شروط بايدن على السلطة وتجاهل نتنياهو رسالة ابو ركن
بقلم ناصر ناصر
24-11-2020
تعزز الأحداث والتطورات الأخيرة بأن عملية إعادة التنسيق الأمني مع اسرائيل مقابل استلام السلطة الفلسطينية أموال الضرائب لمنع انهيارها كانت مدروسة جيداً ،وقد تكون جزءاً من خطة أمريكية أشمل لترتيب المنطقة وضعها وسطاء الرئيس بايدن مع وسطاء أبو مازن كحسين الشيخ وساعد في إخراجها وسطاء وزير الدفاع غانتس بمعرفة نتنياهو ، والذي لم يكن متحمسا للأمر ، وقد لا يكون موافقاً عليه ، حيث ما زال يعاني من أعراض أزمة فقدان ترامب ، هذا ما يمكن استنتاجه بوضوح من العديد من المؤشرات وأهمها ما كشف عنه المحلل العسكري لصحيفة يديعوت أحرنوت اليكس فيشمان الجمعة 20-11 .
كشف فيشمان في يديعوت احرنوت النقاب عن تحركات الطاقم المؤقت للرئيس الأمريكي جو بايدن ، حيث قام بإرسال وسطاء للسلطة الفلسطينية وهم عبارة عن دبلوماسيين للإدارة الأمريكية السابقة لشرح وتسويق نوايا ومخططات بايدن في المرحلة القادمة ، كتجديد العلاقات الأمريكية مع السلطة ، بما في ذلك إعادة كل ما أوقفه ترامب كالدعم المالي المباشر والدعم المالي للأنروا وإعادة القنصل الأمريكي للقدس الشرقية ، مضيفا بأن طاقم بايدن درس أيضا واستعد لاحتمالية مماطلة إسرائيل في إيجاد مبنى للقنصلية في شرق القدس ، وأضاف بأن السلطة فهمت من الوسطاء أن بايدن سيفعل كل ما يمكنه وبشكل فوري لصالح السلطة ، ولكن دون تجاوز قرار الكونغرس بفرض عقوبات عليها وبشروط محددة .
قد يكون إعلان حسين الشيخ مؤشراً على تنفيذ السلطة لكافة الشروط وبشكل سريع نسبيا ، وذلك انسجاماً مع استراتيجيات وطرائق عمل الرئيس أبو مازن المعهودة في كل ما يتعلق بعملية التسوية وهي : " حل كافة وظائفه" والقيام بكل ما هو مطلوب منه- تقريبا دفعة واحدة- ثم الذهاب والتوجه الى جلسة المفاوضات ، فقد قام بكل ما عليه حيث لا يتبقى عليه سوى المطالبة ثم المطالبة بتنفيذ الآخرين بما عليهم من " الصفقة " ، وبالمناسبة هذا لا ينطبق على استراتيجيات أبو مازن في العلاقات الوطنية الداخلية ، حيث ما يجري هو العكس بصورة كبيرة .
ما هي شروط بايدن إذن ؟؟
وفق يديعوت أحرنوت ، هي ثلاثة :
1- إعلان السلطة قبولها تلقي أموال الضرائب من اسرائيل .
2- العودة للتنسيق الأمني بشكل كامل .
3- أن تقوم السلطة بإيجاد طريقة تفصل فيها ما بين " الإرهاب " ودعم عائلات الأسرى .
وأشارت يديعوت إلى أنه تم طرح تحويل عملية الدفع للأسرى كجزء من التأمين الوطني ، حيث يتم تحديد الراتب وفقاً لعدد أفراد العائلة ، وليس وفقاً لفترة أو عدد سنوات الأسر أو مدى خطورة العملية التي نفذها الأسير .
وفي نفس هذا السياق أفادت صحيفة هآرتس 18-11 بأنإسرائيل والسلطة اتفقتا على أن يتم تحديد راتب الاسير وفقاً لوضع عائلته الاقتصادي ، مما يعني بأنّ الأمر خضع للكثير من المباحثات ودراسة الخيارات .
ومع أن فيشمان في يديعوت قد اعتبر أن الوعد الأهم من قبل بايدن للسلطة هو تجميد كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية في صفقة القرن ، فإنّ منطق الأمور يشير الى أنّ بايدن يحاول أن يبيع الفلسطينيين ما كانوا قد اشتروه في ذروة إندفاعة ترامب بجهودهم ونضالهم وبإمكاناتهم الذاتية وبدعم أحرار المنطقة والعالم حيث حيّدوا خطة ترامب وأسقطوا قرار الضم المرافق لها .
أشارت يديعوت أنّ نتنياهو تردد وماطل في الرد على رسالة السلطة التي تضمنت ضرورة تعهد اسرائيل بالالتزام بالاتفاقات السابقة بل وحاول إهمالهما الى ان قرر وزير الدفاع غانتس أخذ زمام المبادرة والرد على الرسالة التي سمحت على حدّ وصف الصحيفة بنزول السلطة عن الشجرة وإعادة التنسيق الأمني مقابل إعادة الضرائب ، هذا يعني بأن الالتزام الاسرائيلي كما جاء في رسالة أبو ركن هو التزام ضعيف للغاية ولا يعبر عن حكومة الاحتلال .
هكذا تظهر تقارير متزايدة أن ترتيبات بايدن للمنطقة بدأت منذ فترة ليست بالقليلة ،وقد تكون تحركات نتنياهو وبومبيو وتحديداً اجتماعهم مع ابن سلمان في نيوم أول أمس جزءاً من رص صفوف "النظام القديم" أو من أسماهم ناحوم بارنيع بـ " أيتام ترامب " لمواجهة مرحلة بايدن القادمة ،وقد تكون أيضاً إحدى ملامح هذه الترتيبات هي وقف إندفاعة الفلسطينيين نحو المصالحة ، أو على الأقل أنّ لا تؤدي عملية المصالحة إلى إنجاز ثمارها المرجوة بتجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية الرسمية ، ومن اللافت هنا مدى أهمية المصالحة وحجمها في القرار والتوجهات الأمريكية ، وعلى الأقل وجدت السلطة قصدت أم لم تقصد ورقة ضغط قوية تساوم فيها الاحتلال والأمريكان .