بعد طول انتظار .. تشرق شمس الحرية

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني


كم نزفتْ هذه الخنساءُ الفسطينية العظيمةُ حتى وصلتْ هذه اللحظةَ؟

قرابةَ ثلاثةِ عقودٍ، وحجّتُنا الغاليةُ أمُّ رائدٍ زلوم وهي تنزفُ ألمًا وقهرًا وشوقًا ووجدًا ولوعةً،

تقبضُ على الجمر، وقلبُها على ولدِها نضال،

تحترقُ بكلِّ ما فيها، وتعصفُ بها عواصفُ عاتيةٌ من الخوفِ والقلقِ والنقصِ من كلِّ شيء،

وكانت ترى في آياتِ اللهِ بلسَمًا وشفاءً، وبردًا يُصبُّ على لهيبِ الجمر.


تقبضُ بيديها على نارِه، ويضخُّ القلبُ المؤمنُ من نورِه وبردِ يقينِه ما يُعينُها على تجاوزِ تلك النوازلِ والأعاصيرِ الصاخبة.


أحاورُها وهي تذكُرُ اللهَ وتلجأُ إليه، فأقولُ لها:

يا حجّتُنا الغاليةُ، لا ينفكُّ أبدًا لطفُ اللهِ عن قدرِه.

هي لا تملُّ الذكرَ، وأنا لا أملُّ هذه العبارةَ.


كرّتِ السنينُ، وتوالت لياليها الثقيلةُ، وطال الفجرُ في سباتِه عميقًا، وتأخّر كثيرًا، ولكنه أخيرًا جاء على قدرٍ.


تعانقتْ هذه المسيرةُ الحافلةُ من جهادِ الأعداءِ وجهادِ السجونِ في معاقلِ الأحرار، وبناءِ الذاتِ المسلمةِ المجاهدةِ الثائرة،

مع مسيرةِ الأمِّ العابدةِ الصابرةِ المثابرةِ في معاقلِ الدعاءِ ولواءِ الحريةِ،

وموروثِها الجميلِ من شيخٍ أزهريٍّ جاء من أقصى المدينةِ ليرسي قواعدَ دعوةٍ مباركةٍ في بيتِ المقدس.


تعانقتِ الخنساءُ بولدِها المجاهدِ الذي تميّز في قلبِ السِّحرِ على الساحر،

وفي تحويلِ جدرانِ السجنِ العاتيةِ إلى جسورِ الحريةِ القادمة.


اليومَ يومُ اللقاءِ والجائزةِ،

وغدًا عند اللهِ حصادُ الدنيا الزاهرةِ بهذه الأرواحِ العالية.


تزهرُ مصرُ بهم اليومَ، وتشرقُ هناك شمسٌ باهرةٌ.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025