يوني بن مناحيم
أثارت الهجمات الأخيرة الدقيقة والفعالة لسلاح الجو الإسرائيلي على مطاري دمشق وحلب في سوريا -لمنع هبوط الطائرات الإيرانية التي تحمل معدات عسكرية متطورة لحزب الله والهجمات الدقيقة على أهداف إيرانية لـ "الحرس الثوري" وحزب الله في سوريا- قلقاً كبيرا في نظام الرئيس بشار الأسد من اختراق استخباراتي عميق للموساد الإسرائيلي في المؤسسة المدنية والعسكرية السورية.
ويقول مسؤولون سوريون إن الموساد الإسرائيلي نجح في تجنيد مسؤولين وعسكريين سوريين لجمع معلومات عن أنشطة الجيش السوري و "الحرس الثوري" الإيراني وتنظيم حزب الله في عدة مناطق سورية.
وبحسبهم، فبالإضافة إلى تجنيد عملاء في جنوب سوريا في منطقة الجولان أو جنوب لبنان، يستغل الموساد الإسرائيلي الوضع الاقتصادي الصعب في سوريا لتجنيد لاجئين سوريين في أوروبا والدول العربية ومن خلالهم يستخدم أقاربهم داخل سوريا مقابل مبالغ طائلة لجمع معلومات استخبارية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، في 10 سبتمبر، أن نظام بشار الأسد اعتقل مؤخرًا عشرات الأشخاص المشتبه في تعاونهم مع "إسرائيل".
وذكر التقرير أن من بين المعتقلين ضباط في وحدات الدفاع الجوي ومن بين وحدات الجيش السوري المتواجدة بالقرب من مطاري حلب ودمشق وقرب مصياف وطرطوس.
وفي العامين الماضيين، ألقت المخابرات السورية القبض على عدد من المشتبه بهم بتقديم معلومات حيوية لـ"إسرائيل"، وهم مسؤولون وعسكريون في سوريا، ونُفذت العملية بالتعاون مع المخابرات اللبنانية.
وفي نهاية العام الماضي، تم الكشف عن شبكة تجسس كبيرة للمخابرات الإسرائيلية تعمل عبر شبكات التواصل الاجتماعي في لبنان، وركزت المخابرات الإسرائيلية على تجنيد عملاء من بين أفراد القبيلة العلوية على الساحل السوري، وهي القبيلة التي ينحدر منها ظهر الرئيس بشار الأسد، بافتراض عملي أن هذه القبيلة لديها وصول أفضل إلى المعلومات حول النظام والتأسيس العسكري.
وفي أوائل أكتوبر 2021، أصدر رئيس الوزراء آنذاك نفتالي بينيت إعلانًا مثيرًا في الكنيست حول عملية سرية خاصة قام بها الموساد الإسرائيلي في محاولة لتحديد معلومات استخباراتية حول مصير الملاح الإسرائيلي المفقود رون أراد، وعلى إثر ذلك انتشرت أنباء في "إسرائيل" عن قيام الموساد الإسرائيلي باختطاف جنرال إيراني في دمشق ونقله إلى دولة أفريقية لاستجوابه على القضية، وتم إطلاق سراحه في نهاية الأمر.
وبحسب مصادر أمنية، فإن هذا المنشور لم يكن ضروريا وألحق ضررا كبيرا بـ"إسرائيل" حيث استفز المخابرات السورية لزيادة نشاط وحدات التجسس المضاد داخل البلاد للعثور على عملاء الموساد الإسرائيلي.
في السياق، كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، التي تعتبر أحد منابر تنظيم حزب الله، في 10 أيلول/سبتمبر، أن الموساد الإسرائيلي استعان بطبيب سوري يعيش في السويد، تم تجنيده عن طريق شركة وهمية بحجة أنها تريد تقديم خدمات تنقية شبكة المياه والصرف الصحي في سوريا بالمجان، وطُلب منه نقل خرائط شبكة المياه في سوريا وغيرها من المعلومات ذات الطابع الأمني إلى الشركة.
وبحسب التقرير، فقد عمل أيضًا كوسيط وساعد الموساد الإسرائيلي في تجنيد والده وشقيقيه من ضباط الجيش السوري وقدموا للموساد معلومات أمنية مقابل آلاف اليوروهات.
وبحسب النبأ، فقد اعتقلته المخابرات اللبنانية عندما وصل على متن طائرة إلى مطار بيروت.
اسم الطبيب مؤين يوسف من مواليد عام 1969 من مدينة اللاذقية على الساحل السوري، وهو طبيب أمراض الباطنة والكلى عمل كرئيس قسم في إحدى مستشفيات ستوكهولم.
وفي تحقيقه من قبل مسؤولي الأمن اللبنانيين، قال الطبيب إنه في عام 2018 تم الاتصال به عبر البريد الإلكتروني من قبل رجل قدم نفسه كممثل للشركة، والتقى به في ستوكهولم وعرض عليه خدمات والده وشقيقان من الضباط في الجيش السوري، ثم بمرور الوقت أدرك أنه تم تجنيده من قبل الموساد الإسرائيلي والتقى بعملائه في براغ وسويسرا وإيطاليا.
وفي آب 2020، بدأ الموساد بحسب شهادته في تفعيله عبر تطبيق مشفر على شبكة التواصل الاجتماعي "واتس آب"، أوضح لوالده وشقيقه أنه كان مجرد وسيط بينهما وبين الموساد الإسرائيلي، وقرروا مواصلة العلاقة مع الموساد بمشاوراتهم بمبالغ آلاف اليورو.
يقال إن الكشف عن القضية في جريدة "الأخبار" هي محاولة من قبل سوريا ومنظمة حزب الله لطمأنة الجمهور السوري واللبناني، وإثبات أنه من وجهة نظر أمنية، سوريا ولبنان في السيطرة الكاملة والنجاح في القبض على عملاء الموساد الإسرائيلي.
في سوريا ولبنان لا يقبلون هذه الرواية، يتابع الجمهور باهتمام كبير في وسائل الإعلام العربية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي الضربات الجوية الدقيقة لسلاح الجو الإسرائيلي على المطارات في سوريا وأهداف إيران وحزب الله، ويتفهم ذلك بالضبط، حيث تنبع الهجمات من معلومات استخبارية جيدة تمتلكها المخابرات الإسرائيلية.
هذه خطوة أخرى للحرب النفسية من قبل سوريا وحزب الله، لكنها خطوة شفافة، لكن أجهزة المخابرات في "إسرائيل"، وخاصة الموساد، تتخذ الاحتياطات في استخدام المعلومات الاستخباراتية الجيدة لديها حتى لا "تحرق" مصادرها و استخدمه بحكمة حتى لا تنكشف المصادر.