خطر سباق التسلح النووي

مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة
يوني بن مناحم

خطر سباق التسلح النووي
16-12-2020
ترجمة حضارت


السعودية تحذر من أنها ستعمل على امتلاك أسلحة نووية في حال حصلت إيران على مثل هذه الأسلحة، وذلك من أجل حماية مواطنيها وأراضيها • سباق التسلح النووي يهدد الشرق الأوسط وسيتعين على جو بايدن إيقافه، حالياً تبحث إدارة ترامب عن طرق جديدة لزيادة الضغط على إيران.

تقول مصادر سياسية بارزة في تل أبيب، إن عودة إدارة جو بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران الذي انسحب منه الرئيس ترامب في 2018 قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي في المنطقة خشية أن تحصل إيران على قنبلة نووية. دول مثل السعودية ومصر وتركيا مهتمة أيضا بامتلاك أسلحة نووية وإذا حصلت عليها إيران قبلها ستفتح سباق تسلح في الشرق الأوسط.

أعرب الرئيس جو بايدن عن قلقه بشأن هذا الاحتمال في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي.

عبر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان عن موقف بلاده من المفاوضات التي يعتزم جو بايدن إجراؤها مع إيران بشأن الملف النووي، في مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا (La Repubblica) الإيطالية في 6 ديسمبر. قال إن المملكة العربية السعودية لا تعارض عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 مع إيران، لكنها وضعت شروطا: يجب منع إيران بالمطلق من تخصيب اليورانيوم كما يجب حل مشكلة الرقابة على منشآت إيران النووية العسكرية حيث توجد مواقع إيرانية تقيد أنشطة المفتشين الدوليين وتمنعهم من القيام بأعمالهم الرقابية.

طالب وزير الخارجية السعودي، في مقابلة أخرى مع قناة CNBC، بأن تشارك بلاده في المفاوضات المستقبلية بين حكومة بايدن وإيران من أجل "وقف أنشطة إيران النووية ونشاطاتها " القذرة "في المنطقة، على حد قوله.

تقول السعودية، التي تتنافس مع إيران على الهيمنة على منطقة الخليج، إن من حقها تسليح نفسها بالسلاح النووي، جاء ذلك على لسان عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية الشهر الماضي، حيث قال: "من حق المملكة العربية السعودية امتلاك اسلحة نووية ايضا. ونحتفظ بالحق في تسليح انفسنا بالسلاح النووي اذا لم ننجح في منع ايران من تسليح نفسها بهذه الاسلحة. وأوضح الجبير: "هذا بالتأكيد خيار بالنسبة لنا، فإذا أصبحت إيران قوة نووية ستتبعها المزيد من الدول، فقد أوضحت المملكة العربية السعودية أنها ستبذل قصارى جهدها لحماية شعبها وأراضيها".

في الشهر الماضي، بعث السفير السعودي في السويد، الأمير خالد بن سلمان، برسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية يطالبها فيها بمواصلة فضح أنشطة إيران النووية العدائية. وكتب في رسالته أن الزيادة المستمرة في كمية اليورانيوم المخصب التي تحتفظ بها إيران خارج القيود المنصوص عليها في الاتفاق النووي هي استمرار لتصعيد إيران وانتهاكاتها، " وبهذا السلوك تهدد إيران الأمن والسلم العالميين"، على حد زعم السفير السعودي.

صرحت المملكة العربية السعودية علنًا بأنها تريد أن تكون طرفًا في المحادثات التي يخطط جو بايدن لإجرائها مع إيران بشأن اتفاق نووي جديد. كما أعربت البحرين عن رغبة مماثلة، لكن الإيرانيين رفضوا هذا المطلب بشكل قاطع، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا في 7 كانون الأول (ديسمبر) رفضت فيه بشكل قاطع إمكانية مشاركة السعودية والبحرين في مفاوضات مستقبلية بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة إن "هذه الدول بحاجة إلى معرفة مكانها".

الولايات المتحدة قلقة من التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني، فقد رفع اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده التهديد النووي الإيراني الى رأس جدول الأعمال الدولي، ما سيصعب على جو بايدن التفاوض مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي.

إن تهديد المملكة العربية السعودية بأنها تعتزم تسليح نفسها بأسلحة نووية إذا حصلت إيران على مثل هذه الأسلحة مقلق للغاية للولايات المتحدة، فهي لا تريد شرق أوسط نووي حيث يمكن للمتطرفين وضع أيديهم بشكل أساسي على أسلحة الدمار الشامل هذه.

لذلك، سيتعين على الرئيس جو بايدن النظر في موقف دول الخليج وموقف إسرائيل المعارض بشدة لعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 دون أن يتم توسيعه وتعديله بشكل كبير في بعض البنود مثل إدراج مشروع الصواريخ البالستية الإيرانية.

يبحث ترامب عن طرق جديدة للضغط على إيران

جددت إدارة ترامب الأسبوع الماضي جهودها لحل الأزمة الخليجية، والتي تتمثل في حصار سياسي واقتصادي على قطر. 

وكانت "الرباعية العربية" (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) قد فرضت هذه المقاطعة على قطر منذ 3 سنوات بسبب دعمها "للإرهاب"، وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول العربية.

أرسل الرئيس ترامب مبعوثه الخاص جاريد كوشنر، الى الخليج، و الذي استعان بالكويت كوسيط لمحاولة حل الأزمة.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، أعلنت الخارجية الكويتية أنها تمكنت من إعادة قطر إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق. وبحسب مصادر أمريكية، بادر الرئيس ترامب بهذه الخطوة قبل مغادرة البيت الأبيض لتوجيه ضربة أخيرة للاقتصاد الإيراني.

وطالب كوشنر، خلال جولته الخليجية، حكام السعودية بإعادة فتح المجال الجوي السعودي أمام الرحلات التجارية القادمة من قطر، وعلقت الرحلات الجوية القطرية إلى الأجواء السعودية إثر المقاطعة الاقتصادية التي فرضتها عليها "الرباعية العربية" قبل ثلاث سنوات.

ونتيجة لهذه الخطوة من قبل "الرباعية العربية"، تدفع قطر لإيران مبلغا سنويا قدره 100 مليون دولار حتى تتمكن رحلاتها من المرور عبر الأجواء الإيرانية. تعتبر إدارة ترامب هذا المبلغ بمثابة أكسجين اقتصادي لإيران وتريد إيقافه لتضييق الخناق حول رقبتها.

من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب ستنجح في إنهاء مقاطعة "الرباعية العربية" لقطر قبل مغادرة الرئيس ترامب البيت الأبيض في 20 يناير.

قال مسؤولون خليجيون كبار إنه من المتوقع عقد قمة لرؤساء دول الخليج هذا الشهر لمناقشة المصالحة.

والسؤال المهم هو ماذا سيفعل جو بايدن حيال المصالحة الخليجية، فهو يبدي تحفظات من السعودية، ويريد إجراء حوار مع إيران، فقد ساعدت السعودية وأبو ظبي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة من خلال جمع الأموال لحملة دونالد ترامب لانتخابه رئيسًا بعد الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران.

وبحسب مصادر أمريكية، فإن هذه الخطوة التي اتخذها الرئيس ترامب في الخليج تهدف إلى تعقيد مهمة جو بايدن للتفاوض مع إيران بشأن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.

قضية النووي الإيراني مقلقة للغاية للدول الأوروبية وإسرائيل ودول الخليج وستشكل تحديا كبيرا لإدارة بايدن التي سيتعين عليها الملاحة، بحذرٍ شديد في حقل ألغام في الشرق الأوسط. إذا حاول بايدن اتباع سياسة تصالحية للغاية تجاه إيران، فمن المحتمل أن يواجه معارضة شديدة من إسرائيل ودول الخليج، خطر التصعيد في الخليج كبير وسيتعين على جو بايدن أن يأخذ ذلك في الاعتبار.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023