الاتفاق التركي الروسي

عبدالله أمين

خبير عسكري وأمني


الاتفاق التركي الروسي

6-3-2020

لا بد من ذكر بعض الحقائق دون الخوض في القناعات والمواقف المسبقة من الاطراف المختلفة في سوريا ، فلكلٍ وجهة نظر يبررها ما لديه من معطيات والزاوية التي يرى منها الأحداث .

اما بخصوص ما تم نقول :

كل الاتفاقيات السياسية والامنية والعسكرية التي تخص الازمة السورية منذ تداخل فيها الروسي مع الإيراني مع السوري ميدانيا، تتم مناقشتها ثلاثيا قبل الاتفاق عليها ولا يقر الا ما يتفق عليه الثلاثة هؤلاء سويا.. فالكل حاضر رأيا وان غاب وفدا.

اتفاق سوتشي ٢٠١٨ كان ينص على انسحاب الفصائل كل الفصائل غرب ام ٥ و ام٤ وسحب الأسلحة الثقيلة وتامين الحركة الآمنة على محوري دمشق سراقب حلب و حلب سراق اللاذقية.

ان يكون هناك نقاط مراقبة روسية تركية في المنطقة تضمن هذا الاتفاق الموقع عليه من تركيا وروسيا وايران بموافقة الحكومة السورية.

كما نص الاتفاق على إنهاء فصيل النصرة وكل من هو على شاكلته بغض النظر عن الاسم او الراية التي يرفعها.. وهذه المهمة أوكلت لتركيا.. رضا منها وليس غصبا عنها.

الكل يعلم بما فيهم الأتراك أن هذا الاتفاق وكل اتفاقات المصالحة ومناطق خفض التصعيد ما هي إلا اتفاقات مؤقته ، الهدف منها وقف سفك دماء الأطراف كلها تمهيدا لعقد مصالحات دائمة الهدف منها عودة الدولة السورية لبسط سيطرتها على كامل الاراضي السورية.

ماطلت تركيا في تنفيذ التزاماتها في سوتشي من ٢٠١٨ حتى بداية العملية العسكرية التي بدأت لتطبيق ما تهربت منه تركيا لأسباب عدة نذكر منها اهمها وهي :

لا تريد أن تظهر تركيا في صورة العاجز امام من تدعمهم من الفصائل لان هذا سيمس بمصداقيتها أمامهم الأمر الذي سيصعب على تركيا تفعيل هذه الفصائل مستقبلا وعند الحاجة.

لدى تركيا مشكلة مع المسلحين الأجانب الذين جائت بهم للعمل في سوريا مثل الايغور والشيشان والتركستانيين والاردنيين وهم فصيل حراس الدين؛ فهم ليس لهم مكان في سوريا ودولهم لا تريد عودتهم وتركيا لا تريد أن تغامر بسحبهم الى الداخل التركي كلغم مسلح  ، يمكن أن ينفجر في اي لحظة.

رفض كثير من هذه الفصائل الانتقال إلى ليبيا للعمل هناك تحت الأمرة التركية مما زاد الطين بله عند الأتراك.

قامت الدولة السورية وحلفاؤها بتنفيذ ما عجزت عنه تركيا سلما وفق سوتسشي؛ حربا بالعملية العسكرية الحالية والتي كان هدفها المرحلي تأمين المحاور التي ذكرناها سابقا ام ٥ و ام٤ الذي لا يتم بدون سيطرة الدولة السورية على سراقب التي تشكل عقدة المواصلات الاستراتيجية التي يتقاطع فيها ام٥ و ام٤ الأمر الذي تم.

كان هدف عملية درع السلام دفع الدولة السورية وحلفاؤها شرق هذين الطريقين الى الأماكن التي كانوا يتموضعون فيها قبل بدء العملية، الأمر الذي فشلت في تحقيقه تركيا والفصائل المسلحة السورية.

خلاصة الموقف بعد اتفاقية موسكو بالأمس :

وقف إطلاق نار شامل كل منطقة العمليات، وهو وقف إطلاق نار هش، نظن ان خرقه سيكون بمبادرة من الفصائل السورية بغطاء او بدون غطاء تركي، كونه لا يخدم أهداف الطرفين، عنينا الفصائل وتركيا.

تأمين محافظة حلب وحماة بشكب كامل.

تأمين أهداف الدولة السورية بضمان حرية الحركة على محوري ام٥ و ام٤.

توسع مساحة سيطرة الدولة السورية على اراضيها في ريف حلب الجنوبي والجنوبي الغربي وفي ريف إدلب، وبقاء قواتها العسكرية منتشرة حيث وصلت وعدم انكفائها عن أي جغرافيا وصلتها حربا.

انكفاء الفصائل السورية خلف محوري ام٥ و ام٤ بمسافات تأمين مناسبة للدولة السورية.

إعادة التأكيد على ما نص عليه سوتشي من التزامات واجبة التطبيق من الجميع، ولكن اهمها تفكيك الفصائل السورية الواردة في قائمة مجلس الأمن بغض النظر عن اسمها ورايتها.

تشكل مشكلة عويصة للدولة التركية مرتبطة بكيفية تنفيذ البند السابق.

ونختم بالقول ان هذا اتفاق مرحلي الهدف منه تأمين الاجواء المجتمعية والسياسية والامنية لبسط الدولة السورية سيادتها على كامل اراضيها المعترف بها دوليا خلال فترات زمنية يعرفها المطلعين على دقائق الأمور من سوريين واتراك وايرانيين وروس.

الكاسب الأكبر مما حصل بالأمس:

السوريين وحلفاؤهم ببسط سيطرتهم على الجغرافيا التي يريدون في هذه المرحلة بأقل الخسائر.

الأتراك بوقف نزف دماء أبنائهم وجنودهم، وتخفيف قدرات بعض الفصائل المسلحة في سوريا والتي كانت وما زالت تشكل صداع للدولة التركية.

الخاسر الأكبر..

كل من حرش ويحرش وسيبقى يحرش على الصدام التركي السوري ويرى في قتل هؤلاء لبعضهم بعض مصلحة له، لا استثني احد منهم شرقا او غربا، صهاينة وامريكان او خصيان من الخلجان.

والسلام.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023