بقلم/ وليد الهودلي
أرجو أن تسمعيني جيدا بعقل مفتوح على مصراعيه، الأمر لا يحتمل إلا منتهى الجدّية والاهتمام، لا أريد لك أن تصلي المصير الذي وصلت إليه، أنا أعترف إليك فقد كنت مستضعفا مستهبلا، امتطوني كما يحلوا لهم وارتكبوا كل الجرائم التي تخطر على بالك والتي لا تخطر، إياك أن تتركي لهم الحبل على غاربه، أنا اعترف لك بأنهم استخدموني شرّ استخدام، لم يراعوا فيّ إلا ولا ذمّة، استباحوني الاستباحة النكراء: حرب دولية مستعرة في أوكرانيا، العالم الغربي كلّه يضع ثقله في مواجهة الدبّ الروسي، وحكومة أوكرانيا رضيت لنفسها أن تحارب عن الغرب بالوكالة وكانت الضحية البلد وشعبها.
العالم العربي يراوح مكانه بل للأسف الشديد هناك من دوله من تعمل على التطبيع على قدم وساق، لا أدري ما هي حاجتهم لعدوّهم اللدود كي يقيموا العلاقات معه، وما يزال بغالبيته يرتع في التخلّف والتبعية وفساد السلطات واستبداد الحكام ودمار الشعوب ومقدراتها، لا ينظر إلى ما هو أعلى منه من الدول المتقدمة حضاريا ويصرّ على أن يبقى في ذيل القافلة، بينه وبين الدول المتقدمة صناعيا وتكنولوجيا قرابة السنة الضوئية، قائم على الاستهلاك ويفتح أسواقه بلا حدود لبضائع المستعمرين، في السابق استعمرونا بقوّة السلاح لفتح أسواقنا، والآن نفتحها لهم دونما الحاجة إلى استعمارنا المباشر، من خلال من وظّفوهم علينا، بمهنية عالية وشفافية صادقة يقومون بدورهم المنوط بهم على أكمل وجه، أن تبقى البلاد والعباد في تبعية تامة، وأن تستفيد وتسيطر طبقة صغيرة تدور في فلك الحاكم بأمرهم، ويبقى الشعب مسحوقا ضعيفا ذليلا يعيش على فتات موائد الكبار.
فقط لا بدّ من تسجيل إشراقة في هذا الظلام الدامس، دولة عربية اقامت على أرضها نهاية العام مونديال كرة القدم، ونجحت في إعطاء صورة مشرقة جميلة عن العرب، رغم أن هذا المونديال لا يعكس طبيعة هذا العالم المتوحّش والمنقسم بين دول مستكبرة ودول مستضعفة، فأتى هذا المستكبر ليتمظهر بصورة عكس صورته الحقيقية بلعبة رياضية تحكمها قوانين عادلة ونزيهة، بينما هو ناهب لخيرات ومقدرات الدول المستضعفة بكل ما أوتي من جشع واستبداد، وتساءل الناس عن قدرة العرب في تنظيم وإدارة هذا الحدث العظيم، لما لا يستخدمون هذه القدرة في كافة الميادين؟؟.
أما القضية الفلسطينية فهي للأسف الشديد لم تتزحزح قيد أنملة عن السنة الماضية، سأسلّمك إياها عهدة عندك كما سلّمتني إياها سنة 21، الانقسام على حاله، والسلطة مجرد إدارة أزمة دون أن تحدث أيّ اختراق أو حتى تسلّل يحقق هدفا في أيّ ميدان من ميادين الدولة، والمحتلّ متربص بنا يزداد توحشا وقتلا واعتقالا واستيطانا، يمضي قدما ويفرز للحكم الأكثر تطرفا وجنونا، وأمام هذا الجنون لا تجد إلا مقاومة في غزة، تسعى جاهدة للوقوف أمام أي تهور أو حماقة تخرج عن قواعد الاشتباك.
كان الله في عونك زميلي العزيز في حركة التاريخ، ستكون مثقلا، وما لم يحدث ما يخرج عن سياقي وسياق من قبلي، ستقف على أعتاب سنة 24 وتقول لها ما قلته لك.