيكون رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الرابع والعشرين، بدلاً من هرتسي هليفي الذي أعلن استقالته، على خلفية 7 أكتوبر.  ويُعتبر زمير المرشح الأكثر ملاءمةً للمنصب، لكن خلال الأسابيع الماضية، مورست ضغوط سياسية كبيرة لمصلحة مرشحين آخرين يتفقون مع مطالب الائتلاف الحكومي.

 وبصورة استثنائية، أعلن مكتب رئيس الحكومة التعيين أمس، وليس وزارة الدفاع. ربما يدل هذا على علاقات القوة الحقيقية وراء اتخاذ القرار.
استلم يسرائيل كاتس منصبه في وزارة الدفاع منذ 3 أشهر، بعد أن أقال نتنياهو يوآف غالانت. ومنذ ذلك الوقت، كان هناك هدف واحد لكلٍّ من نتنياهو وكاتس دفع هليفي إلى الاستقالة، من أجل تسريع تعيين خلف له ومحاولة تحميل المسؤولية عن إخفاقات "المذبحة" للمستوى العسكري ورئيسه رئيس هيئة الأركان المنتهية ولايته. لقد استغل هليفي وقف إطلاق النار في القطاع، وفي لبنان، وصفقة تبادُل المخطوفين من أجل إعلان استقالته. وكان زمير (59 عاماً) الأكثر خبرةً، والأكثر ملاءمةً للمنصب، من بين المرشحين الثلاثة الذين قابلهم نتنياهو وكاتس (الآخران هما أمير برعام وتامير يدعي). لكن بعكس منافسَيه، لم يكن زمير جزءاً من سلسلة القيادة العسكرية في 7 أكتوبر، لأنه كان مديراً عاماً في وزارة الدفاع.

تذكّر صورة الوضع قليلاً بالأحداث التي جرت، بعد الحرب الفاشلة السابقة على نطاق أصغر، أي حرب لبنان الثانية في سنة 2006. قبل عام من الحرب، تنافس كلٌّ من دان حالوتس وغابي أشكنازي على منصب رئيس هيئة الأركان، وفاز حالوتس على أشكنازي، الذي استقال وعُيّن مديراً عاماً في وزارة الدفاع. وعندما استقال حالوتس، عاد أشكنازي إلى الجيش رئيساً لهيئة الأركان. وهو الذي قاد مهمة ترميم للجيش بصورة ناجحة إلى حد بعيد. بعد 17 عاماً، ونتيجة ظروف مختلفة، حدث إخفاق عسكري، وهذه المرة أخطر كثيراً، في غلاف غزة.

زمير ضابط في سلاح المدرعات في الأساس، شغل سلسلة كاملة من المناصب في هذا السلاح، من قائد لواء وقائد فرقة نظامية. كذلك، عمل سكرتيراً عسكرياً لنتنياهو، وكان قائداً للمنطقة الجنوبية، ونائباً لرئيس هيئة الأركان.... وخلال تولّيه قيادة المنطقة الجنوبية حتى سنة 2018، كان يشارك، إلى حد كبير، في النظريات الاستراتيجية التي فرضها نتنياهو على رئاسة الجيش، والتي انهارت بعد 5 سنوات، مع نشوب الحرب.

عندما كان نائباً لرئيس هيئة الأركان، قدّم أكثر من مرة وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر رئيسه، آنذاك، أفيف كوخافي، وفي كلمة وداعية لدى انتهاء خدمته، حذّر من قرارات تقليص الوحدات المدرعة، وتحققت توقعاته بدقة في الحرب الحالية. وفي أثناء خدمته خلال ولاية غالانت، نجح في قيادة العملية المعقدة بشأن استكمال مخازن السلاح والتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، ومع الصناعات العسكرية، في عاصفة الحرب.

عندما تولى كاتس وزارة الدفاع، أعلن زمير رغبته في الاستقالة، إلّا إنه تراجع وقرر البقاء، بعد حديث قصير مع الوزير الجديد. لكن بعكس كل المتنافسين على مركز رئاسة هيئة الأركان طوال سنوات، يبدو أنه الوحيد غير المتحمس كثيراً لتولّي هذا المنصب. فهو يعلم بعمق الأزمة التي يعانيها الجيش، والأجواء المعكّرة في القيادة العليا، والمغادرة الجماعية للضباط النظاميين من الرتب المتوسطة، والعبء غير المحتمل الذي يتعرض له سلاح الاحتياطيين جرّاء الحرب. ولن تكون في انتظاره شاحنة محملة بالميداليات في نهاية ولايته. وفي المقابل، المطلوب توظيف هائل لمواجهة المسائل السابقة التي أدى انشغال رئيس هيئة الأركان السابق بالحرب إلى عدم التطرق إليها.

في الخلفية، هناك الحاجة إلى استكمال صفقة الرهائن، يوجد 79 مخطوفاً في القطاع، بينهم عشرات الجنود، وجزء منهم في قيد الحياة، ومن المفترض أن يُطلق سراحهم في المرحلة الثانية. ويخيّم فوق هذا كله خطر تجدُّد الحرب في لبنان وغزة، مع استمرار غليان الأزمة الأمنية الصعبة في الضفة الغربية، واستمرار الاستعدادات الإسرائيلية لهجوم إسرائيلي محتمل على المنشآت النووية في إيران.

إن تولّي رئيس هيئة الأركان الجديد منصبه سيسرّع إجراء تعيينات أُخرى في قيادة الجيش الإسرائيلي. لقد أعلن قائد المنطقة الجنوبية استقالته، ومن المنتظر أن يحذو حذوه نائب رئيس هيئة الأركان، بعد خسارته المنافسة مع زمير. ويمكن الافتراض أن قائد المنطقة الشمالية سيتغير قريباً. وستدفع أوساط نتنياهو بتغيير رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وتعيينات جديدة في مناصب رفيعة المستوى. ويجب على زمير أن يثبت نفسه، لكن من المتوقع أنه لا ينوي أن يكون مديناً بأي شيء لأحد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023