تقدير موقف
بقلم / ناصر ناصر
6-2-2020
تصريحات القسام الدلائل والمعاني
ما هي المعاني والدلائل التي يحملها تصريح الناطق الرسمي بإسم كتائب القسام ابو عبيدة أمس 5 /2 حول تعرض الأسرى الاسرائيليين المحتجزين في غزة لإصابة مباشرة نتيجة القصف الإسرائيلي على القطاع في مايو 2019 ، وذلك انطلاقا من الفرضية المتفق عليها تقريبا بأن تصريحات الناطق بإسم القسام هي تصريحات تعبر عن مواقف مدروسة وموزونة ومحسوبة وتتمتع بمصداقية عالية .
المعنى الأول وهو الأوضح والقطعي بأن الاسرى الإسرائيليين الذين زعمت إسرائيل انهم اموات هم ليسوا كذلك بل كانوا واستمروا أحياء حتى مايو /2019 حينما اصيبوا بالقصف الإسرائيلي ، أما بعد مايو 2019 فمصيرهم غير واضح . وحتى يستطيع هذا المعنى أن يحقق تداعياته وآثاره المطلوبة فلا بد من قيام القسام بخطوات أخرى وعلى رأسها الإفراج عن صورة او معلومة معينة تثبت بما لا يدع مجال للشك للجمهور الإسرائيلي بأنهم فعلا كانوا أحياء حتى قبل تاريخ مايو 2019 الأمر الذي يحقق للقسام وقضية الأسرى وللشعب الفلسطيني انطلاقة وانجازاً نوعياً في مجالين
المجال الأول : فضح الحكومة برئاسة نتنياهو وضرب مصداقية الجيش العالية في أوساط الجمهور الإسرائيلي بأنهم يكذبون وبانهم تخلوا عن أبنائهم الأسرى والجرحى بما يتناقض مع ما يزعمون من قيم التضامن و( الأخلاق (اليهودية ) وما قد يحمله هذا الأمر من تداعيات على نتائج انتخابات الكينيست بتاريخ 2/3 وتحديدا تراجع شعبية نتنياهو بصورة كبيرة او حتى سقوطه ، والأهم من ذلك تعزز الكتائب ثقة أبناء شعبها بها وأنها إذا قالت فعلت وإذا صرّحت صدقت
المجال الثاني : لا تفقد الكتائب ورقتها الرابحة او التي تعتقد أنها رابحة بإستخدام الغموض وبأن لكل معلومة ثمن يجب أن تدفعه إسرائيل من خلال إطلاق الأسرى الفلسطينيين ، أي أنها جمعت بين الوضوح لدرجة التأكد من كذب رواية العدو واسقاطها ، والغموض لدرجة عدم معرفة مصير الأسرى الجنود الاسرائيلين وبأن لكل معلومة ثمن ، من الواضح بأن هذا المعنى وتداعياته المأمول والمفضل لدى الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني وهو يحمل امكانيات معقولة .
اما المعنى الثاني المحتمل ، فهو استمرار القسام في سياسته القديمة التي تعتمد على إشارات ورموز توحي بأن إسرائيل تكذب وأن أسراها في غزة هم من الأحياء بهدف التأثير في الرأي العام وتحريك الشارع الإسرائيلي ، كي يدفع حكومته لإنجاز صفقة تبادل أسرى وهي سياسة لم تنجح حتى الآن ولا يعتقد على نطاق واسع انها ستنجح في المستقبل ،واحتمالية استهداف القسام لهذا المعنى هي احتمالية ضعيفة وذلك بناء على التقدير العالي لكفاءة مخططي وراسمي السياسة داخل الكتائب
المعنى المحتمل الثالث من تصريحات ابو عبيدة هو اعتماد القسام لسياسة ونهج جديدين بتغير سياسة الغموض الحالية ولكن باتجاه تعزيز فرضيات ( موت الأسرى الاسرائيلين ) وتحميل الاسرائيلين مسؤولية عن ذلك إلى درجة قد تصل في المستقبل لإعلان وفاتهم رسميا بطريقة أو بأخرى وهو معنى محتمل بصورة محدودة أيضا. الا انه يثير العديد من التساؤلات الغريبة حول توقيت الاعلان وكيفيته وهل هذا كان نزولا للقسام عن شجرة التصريحات العالية والمبشرة (لصفقة العصر ) بالنسبة للأسرى وإلى أي مدى يمس هذا الأمر بمصداقية المقاومة وعلى رأسها القسام ؟؟ وكيف سيتم انجاز الوعد بإطلاق سراح الأسرى اذا ؟ اياً كانت المعاني والدلائل الراجحة بتصريحات القسام فإن الأمر واضح بانها حملت معلومة جديدة وهامة وقد تشكل انعطافة بهذا الاتجاه او ذاك كما أن من الواضح بأن الأمل والثقة بالمقاومة وعلى رأسها القسام بتحقيق وعد إطلاق سراح الأسرى ما زالت عالية جدا ويبقى السؤال الأهم وهو إلى متى ؟ الأسرى ينتظرون من عشرين بل ثلاثين بل أربعين عاما .