لو كُنت صهيونياً، لوقفت أمام المبكى طويلاً.. أبثه حزناً يستبدُ بي على ما آلت اليه أحلام الآباء المؤسسين، والطلائعيين من المحتلين الأُول.. ف(دولة اليهود) التي بشر بها هرتسل، تتهاوى على غير صعيد.
فعن أي دولةٍ نحدث والأزمة الحكومية باتت ثابتاً في سياستنا، فبعد أن الصقنا فسيفساء حكومتنا الحالية، بات استقرارها مرتبط بجويي اسمه منصور عباس، وليس مجرد جويي؛ بل ابن لأبوين فلسطينين، ولو فعل لإرضائنا ما فعل.
عن أي دولةٍ نتحدث وبئسنا بيننا شديد، والاستقطاب يشكل متتالية لا تنتهي، مابين علماني وحريدي.. ومابين يمينٍ ويسار.
وأخيراً وليس آخراً، ما بين يمينٍ ويمين (فسموتريتش)، يرى في يمينا دنساً لا يجوزُ أن يدخل كنسنا، تكفيرٌ جديد وضغينة تتجدر، وكأن نبي الأُميين صدق حين قال (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى).
عن أي دولةٍ نتحدث، وبعد أكثر من سبعة عقود ما زلنا غرباء، وسط بحر من الأعداء لم تفلح كامب ديفيد، ولا العربا، ولا أوسلو، ولا اتفاقات أبراهم في الحد منه، وحتى أشد أبناء هاجر ولاءً لنا تضطرهم شعوبهم، أن يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، نعود إلى المربع العداء الأول المرة تلو المرة.
عن أي دولةٍ نتحدث وما زال خطاب (الشحشحيم)، حاضراً في اللاوعي والوعي، ويعود ولو دون قصد، ليكشف أن (بوتقة الصهر) لم تفلح، كما أراد لها بن غوريون، عن أي دولةٍ نتحدث وأبناء العماليق، يعيثون (بحار هبايت) ويعيدون مشهد ديفيد وجوليت، ولكن بالمقلوب هذه المرة، فلا نملك أن ندخل بيت الرب، إلا وكأننا في ساحة حرب، فالأصلانيين لم يعودو يخشوننا، وبعد حصارهم في غزة أحالوها متساداجديدة، ولكن هذه المرة لا يفكرون بقتل نفسهم مثلنا، بل نجحوا في تهديد أمننا، فأسطورة الفينيق تبدو حقيقةً تخرج من تحت ركامهم، ومن بين أشلائهم من جديد، في مشهدٍ يتكرر ولا يتغير.
لو كنت صهيونياً.. لأدركتُ أن قدرنا أن نُهزم!