بقلم: معاذ أبو الشريف
14-2-2022
الإخوان المسلمون، وهم يحيون ذكرى استشهاد الإمام المؤسس، يبدو أنهم يواجهون أزمة في مشروعهم السياسي، ليس ابتداء من مصر، ولا انتهاء بتونس، فهل فشل الإخوان أم أفشلوا في تحقيق إنجاز سياسي حقيقي، يتناسب مع حجم انتشارهم الواسع في أوساط الشعوب، وتاريخهم الحركي والسياسي الطويل، على مدار عقود مضت؟
لقد حمل الربيع العربي، جماعة الإخوان وأخواتها، في بلدان الربيع، إلى واجهة القيادة السياسية ووضعها على المحك في إدارة دول وأزمات، كان الكثير منها ذو تاريخ طويل، في قمع الجماعة والتنكيل بها، وإذا أخذنا الحالة المصرية نموذجا لما تمثله في الساحة بالذات، للإخوان ليس في مصر وحدها، بل في جميع دول المنطقة، نلاحظ أن الصعود الصاروخي للجماعة، وتوليهم رئاسة وقيادة البلاد، انتهى سريعا بانهيار سياسي مريع مكّن الثورة المضادة، من بسط سيطرتها وإعادة الديكتاتورية بأشد وأسوء صورها، الأمر الذي لا زالت شعوب المنطقة بأسرها تعاني من أثره .
إن مسألة تحليل مآلات التجربة الإخوانية السياسية، كتب فيها وقيل فيها الكثير، ولكننا نقف اليوم، سريعا على بعض العوامل الذاتية والموضوعية، والتي أدت إلى تعثر التجربة، والتي سببت انتكاسة حادة للربيع العربي، بشكل عام.
أولا: لقد بقي الإخوان يديرون الدولة بعقلية الجماعة إلى حد بعيد، وكان هذا بسبب اقتحامهم المفاجئ لسدة الحكم، وإن كان التريث سمة بارزة للإخوان, في مسيرتهم التاريخية، فقد وجدو أنفسهم في سياق متسارع غير مدروس، في أعقاب الثورات. ثانيا: لم يبقى لمشروع الإخوان قوة تحميه، وكذلك الثورة بشكل عام، فالأمن والجيش تحكمه الدولة العميقة، وأخطأ الإخوان التقدير بشأن حياد الجيش وحمايته للثورة، لذلك لم يتمكن الإخوان، من حشد قوى شعبية كثيرة، وتوحيدها في ثورة عارمة، تواجه الانقلاب في غياب السلاح.
ثالثا: تكالب القوى الإقليمية والعالمية المعادية للثورة، وفي مقدمتها الكيان الصهيوني، لؤد الثورة في مهدها، والتصدي لانتشار عدواها في المنطقة، بعدما حملت خصومها الإسلاميين للقيادة الحكم، ووجدت هذه القوى في الداخل من يقبض أموالها وينفذ أوامرها.
إن صدق الاخوان، وسلامة مقاصدهم ونبل تصحياتهم، كان يلزمها الحنكة السياسية الكافية لمواجهة مكر أعداء الأمة، في الداخل ومن الخارج، وإنّ تعثر المشروع السياسي لأسباب ذاتية وموضوعية، لا يعني مطلقا تنحي الإخوان وانتهاء دورهم، فالحركة فكرة حية لا تمت، وكل أدوات النهوض واستئناف الدور السياسي والحضاري، لا زالت متوفرة، وأعداء الثورة والجماعة، لم يحققوا النصر والحسم في ثورتهم المضادة، وإنما هي جولة وصولة، لن تتمكن من قتل روح الثورة في الشعوب، وعلى قوى الثورة والتغيير وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين استخلاص العبر عبر النقاط التالية:
أولا: تجديد القيادات، واعتماد الكفاءة والخبرة الإدارية، والحنكة السياسية وتقديم جيل جديد من القيادات الشابة والإصلاح التنظيمي الشامل، ولم شمل الجماعة وتوحيد رؤيتها، وفتح باب الاجتهاد السياسي.
ثانيا: الانفتاح على كافة القوى والشرائح في المجتمع، وبناء شراكة حقيقية مع الآخرين، وتشكيل أوسع تحالف يضم الجميع، ممن يتفقون على مبدأ التغيير والإصلاح وانتزاع الحرية، وإسقاط الاستبداد السياسي، وتقديم كل التنازلات الحزبية، لصالح حفظ الوطن، وتحقيق مصالح الثورة .
ثالثا: مراجعة الخطاب السياسي وتحديثه وتطويره، لما يخدم مصالح الأمة والجماعة.
رابعا: امتلاك كل أسباب القوة المادية، دون التورط بحروب أهلية، ولكن المطلوب القدرة على ردع أعداء الثورة، وان سدت السبل، فسلميتنا ليست دائما أفضل من الرصاص.
بكلمة، رغم كل الأخطاء الجسيمة التي وقع بها الإخوان، كما كل قوى الثورة بمشروعهم السياسي، وإدارة دفة الحكم، إلا أن تيار الإخوان، ما زال هو قاعدة الثورة العريضة، التي يعوّل عليها في المرحلة القادمة.