حمـ ـاس تحاول إخضاع إسرائيل من جديد

مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة
يوني بن مناحيم 
​​​​​​​ترجمة حضارات
20-12-2020
تحاول حماس اخضاع إسرائيل من جديد

ترفض حماس المقترح الإسرائيلي لصفقة تبادل أسرى والذي يتضمن تطعيم سكان غزة ضد كورنا وإطلاق سراح مئات الأسرى من السجون الإسرائيلية • المفاوضات بشأن الصفقة وصلت مرة أخرى إلى طريق مسدود، وافتراض حماس العملي هو أن الضغط الداخلي في إسرائيل سيؤدي إلى خضوع المستوى السياسي والاستسلام لمطالبها.

تعتبر صفقة شاليط التي نفذت عام 2011 واحدة من النجاحات العظيمة التي حققتها حماس في صراعها مع إسرائيل، وهي مستمرة في المحاولة وجعل هذه الصفقة سابقة بحيث يجب على اسرائيل التصرف بأي صفقة تبادل مقبلة كما تصرفت في صفقة شاليط. وكجزء من هذه الصفقة التي تمت على مرحلتين، تم إطلاق سراح 1027 أسيراً فلسطينيًا مقابل جندي إسرائيلي واحد على قيد الحياة- جلعاد شاليط.

ومن هنا يشتق قادة حماس ثمن الصفقة التالية: جندي إسرائيلي "يساوي" حوالي ألف أسير، لذلك بالنسبة لهم مقابل جنديين إسرائيليين (أورون شاؤول و جثة هادار غولدين) ومدنيان آخران (أبرا منغستو وهشام السيد)، يجب أن لا يقل عن 2000 أسير.

هذا الموقف بعيد كل البعد مثل السماء عن الأرض عن الموقف الإسرائيلي وتوصيات لجنة شمغار، لكن حماس لديها الوقت وقد اعتادت على التعايش مع وباء كورونا في قطاع غزة وهي واثقة من أن الضغط الداخلي في إسرائيل سيؤدي إلى تراجع الحكومة الإسرائيلية أولاً في لعبة البوكر التفاوضية، وبالتالي الموافقة على مطالبها.

زار وفد من المخابرات المصرية، الأسبوع الماضي، قطاع غزة، وبسبب إصابة قائد حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بفيروس كورونا التقى الوفد نائبه خليل الحية. أحضر المصريون معهم اقتراحًا إسرائيليًا لكسر الجمود في المفاوضات بشأن صفقة جديدة لتبادل الأسرى، وتضمن المقترح: إغاثة إنسانية واسعة النطاق، ونقل لقاحات إلى قطاع غزة ضد فيروس كورونا، وإطلاق سراح مئات الأسرى من السجون الإسرائيلية مقابل عودة الجنديين الإسرائيليين هادار جولدين وأورون شاؤول، والمدنيان الإسرائيليان أفرا مينغيستو وهشام السيد، اللذان تحتجزهما حماس منذ أكثر من خمس سنوات.

قالت مصادر في حماس لصحيفة الأخبار اللبنانية في 15 ديسمبر / كانون الأول إن إسرائيل تجاوزت للمرة الأولى توصيات لجنة شمغار ووافقت على إطلاق سراح سجناء أمنيين، متورطين في قتل إسرائيليين، لكن حماس رفضت العرض بشكل قاطع.

لم ترد إسرائيل على هذا الاعلان وتحافظ على الضبابية، فلا توافق عليه ولا تنفيه، لكن حماس تظهر تشددًا وإصرارًا على المبادئ التي وضعتها للمفاوضات، وهي كالتالي:

أ‌- لا علاقة بين الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى الجديدة.
ب‌- يجب تنفيذ الصفقة الجديدة على مرحلتين، مثل "صفقة شاليط" وليس مرة واحدة كما تطالب اسرائيل.

في المرحلة الأولى، تنقل حماس معلومات إلى إسرائيل حول مصير الأسرى والمفقودين الأربعة مرفقة بإثباتات قاطعة، مقابل الإفراج عن كبار السن والمرضى والنساء والقصر.

وفي المرحلة الثانية، يتم الإفراج عن نحو 2000 أسير أمني، بينهم مئات القتلة، بمن فيهم قادة الفصائل، من عدة منظمات فلسطينية محكومين بالسجن المؤبد، مثل: مأمون السيد وعبد الله البرغوثي وأحمد سعدات ومروان البرغوثي وآخرين.

قالت مصادر أمنية في إسرائيل إن حماس تريد تقسيم الصفقة بحيث تدفع إسرائيل مرتين مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وحتى إذا تم إتمام مثل هذه الصفقة في المستقبل، فهي غير مستعدة للالتزام بهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل.

تريد حماس أن تستمر في الحفاظ على آلية المنظومة في أيديها حتى تتمكن من ابتزاز إسرائيل في أي لحظة ممكنة.

أعادت قيادة حماس الكرة إلى الملعب الإسرائيلي متوقعة أن رفضها عرض الصفقة الإسرائيلية سيضغط على إسرائيل لتقديم المزيد من التنازلات. كما تُجري قيادة حماس مشاورات مع القيادة المنتخبة حديثًا لأسرى حماس في السجون الإسرائيلية. كذلك يتأثر موقف حماس بانتخابات القيادة الداخلية المقبلة للحركة: خالد مشعل وإسماعيل هنية مهتمان بإظهار موقف متشدد في المفاوضات مع إسرائيل وعدم الخضوع للضغط الإسرائيلي على ما يبدو.

يبدو أن المفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود مرة أخرى، فقد اعتقدت إسرائيل أنه يمكنها الاستفادة من انتشار وباء كورونا في قطاع غزة كرافعة إقناع وتقديم مساعدة طبية حقيقية لسكان غزة مقابل مرونة حماس في مسألة الأسرى، لكن بالنسبة لقادة حماس فليس هذا هو بالموضوع، إنهم يرون أمام أعينهم الانتخابات الداخلية لقيادة الحركة ويبحثون عن إنجازات شخصية، ويمكن لسكان قطاع غزة والأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية الانتظار.

قال القيادي في الحركة محمود الزهار، هذه الأمور بوضوح الليلة الماضية: واضاف "لدينا مبدأ، اسرى مقابل أسرى او جثث مقابل أسرى، لا ثمن غير هذا الثمن ولن نتنازل عن هذه المعادلة مقابل المال او اللقاحات".

إن الخطوط العريضة التي اقترحتها إسرائيل على حماس لدفع صفقة تبادل الأسرى خطرة، لكنها تهدف إلى إحداث اختراق في حالة الجمود المتواصلة. فهي لا تستخلص دروسا من "صفقة شاليط" وتتعارض مع توصيات "لجنة شمغار" التي قضت مثلا بعدم إطلاق سراح أمنيين أحياء مقابل جثث إسرائيليين.

يبدو أن السبيل الوحيد أمام الحكومة الإسرائيلية لجعل حماس مرنة في مواقفها هو تبني توصيات مجلس الوزراء الأمني التي تم وضعها قبل نحو 3 سنوات وتناولت سبل الضغط على حماس، مثل الحصول على أوراق مساومة من خلال خطف كبار القادة، والاغتيالات وغيرها من التوصيات.

الجمود سيستمر في الأشهر المقبلة، وستكون هناك انتخابات داخلية في حماس قريبًا، وربما أيضًا انتخابات رابعة في إسرائيل، سيكون لها تأثير على مسار المفاوضات ، ويجب ألا تستسلم إسرائيل للإرهاب ويجب أن تتحلى بالصبر والعزم حماس في موقع أدنى في جميع المفاوضات ويجب ألا نخضع

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023