مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة
محور مصر والأردن والسلطة الفلسطينية في تنسيق للمواقف استعدادًا لدخول بايدن
يوني بن مناحم
ترجمة حضارت
تنسق السلطة الفلسطينية تحركاتها المقبلة أمام الحكومة الجديدة برئاسة جو بايدن مع مصر والأردن بكل ما يتعلق بإمكانية استئناف المفاوضات مع إسرائيل. ووفقًا لمسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية، يعمل محمود عباس على دفن برنامج إدارة ترامب "صفقة القرن" واستئناف المفاوضات مع إسرائيل برعاية الرباعية بدلاً من الولايات المتحدة.
في الوقت الذي تنشغل فيه إسرائيل بالأزمة السياسية الداخلية، وباء كورونا، والضائقة الاقتصادية الشديدة والتهديد النووي الإيراني، تستعد السلطة الفلسطينية مع مصر والأردن لتغيير الإدارة الأمريكية ودخول جو بايدن إلى البيت الأبيض بهدف تغيير قواعد اللعبة الدبلوماسية ودفن خطة ترامب في أعماق الأرض. واستئناف المفاوضات مع إسرائيل بشكل جديد في محاولة لإجبار إسرائيل على التراجع إلى خطوط 67.
سافر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أولاً إلى مصر والأردن وقطر للتنسيق مع الدول العربية لتحركاته التالية أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، ثم أرسل وزير خارجيته، رياض المالكي، إلى القاهرة لعقد اجتماع ثلاثي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري و وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
عقد الاجتماع الثلاثي في القاهرة في 19 ديسمبر، على خلفية استمرار عملية التطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب)، في نهاية ولاية الرئيس ترامب، بعد الاجتماع، التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أيضًا بوزراء الخارجية الأردني والفلسطيني.
يهدف الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية في القاهرة إلى إيجاد أساس جديد لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين التي لن تكون جزءًا من برنامج الرئيس ترامب "صفقة القرن" أو استمرارًا له.
بالنسبة للفلسطينيين، فإن السنوات الأربع التي قضاها الرئيس ترامب في السلطة والخطوات التي اتخذها بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قابلة للإصلاح، لم يغير الفلسطينيون تصورهم و "الخطوط الحمراء" بشأن القضايا الدائمة للصراع ويخططون مع مصر والأردن لإقناع حكومة جو بايدن بصدق موقفهم ومن هناك محاولة لفرضها على إسرائيل.
وصف وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي اللقاء مع وزيري خارجية مصر والأردن بأنه "مهم للغاية" وقال إن الاجتماع تناول تشكيل رؤية مشتركة لمعالجة القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة من إدارة جو بايدن.
وجاء في البيان المشترك للاجتماع أنه تم الاتفاق على مواصلة تنسيق المواقف تجاه الوضع الإقليمي بما يخدم المصالح المشتركة للمشاكل العربية ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة وأن المشكلة الفلسطينية هي المشكلة العربية الرئيسية. يبذل الفلسطينيون جهودًا كبيرة لمحاولة إعادة القضية الفلسطينية إلى مكانة عالية على جدول الأعمال الدولي.
وشدد البيان على الحاجة إلى التوصل إلى تسوية شاملة على أساس حل الدولتين، ولكن كان له أيضًا إشارات مقلقة على أن المسار الجديد الذي يريد الفلسطينيون أن يسلكوه، مع تخطي خطة الرئيس ترامب "صفقة القرن" كما لو أنها لم تكن موجودة من قبل، سيؤدي مرة أخرى إلى صراع سياسي، بينهم وبين اسرائيل.
أ- أكد الإعلان مجدداً على ضرورة أن يكون حل النزاع على أساس القرارات الدولية، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2334 ومبادرة السلام العربية.
إن مبادرة السلام العربية لعام 2002 أصبحت قديمة منذ فترة طويلة ولا توجد حكومة يمينية في إسرائيل مستعدة لقبولها والتفاوض بشأنها لأنها تقوم على العودة إلى الخطوط 67 وقبول مبدأ "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين.
ب. تمت المصادقة على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 في 22 كانون الأول 2016، والذي نص على أن المستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967 في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير شرعية.
صوتت 14 دولة من أصل 15 عضو في مجلس الأمن لصالح هذا القرار ، بينما امتنعت إدارة أوباما عن ممارسة حق النقض في مجلس الأمن.
يتعارض هذا القرار مع إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بشأن شرعية الاستيطان في الضفة الغربية.
ج- قضية القدس - ينص الإعلان على أن يجب حل الخلاف المتعلق بالقدس وفقا للقرارات الدولية، أي تقسيم القدس.
وبشأن الحرم القدسي، قال البيان إن مساحة المسجد الأقصى البالغة 144 دونما هي مكان عبادة للمسلمين، كما تضم هذه المنطقة حائط البراق الذي يعتبره الفلسطينيون جزءًا لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك.
ووفقًا لمسؤولين كبار في منظمة التحرير الفلسطينية، يريد الفلسطينيون إطارًا جديدًا للمفاوضات، مع قيام الرباعية الدولية بدور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين بدلاً من الولايات المتحدة، التي مازالت الوسيط الرئيسي حتى الآن.
وبحسب هذه المصادر، قد يتم إدخال تغييرات طفيفة على مبادرة السلام العربية، لكنها ليست سوى تغييرات تجميلية للإشارة إلى "مرونة" الفلسطينيين والدول العربية.
وأصدرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بيانًا رسميًا في 21 كانون الأول (ديسمبر) جاء فيه أن "السلطة الفلسطينية ستجدد علاقاتها مع الولايات المتحدة إذا نفذت الإدارة الجديدة ما وعدت به".
وبحسب مصادر منظمة التحرير الفلسطينية، تتوقع القيادة الفلسطينية أن يفي جو بايدن بوعوده خلال حملته الانتخابية، وهي: إعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتجديد المساعدات المالية الأمريكية للسلطة الفلسطينية والأونروا، ونقل القنصلية الأمريكية من غربي القدس الى شرقها.
الطريق إلى استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين سيستغرق ستة أشهر على الأقل من تاريخ دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض. ستنشغل إدارة بايدن أولاً بالمشاكل الداخلية المشتعلة للولايات المتحدة، وهي كورونا والأزمة الاقتصادية، وستستغرق عدة أشهر للتواصل ومعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
على الرغم من أنها إدارة مقربة للفلسطينيين أكثر بكثير من إدارة ترامب، إلا أن محمود عباس يحاول بالفعل الحصول على دعم دولي من شأنه أن يحد من قوة ونفوذ الولايات المتحدة لتصبح مرة أخرى الوسيط الرئيسي في الصراع، ولم يتضح بعد كيف سيتعامل جو بايدن مع هذا الجهد الفلسطيني وتشير تقديرات المصادر الأمريكية إلى أنه لن يقوم بأي بادرة تجاه الفلسطينيين إذا لم تحترم السلطة الفلسطينية المكانة السياسية للولايات المتحدة.