تقدير موقف بقلم ناصر ناصر
ضم الأغوار واقع أم أوهام
أشغل موضوع ضم أجزاء من الضفة الغربية/ الأغوار وشمال البحر الميت ) السياسيين والإعلاميين في إسرائيل، لا لسبب الحرص على الفلسطينيين بل حرصاً على استمرار يهودية الدولة ومصالحها الأمنية والسياسية، فقد أبرزت صحيفة هآرتس وعلى صفحتها الأولى اليوم تصريحات رئيس حزب أزرق أبيض ومن يعتبره الكثيرون مؤيداً للحل التفاوضي والسلمي مع الفلسطينيين بيني غانتس والذي يقول فيها "سنعمل على فرض السيادة الإسرائيلية على الأغوار بعد الانتخابات وبموافقة المجتمع الدولي"، مؤكداً بأن "الأغوار هي الجدار الشرقي الواقي لدولة إسرائيل وكل الحكومات التي فاوضت عليها فقد ارتكبت خطأ أمنياً فادحاً"، وتنبع خطورة موقف غانتس من أنه قد يشكل تغييراً جديداً آخر في موقف اليسار باتجاه اليمين.
من جهةٍ أخرى لم تكن تصريحات نتنياهو بالأمس مفاجئة أو درامية وذلك منذ أن أعلن عن نيته ضم الأغوار لأول مرة في سبتمبر الماضي 2019م، والتي ناكف غانتس بقوله "لماذا ننتظر ضم الأغوار بعد الانتخابات، لأنك يساري فالضم يجب أن يكون الآن وبموافقة الكنيست ودون الحاجة إلى فيتو من قبل عضو الكنسيت العربي أحمد الطيبي"، فصفق له الجمهور المتحمس، وهو ما اعتبرته يديعوت أحرنوت اليوم "ألعاب السيادة" أو "قتال ثنائي على ضم الأغوار"، فيما حذر محلل يديعوت بينكيمون مشتكياً: "ليس على حساب مستوطني الأغوار فهم مازالوا لا يتلقون الخدمات المناسبة من الدولة" وتلك عادة المستوطن الغاصب لأرض غيره لا ينظر إلا لنفسه ولا تهمه الضحية الفلسطينية بأي حال من الأحوال.
وفي المقابل عبرت مقالة التحرير في هآرتس اليوم عن رأي ما تبقى من "آثار اليسار" في إسرائيل، فكتبت تحت عنوان ضم غانتس إلى اليمين معتبرةً تصريحاته محاولة لكسب أصوات ناخبي اليمين ومستنكرة تحول موضوع الضم لإجماع بين البدائل السياسية للحكم من اليمين واليسار في إسرائيل، فيما ردت الكاتبة "المقتربة من اليسار" نوعا لنداو على غانتس فكتبت في هآرتس "لا يوجد ضم بتوافق دولي وتصريحات غانتس تخدم نتنياهو" وبكلماتٍ أخرى فهي تعتبر تصريحات غانتس تلاعب رخيص بالكلمات والمواقف وليس موقفاً حقيقياً "لليسار وسط في إسرائيل".
فهل ستقوم إسرائيل فعلا بالإعلان عن ضم الأغوار قبل الانتخابات؟
وهل تحول موقف اليسار في هذه القضية تحديداً تجاه اليمين؟
من المستبعد أن تقوم حكومة الاحتلال بالإعلان عن ضم الأغوار رسمياً وقانونياً وقبل الانتخابات، ولكن نتنياهو سيبقى يلعب بهذه الورقة محققاً هدفين:
الأول: تهيئة الأجواء لضم مستقبلي محتمل.
الثاني: مداعبة أفكار وأحلام اليمين في ضم الضفة الغربية نهائيا.
بناءً على ما سبق فقد يعلن نتنياهو إعلانات ادراماتية إعلامية هنا أو هناك رغم ما يتوقعه وما حذره منه مستشارون كـ عاموس جلعاد بأن هذا يضعف الشركاء الأردنيين ، أما على أرض الواقع فستستمر إسرائيل في قضم الأراضي الفلسطينية بالضفة والقدس بروح تصريحات وزير الدفاع الجديد المتطرف نفتالي بينت، وذلك بغض النظر عن الإعلانات والتحذيرات الفلسطينية والتي كان آخرها تصريحات رئيس الوزراء اشتية، التي وعدت بإلغاء التقسيم بين مناطق أ ، ب ، ج ، وطالما لم تدفع حكومة الاحتلال ثمناً حقيقياً لسياساتها وإعلاناتها الاستفزازية أو لم يرى الفلسطيني وتيرة بناء عالية ومنظمة في ما يسمى بمناطق ج.