لماذا صُنّفت تركيا تهديداً لاسرائيل
بقلم / صلاح الدين العواودة
خلاصة دراسة أعددتها عن خلفية وأسباب اعتبار الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تركيا تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي:
- الخلفية التاريخية حاضرة كإرث كانت بدايته رفض السلطان عبد الحميد إعطاء فلسطين للحركة الصهيونية، وكما يقال في المثل الفلسطيني( كلما طقر الكوز في الجرة) قالت اسرائيل يجب ان يتذكر اردوغان أن عصر الامبراطورية العثمانية قد ولّى.
- الإعتراف بإسرائيل عام ١٩٤٩ كان نتيجة التقاء مصالح النظام العسكري في تركيا الباحث عن رضا ومساعدات غربية مع رغبة الكيان الصهيوني بالحصول على شرعية ولا سيما من دولة إسلامية وكانت تركيا الأولى وكانت اسرائي تبحث عن حليف ضد العرب في اطار حلف الريف(البريفيريا)، ولم يكن ناتج عن قبول تركي حقيقي لاسرائيل ولا سيما شعبياً لذلك تصاعد الخلاف والتوتر مع تطور الديموقراطية في تركيا وتمثيل الحكومات للشعب، وعادت العلاقة مع اسرائيل للقوة بعد الانقلابات العسكرية في كل مرة، وارتبطت قوة العلاقة تاريخياً بمدى تحكم العسكريين بالدولة.
- ظلت قضية القدس نقطة خلاف حساسة ولا سيما في عصر الحكومات المنتخبة، فقد تراجعت بعد احتلال شرقي القدس عام 1967 وبعد محاولة حرق الأقصى عام 69 واغلقت القنصلية التركية في القدس بعد ضم القدس عام 80 وتراجعت العلاقة مع انتفاضة الاقصى عام 2000، وهي سبب التوتر وتصعيد لهجة الخطابات المتبادلة دائماً ، والتي أدت لطرد السفير الاسرائيلي عام 2018 عقب نقل السفارة الأمريكية والمجزرة التي ارتكبتها اسرائيل ضد مسيرات العودة في تلك المناسبة.
- بعد صعود العدالة والتنمية للسلطة حافظت الحكومة التركية على العلاقة مع اسرائيل بل وحاولت تنميتها واستثمارها أيضاً وهو ما يزعج اسرائيل ، فأرادت تعزيز دورها الاقليمي والدولي من خلالها ، من خلال عرض نفسها كوسيط بين العرب واسرائيل ولعب دور في القدس وفلسطين عموماً.
- دعم الفلسطينيين سياسياً واقتصادياً ، فكانت تركيا من القلة ممن اعترفوا بدولة فلسطين التي اعلنها عرفات عام 1988، ومن القلة ممن اعترفوا بالحكومة الفلسطينية المنتخبة عام 2006، وانتقدت اسرائيل في المحافل الدولية ولا سيما في حرب 2008،وأيدت كثير من القرارات الدولية ضدها، وكانت قضية سفينة مرمرة لدعم غزة فارقة في تاريخ العلاقة حيث اعتبرت تركيا على اثرها اسرائيل تهديداً لأمنها القومي وبالتالي سبقت اسرائيل في ذلك بعشر سنوات(وهذا سبب بحد ذاته)، ولم يقف الدور التركي هناك بل هو مستمر وأهمه مؤخراً تسليم الفلسطينيين 140 الف وثيقة من الارشيف العثماني تثبت ملكية الفلسطينيين لاراضٍ وعقارات كثيرة في ارجاء فلسطين التاريخية كلها وهو ما تعتبره اسرائيل خطراً استراتيجياً مرتبطاً بحق العودة للفلسطينيين ، اذا ما تم التعامل معه ايجابياً من قبل الفلسطينيين بدءً من القضاء المحلي ووصولاً الى العدل الدولية.
- استضافة قيادات وعناصر من حركة حماس على الأراضي التركية والذين تتهمهم اسرائيل بتوجيه أنشطة معادية لها في الضفة الغربية ، اضافة الى اقامة انشطة وفعاليات كثيرة على الأراضي التركية دعماً لفسطين والقدس وبحضور ممثلين عن حركة حماس وجماعة الاخوان المسلمين ومن خلال هذه النشاطات يتم تعزيز وجود القدس والقضية الفلسطينية في نفوس كثير من الأتراك ولا سيما الشباب منهم.ذ
- محاولات تركيا إعادة الدور (العثماني) وفق الرؤية الاسرائيلية على الأقل، من خلال سلسلة أنشطة لها اول وليس لها آخر ،بدءً بالقدس ومروراً بكل ارجاء فلسطين من النقب حتى الجليل، تشمل عدداً غير محدود من المؤسسات النشطة في مجالات الصحة والتعليم والمجتمع والآثار والتي تعنى بالفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين المحتلة عام 1948 تحديداً فترمم بيوتهم ومساجدهم ومقابرهم ومبانيهم التاريخية وتعلٍم ابناءهم القرآن وتعين طلبة الجامعات على دفع الأقساط وتوظف مدرسين ، وترعى كثير من الأنشطة الثقافية والرياضية وتعين البدو في النقب على مواجهة الترحيل والتهويد فتساهم في بناء بيوتهم المهدومة وتوفير الماء والكهرباء الخلوية في قراهم التي يحاول الاحتلال تهجيرهم منها ،وتتم هذه الانشطة من خلال الحركة الاسلامية بجناحيها الشمالي والجنوبي ، ومن خلال مؤسسات تعمل وفقاً للقوانين الاسرائيلية مما يجعل النشاط التركي كالشوكة في حلق اسرائيل لا تستطيع انتزاعها .
- الدور الاقليمي الذي تلعبه تركيا والذي يتمدد على حساب الدور الأمريكي وعلى حساب حلفاء اسرائيل القدامى والجدد وأهمه دورها في شمال سوريا ومنع قيام جمهورية كردية حليفة لإسرائيل او دورتركيا في ليبيا الذي يمنع سيطرة قوات مدعومة ممن تعتبرهم اسرائيل حلفاءها الجدد على طرابلس العاصمة اضافة الى اتفاق المياه الاقتصادية مع حكومة ليبيا الشرعية الذي قطع الطريق على انبوب الغاز والتحالف الاسرائيلي الشرق اوسطي الذي يضم قبرص واليونان ومصر.
- تعاظم القوة البحرية التركية بقدرات ذاتية ، وتحول الأسطول التركي الى الأقوى في البحر المتوسط ، بعد انتاج تركيا ذاتياً لعديد من السفن والفرقاطات وأحدثها غواصة وحاملة طائرات ،مما شجع تركيا من منظور اسرائيلي على ، بسط نفوذها بالاتفاق مع ليبيا ، وتأمين عمليات التنقيب التركية شرق المتوسط ، وطرد السفن الاسرائيلية واليونانية من المياه القبرصية .
ومع ذلك تُصر اسرائيل على أن كل ذلك مرتبط بشخص الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، الذي يتحالف من وجهة نظرها مع حماس والاخوان المسلمين ،وأنه يحلم بأن يعيد أمجاد الدولة العثمانية، وأن يصبح السلطان أردوغان ، وأنها لو تخلصت منه فستعود العلاقات مع تركيا إلى ما كانت عليه قبل مجيئه للسلطة .