ماذا يترتّب على اعتراف الكيان بجريمة قتل أحمد حسن كحلة؟
بداية، لا يعني وصول تحقيقات جيش الاحتلال في جريمة ما إلى اعترافه بالخطأ الذي وقع به جنوده أنّ بقية الجرائم -سواء حقّق فيها أم لم يحقق- بأنّها كانت خطأ، إنما كانت صائبة مائة بالمائة، فالاحتلال وكل ما ينتج عنه هو جريمة؛ بل خطيئة كبرى ما بعدها خطيئة.
معروفة قصة الذئب الذي أكل الحمل لأنه عكّر ماء النهر بعد أن شرب منه، كان بإمكانه أن يشرب من المكان الأعلى الذي شرب منه الحمل؛ لأن التعكير يصيب المنطقة الأسفل للنقطة التي شرب منها الحمل، كان بإمكانه أن يأكل الحمل بتبرير آخر بعيداً عن هذا التبرير الواهي، كان بإمكانه أن يأكله بمنطق القوّة بعيداً عن محاولة التبرير وفلسفة الأمور، قصتنا مع الاحتلال أكثر صلافة ووقاحة من منطق هذا الذئب، خاصة عندما يحاول البحث عن مبرّر للقتل.
بداية بخصوص جريمة قتل المواطن الفلسطيني "أحمد حسن كحلة" قالوا بأنهم وجدوا معه سكيناً وحاول الهجوم على جنود جيشه، ثم قالوا بأنه حاول سحب سلاح الجندي، ثم اعترفوا لأن الصور فضحتهم وكشفت معالم الجريمة، وينطبق هذا السيناريو على أغلب جرائم جيشهم ومستوطنيهم.
أحمد كحلة لم يكن مجرّد حمل تعرّض لأنياب ذئب مفترس في ليلة ظلماء، هو إنسان من دم ولحم ومشاعر وطموح وآمال، هو ربّ لبيت تنتظره فيه زوجة وأطفال، هو إنسان كبقيّة البشر، فأن يقرّر جندي أرعن قتله ووضع حدّ لحياته، وأن ييتّم أطفاله ويرمّل زوجته، هذه جريمة نكراء بكل أركان الجريمة وبكل أبعادها المأساوية.
ولدينا هنا الآن سؤالان ملحّان: من المسئول عن هذه الجريمة؟ هل هو الجندي الذي أطلق النار؟ أم هو من أطلق العنان لهذا الجندي، ومنحه تسهيلات واسعة جداً للقتل، وحلّله من كل الضوابط السابقة ولو كانت واهية؟، هل الحكومة والقضاء الذي يحكم الجندي القاتل بعد إدانته بالجريمة من قبلهم بغرامة بضع أغورات، ويجد من يصفّق له ويتظاهر متضامناً مع الجريمة في وسط جمهورهم المتطرف؟
كل هؤلاء هم من قاموا بالقتل، الجندي هو الوسيلة المنفّذة، بينما من وفّر له تعليمات القتل وبيئة اجتماعية حاضنة للقاتل، القاتل من جنودهم بطل مغوار يحترم ويقدّر ويحظى بكلّ التشجيع والإشادة، فلا تقولوا هو خطأ جندي، وإنما هو خطيئة ارتكبها هذا الكيان بكل مكوّناته الحكومية والشعبية والإعلامية والأحزاب الدينية وكل من يغذّي رأس هذا الجندي بالحقد والكراهية والعنصرية.
أمّا السؤال الثاني: ماذا نحن فاعلون اتجاه هذه الجريمة المكرورة بين الحين والآخر؟، لا بدّ من تفعيل هذه الجرائم إعلامياً على الساحة الدولية بكلّ قوّة، وأن تستنفر سفاراتنا وكلّ قدراتنا على الترجمة والوصول الى الإعلام العالمي بحيث تصبح قصتنا الصحفية قصة عالمية، ثم نتابع كل جريمة في المحاكم الدولية ولا نتوقّف عند لجنة التحقيق الإسرائيلية، بل نطالب بلجان تحكيم دولية؛ بهدف تجريم هذا الاحتلال وإخراج كيانه من دائرة الدول التي تحترم القانون وحقوق الإنسان.