بقلم:
معاذ أبو الشريف
28/02/2022
تواصل المعارك الطاحنة بين الجيش الروسي والقوات الأوكرانية المدعومة غربياً ألقت بظلالها على العقيدة الأمنية للجيش الإسرائيلي، وكما يقول يوسي يهوشع في صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن من أبرز دلالات الحرب في أوكرانيا وبعد عدة أيام فقط من بدايتها أن نظرية الجيش الصغير والذكي التي تتبناها "إسرائيل" في عقيدتها العسكرية لم تعد صالحة للحرب القادمة، وإنّ مقولة انتهاء عقد الحروب التقليدية قد سقطت مع سقوط قذائف المدافع والطائرات على المدن الأوكرانية، وأشار إلى أن المجلس الوزاري الأمني المصغر قد صادق على الخطط الحربية للجيش المرة تلو المرة على قاعدة مواجهة في جبهة واحدة لكنّ عملية (حامي الأسوار) الأخيرة أو سيف القدس بتعبير المقاومة؛ جعلت أصواتاً كثيرة أمنية وإعلامية وسياسية تنادي بضرورة إصلاح الخطط العسكرية لمواجهة حرب قادمة ستكون على عدة جبهات في وقت واحد.
يقول يهوشع تصوروا الآن اشتعال الحرب في الجبهة الشمالية في لبنان تلزم "إسرائيل" لتحريك عدة فرق على جهة غزة وأخرى في داخل الضفة الغربية في مواجهة "إرهاب" محتمل وجبهات أخرى على حدود سوريا يحركها حزب الله وكذلك جبهة غزة، إضافة إلى مواجهات عنيفة مع عرب الداخل في المدن المختلطة أو إغلاق محاور الطرق الرئيسية في البلاد؛ بما يعيق حركة الدبابات والناقلات المتجهة للجبهات المختلفة، في مواجهة هذا التحدي نحن نحتاج إلى جيش مدعوم ومدرب، والأهم من ذلك كبير.
يقول الجنرال ايال زامير نائب رئيس الأركان السابق نحن أمام احتمالية لمواجهة معركة من العيار الثقيل والطويل في عدة جبهات يصاحبها تحديات جسام خاصة في الجبهة الداخلية يلزمها قدرات الحسم والنفس الطويل والخطة القوية وأضاف على دولة "إسرائيل" أن تحافظ على هامش من الأمن والقوة، وكذلك امتلاك قدرة تكنولوجية متقدمة ولكن إلى جانب هذا تحتاج للكثافة في النوع والكمية، يضيف الكاتب في مواجهة جبهات متعددة معقدة توحّدها إيران سيكون الجيش مجبراً على شن غارات في البر؛ لشلّ قدرات إطلاق مكثف للصواريخ والتصدي لاجتياح بري من القوات لحزب الله على مواقع في خط المواجهة وكذلك فإن حجم الجيش يؤثر على طول المواجهة والمطلوب قوات جيش نظامية ومن الاحتياط قادر على العمل بشكل متوازي على جبهة الشمال وجبهة الجنوب في وقت واحد، وعمليةٌ كهذه تستغرق قرابة أسبوع لاستكمال الانتشار وهي مدة مكلفة على الجبهة الداخلية التي ستتلقى رشقات كثيفة من الصواريخ.
إنّ الفجوة ليست في نقص الدبابات والناقلات للجند فحسب بل كذلك في جهاز الدعم اللوجستي الى جانب مسألة الاستخبارات وجمع المعلومات والأسلحة الهجومية التي يجب توزيعها على عدة جبهات في آن واحد.
رغم أن رئيس الحكومة بينت قد أخذ قراراً استراتيجياً بتغطية الجيش بالتسليح والصواريخ الدقيقة وأنظمة الدفاع فهذا على أهميته إلا أنه لا يكفي حسب الكاتب، الجيش بحجمه الحالي صغير في مواجهة حرب متعددة الجبهات والمسؤولية تقع على كاهل المستوى السياسي وقيادات الجيش والتحذيرات أدلى بها نائب رئيس الأركان السابق، ونشرت هنا وفي أماكن أخرى، فإذا أردنا البقاء فلا بد لهذه الدولة أن تبقى جاهزة لهذا السيناريو الذي هو متوقع بدرجة معقولة.
أخيراً هل تستشعر المقاومة والقوى المعنية بالمواجهة مع الكيان الإسرائيلي بالمسؤولية تجاه إمكانية وقوع هذا السيناريو؟ وهل لديها الخطط الاستراتيجية والنظرية القتالية لهذه المواجهة؟