تحيي أوكرانيا اليوم عيد استقلالها الـ31 في ظل الحرب الضارية التي لا تزال رحاها تدور منذ ستة أشهر والتي سقط من جرائها أكثر من 100 ألف ضحية.
وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المواطنين الأوكرانيين من احتمال شن القوات الروسية هجمات شرسة خلال هذا اليوم التي انفصلت فيه أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي قبل 31 عاماً.
وأكد الرئيس الأوكراني -في خطاب احتفالي ألقاه بهذه المناسبة- أن القوات الأوكرانية ستعيد السيطرة على إقليم دونباس الانفصالي وعلى شبه جزيرة القرم التي احتلتها روسيا، وأضاف أنه لا خيار آخر في هذه الحرب سوى الانتصار.
وفي موسكو تطرق وزير لدفاع الروسي سيرغي سويغو -اليوم- إلى تطورات الحرب حيث قال: "إن القتال يستمر وفقاً للخطة التي وضعها الجيش الروسي.
وأضاف أن هناك تباطؤ ما في وتيرة الهجوم الروسي، مُعلّلاً ذلك برغبة القيادة الروسية تجنب المساس بالمدنيين.
وبعد ستة أشهر من نشوب الحرب يبدو أنه ليس هناك أي حل واقعي لإنهائها.
ويذكر أنه فور إطلاق الغزو الروسي كان الاعتقاد السائد أن الجيش الروسي كان سيحسم المعركة في غضون أيام قليلة فقط، ولكن -وبعد 6 أشهر من القتال الشرس- فإن الأمور تبدو مغايرة تماماً، ويبدو أن موسكو ودول الغرب -على حد سواء- قد فوجئت من قوة المقاومة الأوكرانية وقدرة الجيش الأوكراني والمواطنين والقيادة في كييف على الصمود بوجه الهجوم الروسي.
ومن الصعب تقدير الأضرار التي ألقتها هذه الحرب التي تعتبر أخطر حرب اندلعت في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد أقر الجيش الأوكراني بسقوط 9 آلاف من مقاتليه، ويسود الاعتقاد أن عشرات الآلاف من الأوكرانيين جنوداً ومدنيين قد فقدوا حياتهم في المعارك، إضافة إلى نزوح نحو 10 مليون شخص من المواطنين الأوكرانيين الذين أصبحوا لاجئين في بلدان أوروبية.
ويعاني الملايين من الأوكرانيين -وخاصة في المناطق التي احتلها الجيش الروسي- من نقص في المواد الغذائية
القوات الأوكرانية تصمد بوجه الاجتياح الروسي
وبعد مرور شهر على نشوب الحرب أدركت القيادة الروسية أن خطتها اجتياح كافة مناطق هذه البلد تجبي من روسيا ثمناً باهظاً ولا تأتي بثمارها، وعليه فإن موسكو قررت الانسحاب من مناطق عديدة ومنها محيط العاصمة كييف، والتركيز على احتلال منطقة دونباس الشرقية والاحتفاظ بالمناطق التي كان احتلها في بداية المعارك في الجنوب وعلى امتداد شواطئ البحر الأسود.
وتخلل المعارك قصف روسي عنيف، حيث استولت القوات الروسية على منطقة لوهانسق التي تقع في شرقي إقليم دونباس، وأنها لا تزال تقاتل من أجل السيطرة على منطقة دوييتسك في الإقليم ذاته.
وبعد أشهر عدة تمكنت القوات الروسية من التقدم البطيء لعدة كيلومترات فقط، في ضوء المقاومة الشديدة التي يبديها الجيش الأوكراني.
ويشن الجيش الأوكراني خلال الشهر الأخير هجمات مضادة في جنوب البلاد، حيث أفلحت القوات الأوكرانية في تحرير قرى وبلدات بمنطقة خيرسون، كما تمكنت القوات الأوكرانية من قطع خطوط التموين للجيش الروسي في منطقة مدينة خيرسون، وذلك بعد قصف الجسور المؤدية إليها.
كما تشن القوات الأوكرانية هجمات وقصف على القوات الروسية في القرم وفي مدينة سيفاستوبول التي يرسو في مينائها أسطول البحر الأسود الروسي.
ويبدو أن القيادة الروسية في حيرة من أمرها، إما توظيف القوات للدفاع عن المناطق التي احتلتها في الجنوب، أو توجيهها إلى منطقة دونباس لتقدم في الإقليم الذي تنوي موسكو ضمه إلى روسيا.
وماذا يكمن المستقبل بالنسبة للحرب؟
يبدو أن النية تتجه في موسكو وكييف -على حد سواء- نحو مواصلة الحرب وعدم الجدوى في التفاوض في هذه المرحلة، وذلك رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه بالتوسط تركي حول تصدير القمح من أوكرانيا.
وأكد الرئيس الأوكراني زيلينسكي -اليوم- نية بلاده مواصلة الحرب بلا هوادة وعدم التنازل عن أي أراضٍ لصالح روسيا مقابل السلام.
وفي موسكو لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُصر على مواصلة غزو أوكرانيا، وقمع أي معارضة داخلية للحرب، الأمر الذي يجعل إيجاد حل للأزمة في المستقبل المنظور أمراً شبه مستحيل.