بين المذبحة في مجلس الشيوخ وفشل اللقاح، الإمبراطورية تحتضر
يديعوت أحرونوت - نحمان شاي
من المحتمل أنه بعد الإحتجاجات المدنية في مبنى الكابيتول هيل بواشنطن، فأنا مُستثنى بالفعل من شرح ما خططت لمحاولة شرحه، فالفشل الذريع لعملية اللقاح الوطنية الأمريكية، والتي يُطلق عليها في الترجمة الحرة، عملية سرعة الذروة، فهنا نقول أن الدولة الغير قادرة على الدفاع عن مجلسها التشريعي في يوم الإعلان الرسمي عن رئيس جديد، لن تتمكن أيضًا من حماية صحة مواطنيها ورفاههم من فيروس أو عدو.
المؤرخون الأمريكيون الذين سيشيرون إلى عام 2020 في المستقبل سيشيرون إليها على أنها نقطة منخفضة حيث تم التلطيخ بالكتابة على الحائط بأحرف ضخمة تشرح ما حدث هناك حتى ذلك الحين، وتوقعوا ما كان متوقعًا حدوثه في المستقبل.
الكورونا كمثال منذ لحظة وصول الفيروس إلى الولايات المتحدة ، أنكره الرئيس دونالد ترامب وبإلهام من الحكومة الفيدرالية وبعض المحافظين، فقال أولًا: لا يوجد مثل هذا الفيروس، ثم قال: إنه مجرد إنفلونزا.
فقط طابور أعداد المرضى والمتوفين هو الذي فرض الواقع عليه.
Peak Speed Opeation وهو مشروع تطعيم مشترك للجهات الحكومية والقطاع الخاص، يكلف حوالي 20 مليار دولار، مصمم للتغلب على كورونا، وبالمناسبة الاسم مستعار من حرب النجوم، وغني عن القول أن كورونا ينتصر، وفي غضون ذلك يموت أمريكي واحد كل 30 ثانية، أي كل يوم 4000 شخص، وحتى الآن أكثر من 350.000 ضحية، وبحلول الوقت الذي تنتهي فيه من قراءة هذا المقال سيموت 20 آخرون على الأقل.
على رأس الخطة الطموحة كان كبار المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك الجنرالات المخضرمين المرصعين بالنجوم، الذين تعهدوا أنه بمجرد الموافقة على المصل، سيتم إطلاقه في جميع أنحاء الولايات المتحدة وسيبدأ اللقاح الوطني بتحصين جميع السكان.
اعتبارًا من هذه اللحظة، لا أحد يبلغنا عن مكان اللقاحات ومتى سيصلون إلى الجمهور الأمريكي طالبين ألا يموتوا، أتفكر في احتماله نظرًا لمسؤولية التوزيع إلى أمازون وجيف بيزوس، سيجد كل أمريكي اللقاح ملقى على عتبة بابه صباح الغد.
في هذه الأثناء، تنتشر صفوف طويلة من السيارات في ساحات انتظار الملاعب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، لكنها مخصصة لطرود الطعام، وقد جاء ملايين الأمريكيين لطلب المساعدة لقضاء العطلة.
ثم بدأ فشل الرئيس، الذي لا يزال يتمسك بأظافره في البيت الأبيض، لكنه يعود إلى المنزل في غضون أسبوعين ويترك هذه الحفرة لمن يحل محله، أخشى أن يكون لدينا ضعف عميق في النظام الأمريكي، ففي صميم الطريقة يوجد الإنسان ظاهريًا، الفرد يحميه الدستور ويمنحه الحرية والحقوق، ومنذ تلك اللحظة فصاعدًا، يبدو أن كل شيء في يديه لكن هذه ليست الحقيقة.
فقد ركز المجتمع الأمريكي على المال والنجاح الاقتصادي والمادي، أما الفرد فإنه يتم دفعه جانبًا، فهو يعتبر أداة وليس هدف.
أما عن الكابوس الأمريكي فهو : 30 مليون شخص سينامون الليلة خوفًا من أنهم سيصبحون غدًا ويفلسون، لأنهم ليس لديهم تأمين صحي. فصحتهم لا تهم البلاد.
أصبح المجتمع الأمريكي أكثر انقسامًا وانهيارًا من أي وقت مضى، الأغنياء والفقراء والمتمردون، البيض و الملونون، الليبراليون والمحافظون، الوسط والأطراف، السكان الأصليون للولايات المتحدة والمهاجرون، انهارت بوتقة الانصهار والجميع إلى أجهزتهم الخاصة، ولا يمكن لدولة منقسمة أن تتحد من أجل جهود مشتركة، والطبقة الوسطى العمود الفقري لأي مجتمع ، فنرى جوهر الحلم الأمريكي تنهار.
أنفقت الولايات المتحدة 721 مليار دولار على الأمن في عام 2020، فهي تمتلك أكبر نظام عسكري وأكثره تطوراً في العالم، ولا تزال تفشل في كل حروبها منذ عام 1945م، وفي كوريا وفيتنام ومغامراتها في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وأفغانستان والعراق، كما أن إيران على الطريق، والولايات المتحدة متخلفة في المنافسة الاقتصادية مع الصين، التي خرجت بالفعل من أزمة كورونا وعادت للتركيز على توسيع نفوذها في العالم، في حين أن الأمريكيين يجرون أزمة مالية وملايين العاطلين عن العمل، أصدقاء الولايات المتحدة في أوروبا وأماكن أخرى يخشون بحق من عدم قدرتهم على الوقوف إلى جانبهم في أوقات الأزمات.
عام 2020 هو نموذج مصغر يمثل أزمة أمريكا، والكفاح الذي يخوضه ترامب ضد بديله يقوض أسس الديمقراطية، أما عن التاريخ فهو مليء بأمثلة الإمبراطوريات الشاسعة التي انهارت بعد أن ضعفت من الداخل وواجهت قوى جديدة من الخارج، ولقد أعطت مشاهدة القنوات الإخبارية في الأسبوع الماضي انطباعًا بأن هذه هي القصة الأمريكية.
سيدخل بايدن وكاملا هاريس مكاتبهما ورائحة الغاز المسيل للدموع لأحداث 6 يناير لا تزال في الهواء، ونلاحظ أنهم حاليا أمل أمريكا، والقلب يذهب معهم ويتمنى لهم التوفيق، ولا يقول العقل خلاف ذلك