بوتين يلعب بالنار، وزعماء أوروبا في نقطة حاسمة
ترجمة حضارات

 نيويورك تايمز

ترجمة حضارات 

أطلقت روسيا طائرات مسيّرة داخل أجواء بولندا ورومانيا، واخترقت بطائرات مقاتلة المجال الجوي لإستونيا، ومرّت بمحاذاة سفينة حربية ألمانية في بحر البلطيق، ونفّذت حملة تأثير سرّية للتأثير على الانتخابات في مولدوفا. كل ذلك خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة فقط. هذه التحركات تثير قلقًا عميقًا في عواصم أوروبا، حيث يخشى مسؤولون أن موسكو تصعّد من عدائيتها، في وقت يتراجع فيه استعداد الولايات المتحدة لمواجهة روسيا تحت حكم الرئيس دونالد ترامب.

في الدول الإسكندنافية، أُغلقت مطارات في الدنمارك والنرويج بسبب نشاط غير مفسَّر لطائرات مسيّرة، ولم تستبعد رئيسة وزراء الدنمارك مسؤولية روسية. الكرملين أنكر أي صلة ووصف المخاوف بأنها "هستيريا مبالغ بها".

لكن مولدوفا تحديدًا باتت في قلب المواجهة. تُجرى هناك غدًا انتخابات برلمانية قد تحدد ما إذا كانت البلاد ستواصل التوجّه نحو الاتحاد الأوروبي بقيادة الرئيسة مايا ساندو، أم تعود إلى دائرة النفوذ الروسي. موسكو كثّفت حملات التأثير، وساندو اتهمت الكرملين بمحاولة إشاعة الفوضى عبر التمويل وعمليات التجنيد.

في إستونيا، اعترضت مقاتلات إيطالية من طراز F-35 طائرات روسية من نوع MiG-31 اخترقت أجواءها. المقاتلات الروسية أطفأت أنظمة التعريف وأجرت مناورات استفزازية. وحذّرت إستونيا أن "التوغل الروسي قد لا يتوقف عند أوكرانيا". في المقابل، هدّد وزير خارجية بولندا بإسقاط أي طائرة روسية تخترق أجواء بلاده، بينما حذّر وزير الدفاع الألماني من "الوقوع في فخ التصعيد".

الغموض حول التزام واشنطن يفاقم المخاوف. فقد انتقد ترامب الناتو طويلًا، واستقباله الحار لبوتين في قمة ألاسكا الأخيرة اعتبره مسؤولون في ليتوانيا دافعًا لموسكو لتصعيد هجماتها.

وتبقى مولدوفا ساحة أساسية. تتهم حكومة ساندو روسيا بتمويل حملات تضليل وإنفاق 100 مليون يورو للتأثير في الانتخابات. ووجّهت الاتهامات إلى رجل الأعمال المولدوفي إيلان شُور، المقيم في روسيا، بتمويل قوى موالية للكرملين. وحذّرت ساندو من أن فوز هذه القوى قد يحوّل مولدوفا إلى منصة لاعتداء روسي على مدينة أوديسا الأوكرانية.

من جانبها، تروّج روسيا سرديات كاذبة ضد ساندو، من بينها اتهامات مثيرة للسخرية مثل ربطها بجورج سوروس أو اتهامها بفرض "ديكتاتورية أوروبية". وقد أوضحت تقارير أن محتويات التضليل الروسي نُشرت ملايين المرات على المنصات منذ يوليو.

ويرى محللون أن بوتين يستخدم هذه الاستفزازات لاختبار حدود رد الفعل الأوروبي، وإضعاف قدرة حكومات القارة على التحرك بسرعة، بينما يقف الاتحاد الأوروبي أمام لحظة حاسمة بين الردع والتصعيد.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025