هل ستنجح حماس مرة أخرى باجتياز هذا المفترق الصعب

المصدر: ynet

 معضلة حماس – والثمن الذي سيدفعه على كل قرار: “إنه يعاني من عزلة وضغط عربي”

الكاتب: عيناف حلبي

منذ الإعلان عن “خطة العشرين نقطة” لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب تبثّ قيادة حماس عدم قدرة على الحسم في الموضوع. التنظيم الإرهابي يواجه الاختيار بين القبول بخطة وقف إطلاق النار الأمريكية-الدولية، التي قد تؤدي إلى تخفيف فوري للمعاناة الإنسانية في قطاع غزة، وبين رفضها، الذي سيحافظ على صورة “التمسّك بالمبادئ” لديه، لكنه قد يعرّقِل الأزمة ويمسّ بالشرعية الدولية التي حققها.

بعد أن أعربت إسرائيل عن دعمها لخطة ترامب، قال مصدر في محيط حماس لـ ynet إن “الحرب انتهت”، وإن القيادة قد توافق على الخطة الأمريكية، التي هدفها، بحسب قوله، هو أيضاً وقف الحرب وأيضاً انسحاب إسرائيل من غزة. ووفقاً لتقديره، فإن صمود حماس في السنتين الأخيرتين في مواجهة “حرب إبادة واحتلال وطرد” يُعد فشلاً لخطط إسرائيل، والآن التنظيم الإرهابي مستعد للتخلي عن الحكم، قبول رقابة دولية، التخلص من السلاح الهجومي، ونقل جزء من قادته إلى خارج القطاع.

“قبل الخطة صرّح نتنياهو بالفعل أن الهدف هو إبعاد حماس عن الحكم وتجريدها من سلاحها ومنع إعادة تنظيم عسكري من جديد، وأكّد أن الحرب فعلياً لم تجلب لإسرائيل أي إنجاز – حماس بقيت صامدة، لكنها عانت من قيود، وعزلة، وضغط من الدول الإسلامية والعربية. لقاء قيادة الدول العربية الثماني مع الرئيس الأمريكي أوصلها إلى اتفاق واحد: وقف الحرب”، أشار ذلك المصدر.

من جهة أخرى، أوضح مصدر فلسطيني رفيع أن اعتذار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمام قطر ليس صدفة. “قطر لاعب مركزي في إنهاء الحرب. ستكون حماس مُلزمة بإنهاء الحرب تحت ضغط دول عربية، وخصوصاً قطر”، قال.

أحد الأمور التي قد يؤثّر على اختيار حماس هو التهديد الذي وضعه أمامها ترامب في وقت سابق: لديكم ثلاثة إلى أربعة أيام للرد. “ننتظر أن ترد حماس بالإيجاب، وإذا رفضت الاقتراح فإن إسرائيل ستفعل ما ينبغي عليها فعله”، أوضح. قبل أن يغادر البيت الأبيض، قال للصحافيين: “لا يوجد الكثير من مجال للتفاوض مع حماس”.

السيناريوهات الممكنة تتراوح بين موافقة كاملة أو جزئية، وبين رفض. إذا وافقت حماس، يُتوقّع وقف إطلاق نار تدريجي، سيكون مشروطاً بانتشار قوات عربية أو دولية في غزة، مع تطبيق فعلي قد يستغرق أسابيع بل أشهراً. قد تجلب الموافقة تخفيفاً إنسانياً للفلسطينيين مع فتح جزئي للمعابر، دخول مساعدات، وإعادة إعمار أولية للبنى التحتية المدمّرة.

مع ذلك، قد تتّهم فصائل فلسطينية وجزء من الجمهور الفلسطيني التنظيم الإرهابي بالتخلّي عن مبادئه وبالموافقة على “الاستسلام”، خصوصاً إذا لم يتضمّن الاتفاق ضمانات لحماية الحقوق الوطنية أو السكان في القطاع. من ناحية أخرى، قد تُقوّي الموافقة مكانة حماس في الساحة الدولية، حيث ستُعرض من قبل مصر وقطر ودول عربية أخرى كمن “أنقذ الشعب” من استمرار القتال، وبالموازاة قد تضعف الخصومة مع الجهاد الإسلامي، الذي سيحاول ملء الفراغ وتقديم نفسه كبديل أكثر صموداً لطريق المقاومة.

الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي رفضتا بالفعل الاقتراح، وعلى العكس منهما، في فتح دعوا حماس إلى قبول الخطة بهدف إنهاء الحرب وتجنيب سكان غزة معاناة إضافية.


بالمقابل، إذا رفضت حماس الخطة، فستُتوقّع مواصلة القتال وقد تطول الحملة عدة أشهر إضافية. قد يؤدّي الرفض إلى فقدان الدعم الذي حصلت عليه حماس في الساحة الدولية وإلى أن تُعتبر رافضة لكل مبادرة لوقف القتال، خصوصاً في نظر مصر وقطر والعالم العربي.

مع ذلك، قد يُقوّي الرفض صورة التنظيم الإرهابي في نظر الجمهور الراديكالي وبين الفصائل، الذين يقدّرون الثبات أمام “إملاءات أمريكية-إسرائيلية”، لكنه في الوقت نفسه سيُفاقم الضغط الإنساني: ستتواصل الغارات، وسيزداد نقص الطعام والمياه والأدوية، وقد يثير ذلك احتجاجاً وغضباً تجاه القيادة. كما يحذّر مسؤولون فلسطينيون من أن الرفض قد يشعل تصعيداً إقليمياً في الضفة الغربية، وفي لبنان وربما أبعد من ذلك، كما هدّد الأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة.

سواء اختارت حماس قبول الخطة أم رفضها، فكل خطوة يُتوقّع أن تجبي منها ثمناً – في الساحة الدولية والسياسية والشعبية. في قطاع غزة ينتظر السكان جواباً يحسم بين الأمل والتخفيف، وبين الخشية من تعميق الحرب.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025