بقلم مهند طلال
قبل أيام انتهت الجولة الرابعة من الانتخابات غربي الجدار وكانت أبرز نتائجها انتخابات خامسة تلوح في الأفق، وقد صوت أصحاب حق الاقتراع وانتخبوا فسيفساء حزبية وتوزيعة مقاعدية يصعب أن تشكل لوحة فنية أو حتي حزمة مصلحية تخرج البلاد من أزمتها السياسية وتعطي المواطن الأمل بحكومة تحل له مشاكله وتتجاوب مع متطلباته وتوقف النزف المستمر في ميزانيته التي لم تقر منذ سنوات.
كان الهدف الأساسي للانتخابات هو إنهاء حالة الشلل السياسي التي صاحبت حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو وغانتس منذ تشكيلها وهي أي الانتخابات الخيار الوحيد لدولة تتبنى الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة لحل أزماتها وتجاوز مشاكلها، وقد ذهبت الأحزاب السياسية إلى هذا الطريق رغم الاستطلاعات التي سبقت الانتخابات وكانت تشير بوضوح إلى بقاء الأزمة وربما تعقّيدها والوقوع بورطة سياسية أكبر من تلك التي رغبت في الخروج منها وهو ما حصل بالفعل حتى الآن على الأقل، ويبقى هنا التساؤل الأهم هل كان على الأحزاب في إسرائيل أن تذهب أولاً لانتخابات نتيجتها معروفة أو شبه معروفة؟ أم كان يجب عليها أن تغير شيئاً في النظام السياسي أو أن تتوافق على آلية أخرى تخرجها وشعبها من أزمتهم؟
وهنا يسرح الخيال إلى شرقي الجدار ونحن أبناء الشعب الفلسطيني وديمقراطيتنا (سكرها خفيف) ونتكلم عنها أكثر بكثير مما نطبق منها والانتخابات عندنا في أحسن حالاتها تجري كل 10 سنوات وأحياناً 15 عام وهي اليوم تقع في دائرة الشك هل ستجري حقاً ؟أم أن الحلم سيتبخر أمام عقبات القدس و كورونا وخلافات فتح الداخلية والضغوطات الخارجية، ولكن السؤال الأهم هل الانتخابات هي الحل أم أننا نسير في طريق صريحة وواضحة إلى الجدار لنرتطم فيه وينتهي الحلم، هل نتائج الانتخابات التي يتوقعها البعض بفوز الكتل الكبيرة بأغلبية المقاعد مؤشراً أو مبشراً لحل الأزمة؟
ولو قلنا بذلك، فما هو الضامن أن الحل الذي لم يفلح عام 2006 سيفلح اليوم؟
إن الواقع الفلسطيني في ظل الاحتلال واقعٌ مركب أو ربما معقد ولواقع كهذا لا تكفي الحلول التقليدية التي قد تنتهي لا سمح الله بكارثة، بدل من أن تنتهي بحل، طبعاً أنا لست ضد الانتخابات من حيث المبدأ، وأكيد سوف أصوت لو أعطيت الحق بذلك ،وسأشارك في حلم إنهاء الانقسام، ولكني أرى واقعاً معقداً كهذا يحتاج إلى حلول إبداعية وخلاقة تتناسب مع الواقع وتتجاوب مع معطياته.
وأعتقد أن هذا الحل يتمثل بتوافق وطني واسع وحكومة تنبثق عن مجلس تشريعي توافقي وتمثيلي لكل أطياف الشعب الفلسطيني لمدة زمنية محدودة أو توافق عليها، نحسن فيها الشراكة السياسية والعمل الوطني المشترك وننهي آثار الانقسام عبر حوار وطني هادئ ومستمر وهدف غالي جله حل الأزمة والخروج من عنق الزجاجة التي حشر فيها الشعب الفلسطيني لسنوات، وأمّا من يقول أن التصويت سيكون مغايراً وأن الحظ لن يحالف الكتل الكبيرة، خاصة أنّ هناك أكثر من مليون ناخب جديد، النتيجة ستكون إذاً مشابهة إلى حد بعيد لتلك التي جرت غرب الجدار وهم أقرب ما يكونون إلى انتخابات خامسة، أما نحن فاذا تبخرت هذه الفرصة، هل سننتظر عقدين من الزمان حتى تعود؟