فرصة جديدة رغم أضرار العودة للتنسيق الأمني
بقلم ناصر ناصر
22-11-2020
من أجل النهوض والاستمرار في محاولة التوصل لمصالحة ووحدة وطنية لتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة ، ومن أجل ان يسود التعاون الوطني بدلا من التعاون مع الاحتلال لا بد من تقييم واضح لأضرار إعلان حسين الشيخ العودة للتنسيق الأمني ، أو بمعنى آخر كيف نحوّل الأزمات والمخاطر الى فرص .
الضربة التي وُجهت لمسار المصالحة من قبل تيار حسين الشيخ في فتح والذي لقي دعما من الرئيس ابو مازن ، كانت مزدوجة ، صحيح أن الجانب الأول منها وهو التوقيت كان أوضح وأكثر بروزاً في الرأي العام ، ولكن جانب المضمون هو الأخطر ، فدلالات ومعاني هذه العودة لها تداعيات واضحة على استمرار مسار المصالحة ، ومن أهم ذلك :
1. ضربة جديدة للثقة بين الطرفين واحترام الكلمة وضرورة التعاون والتشاور والشراكة ، خاصة أن الأخوة في فتح اعتمدوا في مباحثاتهم على قضية الثقة والكلمة "اللي ما بتصير كلمتين " في مسألة التزامن أو التوالي في تجديد شرعية مؤسسات الشعب الفلسطيني الوطنية كالمنظمة والسلطة ، كيف يمكن الاعتماد في تفاهماتنا على الثقة بعد الآن ؟ وقد يكون هذا هو الدرس الأهم مما حصل ، أي وجود ضمانات للتحركات والاتفاقات .
2. أما دلالة المضمون الثانية فتتعلق بطريقة اتخاذ القرار داخل السلطة والتخبط والتردد بين السياسات ، وهذا أمر خطير آخر ظهر من طريقة اتخاذ قرار العودة الى العلاقة مع الاحتلال . في السابق وتحديداً في 19-5-2020 تطلب الأمر وبحق كلمة مرتبة ومدروسة من السيد ابو مازن أمام قيادة المنظمة في رام الله " غير كافي ولكنه أفضل نسبياً "، أما قرار العودة فلم يتطلب إلا تغريدة لم يتم فيها مشاورة أحد ، وهل فعلاً ستلتزم اسرائيل بتعهداتها كما جاء في ورقة أبو ركن ؟
على هذا تسقط حكومات في أي كيان سياسي يحترم نفسه ، الأمر الغير متوفر في هذا الجزء من العالم ، ثم يقول قائل : المشكلة في التوقيت فقط وليست في المضمون ! فالتنسيق الأمني كان يسير جنباً الى جنب مع المصالحة باستمرار ، وهي مقولة صحيحة ولكنها قد تكون مضللة دون قصد ، فما نشأ في فترة ترامب يختلف عما كان قبله ، وليس شرطا ان ما حصل في الماضي هو صحيح أيضاً للحاضر ، فالظروف والمعطيات تتغير باستمرار ، والذهاب للمصالحة في ظل تنسيق أمني هو أمر اضطراري من المفترض العمل بحكمة على تغييره نحو الأفضل وعدم تثبيته كمرجعية وطنية في تحركاتنا الوطنية ، ليس هذا شرطاً للمصالحة بل موضوعاً خاضعاً للتغيير الحكيم .
3. أما دلالة المضمون الثالثة فتتعلق بالإيمان والتمسك الراسخ بالتسوية الذي ظنّ بعض الوطنيين أنه قد تزحزح ، مما شكّل دافعاً إضافياً لهذا البعض بتقديم المزيد من المرونة من أجل المصالحة الوطنية ، هذا الأمر قد تضرر أيضاً بإعلان حسين الشيخ " وهو بالضرورة قرار الرئاسة " .وهو أمر سيلقي بظلاله على أي مسار مصالحة آخر جديد .. وهو بالضرورة قادم .
هذه بعض دلالات المضمون لخطوة العودة للتنسيق الأمني أثناء حوار المصالحة .وحتى يتم قطع استمرار انتصار تيار التنسيق الأمني في الشعب الفلسطيني ، وحتى يتم منع هذا التيار من قطف ثمار نصره المهين بزعزعة المصالحة وإعاقتها لا بد من العودة الى مسار المصالحة بفهم وإدراك ورؤية مختلفة عما سبق .
أهم ملامح هذه الرؤية :
. المشكلة ليست بين فتح وحماس ، بل بين أنصار المصالحة والمقاومة من أبناء وفصائل الشعب وبين خصومها المدعومين بشكل أو بآخر من قوى إقليمية .
. تعزيز وتطوير التعاون بين قوى المصالحة والمقاومة شعبياً ورسمياً ، سياسيا واجتماعياً والانتخابات هي المدخل الأمثل لذلك .
. الملمح الثالث من ملامح هذه الرؤية : التوافق على مشروع وطني واضح المعالم من حيث الأهداف والوسائل ، وقد تكون رؤية الأخ خالد مشعل مناسبة في هذا الإطار .