العرب جسرٌ يعبره اليهود
بقلم مهند طلال الباحث في الشأن الصهـ ـيوني
لم تخفِ الحركة الصهيـ ـونية يوماً رغبتها في إحلال الشعب اليهودي على أرض فلسطين مدعيةً أنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وقد مارست لأجل ذلك كل أشكال التطهير العرقي من قتل وهدم وتهجير ولعل أكثر ما ندمت عليه تلك الحركة " -وقد صرح جمعٌ غفير من قادتها -أنها لم تقم بالتخلص بشكل كامل من الشعب الفلسطيني خاصة داخل حدود النكبة، وقد فاجئها هذا الشعب حتى يومنا بمدى قدرته على الصمود على أرضه والحفاظ على هويته ولغته وتراثه وثقافته واستخدامه كل أشكال المقاومة؛ لتثبيت هذا الصمود أمام آلة الأسرلة التي تحاول طحنه بكل مركباته.
ولعل أبرز أدوات الصمود تلك كانت وحدته التي تجلت بدماء شهدائه يوم الأرض وبفهمه العميق لمغزى هويته العربية الفلسطينية التي تجمعه ولا تفرقه، لكن ونحن نتكلم عن هذا الشعب وعظمته نتكلم أيضاً عن بعض حركته السياسية عبر أحزابه التى تتنازع على كراسي الكنيست مستخدمةً لغة التخوين والتكفير والتشويه ولا يميزها إلا الفرقة رغم أنها بكل مركباتها تتفق على أمرين إثنين: الأول: أنهم دخلوا الإنتخابات بقائمة واحدة مشتركة أعطاهم الشعب صوته ودعمه، ويظهر هناك بعدد نواب في الكينيست، وإذا دخلوا متفرقين يراوحون حول نسبة الحسم وبعضهم يتجاوزها بصعوبة.
أما الثاني: فهو أن الخارطة السياسية اليهودية في إسرائيل بأغلبيتها الساحقة كارهةً ومعارضةً للعرب ولأي شكل من أشكال مشاركتهم السياسية حتى لو تكلم منصور عباس بالعبرية وغازلهم أيمن عودة بالعربية.
اليوم تحاول المركبات اليهودية في إسرائيل من اليمين أو الوسط العبور إلى رئاسة الحكومة عبر جسرٍ عربيٍ تحرقه بعد الوصول إلى مرادها، رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو الذي حرض على العرب قبل أكثر من عقد من الزمان، والذي أصدر قانون القومية وهو أكثر القوانين العنصرية ضدهم يذهب قبل الإنتخابات إلى القرى العربية المهددة أصلاً بالهدم ويشرب القهوة هناك ويسعى اليوم إلى الحصول على أغلبية نيابية عبر دعم القائمة العربية الموحدة ليشكل حكومة عنصرية فاشية يمينها بينت ويمين يمينها سموترتش وبن غفير ورأسها العنصري نتنياهو وكلهم لا يجمعهم إلا كراهية العرب ومصادرة أرضهم وطردهم منها، ونتنياهو يبحث عن حكومة تنقذه من المحاكم والإدانة والسجن،وهذا معروف ومفهوم ولكن لماذا يجعل منصور عباس العرب من صوتوا له جسراً لهذه الحكومة؟ وذلك بالرغم من معرفة عباس أن هذا الجسر سيحرقه نتنياهو فور الحصول على مآربه.
وأما لبيد الذي يضع نفسه في الوسط من الخارطة السياسية الصهيونيه وهو في حقيقة الأمر لا يحمل تجاه العرب إلا مشاعر العنصرية من الكراهية وقد تم تجريبه لسنوات طوال في الكنيست أو الوزارات، وهو اليوم يغازل المشتركة ويخطب ودّها أو بالأحرى يريدها جسراً يعبر إليه ويأخذ رئاسة الحكومة له أو لغيره بالتناوب وهدفه الوحيد إسقاط نتنياهو ثم يحرق الجسر ويشكّل هو أو غيره (بينت أو ساعر) حكومة يهودية خالصة نقية بعيد عن العرب ككل حكومات إسرائيل السابقة، وبذلك يعود نواب الكنيست العرب بخفيّ حنين ليس لهم إلا الفرقة السياسية وخسارة ثلث مقاعدهم في الكنيست والأهم من ذلك فقدانهم ثقة جمهورهم بهم، وقد تم التعبير لهم عن ذلك بنسبة التصويت المنخفضة عن كل الإنتخابات الاخيره.
وهنا يبقي التساؤل الأهم أليس من الأولى أن يصل السياسيون الفلسطينيون جسور الوصل بينهم بدلاً من أن يصلوها مع خصومهم.