مسيرة العودة : تجسيد الامل الفلسطيني

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

مسيرة العودة: تجسيد الامل الفلسطيني

بقلم: ناصر ناصر

3 مايو 2018


تستمد مسيرة العودة أهميتها الكبيرة للشعب الفلسطيني، وأنصاره بشكل عام، وللفلسطينيين في قطاع غزة بشكل خاص من خلال تجسيدها لاستمرار صمود الأمل الفلسطيني، على الرغم مما يتعرض له من نكسات كان آخرها انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله، على كل ما يحمله ذلك من معان كتكريس الانقسام وتعزيز التفرد بالقرار، وشرعنة الحالة الفلسطينية الشاذة التي يقودها الرئيس أبو مازن.

إن استمرار مسيرة العودة يعني استمرار روح، وجذوة المقاومة لأحد أهم أشكالها وهو المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الغاشم، وما يعكسه ذلك من بدهية وطنية فلسطينية تعرضت وما تزال في سنوات أبي مازن العجاف لما تعرضت له في غزة؛ فالاحتلال لا غزة هو العدو الواجب حصاره ومقاطعته ومقاومته، وغزة لا الاحتلال هي من يجب التنسيق معها والتعاون أمنيا واقتصاديا.

إن لم نقل التوحد والتكاتف والتآلف، وإرهاب الاحتلال هو ما يتطلب التوقيع على اتفاقيات دولية وتعزيز شراكات محلية؛ لمواجهته لا النضال الفلسطيني الموسوم دوما والمقصود حصرًا بالإرهاب صهيونيًا وأمريكيا.

كما أن استمرار مسيرة العودة يبث الأمل بإمكانية تحقيق الوحدة الوطنية وإن بشكلها أو بحدها الأدنى كتلك التي يفرضها الميدان وتعززها المقاومة بكل أشكالها، أي وحدة على أسس كفاحية نضالية راقية .

ذاك هو الأمل الذي تحاول سياسة أبو مازن الانعزالية قتله يومًا بعد يوم، وقد شكل انعقاد المجلس الانقسامي الأخير ذروة من ذروات هذه السياسة ومحاولة أخرى،

والتي يبدو أنها لن تكون الأخيرة، فالحصار وزيادة العقوبات اللاأخلاقية واللاوطنية على جماهير الشعب الفلسطيني في غزة هي محاولات دائمة لا تكل ولا تمل للنيل من أمل ووعي فلسطيني راسخ وعميق بضرورة الوحدة الوطنية.

ومن جهة أخرى يشكل استمرار المسيرة نقطة ضوء متألقة و مصدرًا للعز والفخار ورفعًا ضروريًا وحاسمًا للروح المعنوية الفلسطينية في كل مكان، بعد ما تعرضت له هذه الروح اللازمة للمقاومة والانتصار من محاولات للتثبيط والاحباط، من خلال ادعاءات باطلة لسيطرة العجز والخوار؛ فلا طاقة للمثبطين بإيزنكوت وجنوده، ولا خيار لهم إلا خيار محاربة الإرهاب كما لا فرج على غزة إلا بفرج التنسيق الامني كما في الضفة، ومن خلال استنساخ تلك التجربة الامنية الكئيبة .

أما غزة فيحظر عليها أن تشكل نموذجًا كريمًا عزيزًا بعيدًا عن سيطرة الاحتلال النسبية،إنها مسيرة العودة إذن بشبابها الثائر وعمالها الكادحين وبكفاح كل مشاركيها، وبدماء شهدائها الأبرار وجرحاها البواسل تكتب وتجسد بأغلى مداد أمل شعب فلسطيني ثابت كالطود، رغم كل محاولات النخر العميق التي يقودها طابور من الطامعين والانتهازيين، والمستفيدين من استمرار حالة الانقسام، ويبقى الأمل قائمًا بالتوسع وليس الانحسار وما ذلك بعزيز .

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023