قرار احتلال غزه بين تحمس نتنياهو وتحفظ زمير

عثمان بلال

باحث ومختص بالشأن الصهيوني

ازدياد المتحفظين على قرار اجتياح غزه،بارنيع وشاعر إلى جانب زمير

بحسب "وول ستريت جورنال": مسؤولون أمنيون ووزراء كبار يحثّون  نتنياهو في لقاءات مغلقه على الدفع نحو صفقة وقف إطلاق نار مؤقتة مع حماس بدلًا من توسيع القتال. ووفقًا للتقرير، فإن رئيس الموساد برنيع ووزير الخارجية ساعر انضمّا إلى "حملة الإقناع" التي يقودها رئيس الأركان زامير ضد خطة احتلال مدينة غزة وفق ما أفاد به مسؤولون إسرائيليون لصحيفة وول ستريت جورنال.

في جلسة الكابينت السياسي-الأمني العاصفة التي استمرت ست ساعات ليلة الأحد، حذّر رئيس الأركان، الفريق هرتسي (أيال) زامير، نتنياهو وعددًا من الوزراء من أن العملية قد تؤدي إلى حكم عسكري إسرائيلي في القطاع. ووفق التقرير، فقد أعرب أيضًا رئيس الموساد دادي برنيع ووزير الخارجية جدعون ساعر خلال الأسابيع الأخيرة عن تحفظاتهم على العملية في غزة. ومع زامير، أكدوا على ضرورة التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق نار تسمح بإطلاق سراح جزء من الأسرى على الأقل المحتجزين في غزة.

هذا الخلاف يعكس الشرخ بين نتنياهو وأطراف في المؤسسة الأمنية حول أهداف الحرب، وطرق إدارتها، ومستقبل القطاع. فقد اصطدم نتنياهو مرارًا مع ضباط وقادة في المؤسسة الأمنية الذين اشتكوا من عدم قدرته على تحديد هدف واضح لإنهاء القتال. ويعود الخلاف من جديد إلى السطح في الوقت الذي قرر فيه نتنياهوالمضي قدمًا في العملية رغم المعارضة الداخلية المتزايدة والانتقادات الدولية.

وبحسب مصادر مطّلعة على النقاشات، فإن الثلاثة – رئيس الموساد، وزير الخارجية، ورئيس الأركان – يعتقدون أن هناك فرصة لتسوية جزئية يمكن أن تنقذ الأرواح وتسمح بإعادة بعض الأسرى فورًا، بدلًا من مواصلة عملية قد تتعقد وتثقل كاهل إسرائيل سياسيًا، قانونيًا واقتصاديًا.

مقربون من ساعر قالوا إنه حذّر من الثمن الدبلوماسي لمواصلة الحرب، في ظل ازدياد الانتقادات الدولية على خلفية ارتفاع عدد القتلى المدنيين في غزة، مؤكدًا أن "يجب إنقاذ الأسرى ما دام ذلك ممكنًا"، حتى ولو بثمن وقف العملية العسكرية.

في المقابل، يواصل نتنياهو التمسك بالنهج المتشدد. فمكتبه رفض تصريحات حماس حول الاستعداد لصفقة واعتبرها مجرد "مناورة"، وأوضح أن شرط إنهاء الحرب هو استسلام كامل للتنظيم – إعادة جميع الأسرى، نزع السلاح، ونقل السيطرة المدنية في غزة إلى طرف ثالث، بينما تبقى لإسرائيل مسؤولية أمنية. حتى الآن لم تُعطَ وساطة واضحة من إسرائيل بشأن مقترح وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا الموضوع على الطاولة.

رغم محاولات رئيس الأركان للتأثير على القرار، أوضح مرارًا أنه سيُنفّذ التعليمات السياسية حتى لو لم يوافق عليها. في جلسات الكابينت الأخيرة، صرّح أمام الوزراء: "صباح الخير إلياهو، أنتم كابينت 7 أكتوبر، لماذا كانت قوات الجيش تدخل وتخرج طوال عامين؟".

وفي حين تستعد إسرائيل لأكبر استدعاء لقوات الاحتياط منذ بداية الحرب تمهيدًا لعملية "مركبات جدعون ب"، فإن المؤسسة الأمنية ما زالت تؤيد صفقة تدريجية وتعتقد أن "هناك وسائل أكثر ملاءمة" لتحقيق أهداف الحرب من احتلال غزة. رئيس الموساد برنيع أيد أيضًا في النقاش الأخير "صفقة جزئية"، قائلًا إنه لا يجب تفويت الفرصة لإطلاق سراح أسرى.

مصادر كشفت أن رئيس الأركان عرض في الكابينت الأول بداية أغسطس شريحة مقارنة بين خطته (حصار وغارات على غزة دون دخول شامل) والخطة البديلة التي أراد نتنياهو عرضها. ووفقًا لهذه المصادر، فقد قسّم الجيش المقترحات حسب معايير: حياة الجنود، حياة الأسرى، القوى البشرية، المشكلة الإنسانية، والشرعية الدولية. وأوضح زامير أن اقتراحه أفضل في كل المعايير، إذ يُعرّض الجنود والأسرى لخطر أقل، يقلل الأضرار بالشرعية الدولية، ويحتاج إلى قوات أقل ويخلق مشاكل إنسانية أقل – لكن غالبية الوزراء اعتبروا أن هذا لن يؤدي إلى حسم.

في قيادة الجيش هناك خشية من أن الكابينت يدفع فعليًا نحو وضع تُضطر فيه إسرائيل لإدارة غزة عسكريًا. وقالت مصادر: "رئيس الأركان يخشى من حكم عسكري. هو يفهم أنه إذا لم تسقط مدينة غزة حماس، فإن القوات ستواصل التقدم نحو المخيمات الوسطى، ما يخلق فراغًا يستوجب من الجيش السيطرة على السكان – بينما نتنياهو يأمل أن تسقط مدينة غزة حماس!

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025