حريتنا وأبعاد قضية الأسرى

د. ناصر ناصر

كاتب وباحث سياسي

حريتنا وأبعاد قضية الأسرى


ناصر ناصر  


تأتي مجلة حريتنا في سياق جهود الأسرى المستمرة؛ لتعزيز وتطوير تعامل الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة مع قضية الأسرى داخل سجون الاحتلال الصهيوني على كافة الأصعدة والمستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وعلى رأس الأمر كله مسألة تحرير الأسرى وخلاصهم من الاحتلال بعد كل هذه السنوات الطوال.  

قضية الأسرى هي قضية الشعب الفلسطيني وأحرار العالم بأسره ففيها تبرز ثلاثة جوانب أو أبعاد رئيسية:

البعد الأول: وهو تأكيد بأن ما يواجهه الشعب الفلسطيني هو استعمار استيطاني إحلالي فهو لا يفرق بين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أو في مناطق الـ 67، الأسير الفلسطيني هو واحد، ولا فرق جوهري بين وليد دقة أو كريم يونس من الداخل وبين نائل البرغوتي ومحمود عيسى أو غيرهم من أبناء الضفة والقدس، وها هي حكومة الاحتلال تقر قانون بسحب الجنسية مما تسميهم "مخربين عرب" على خلفية الإفراج والاحتفاء بكريم وماهر يونس بعد 40 عاماً من الأسر والمعاناة.  

أما البعد الثاني: فهو صمود وثبات وصبر ومقاومة أبناء الشعب الفلسطيني المعتقلين بهذا المشروع الكولينيالي الإحلالي حتى داخل أقبية التحقيق وزنازين الأسر؛ حيث قدّم الأسرى الفلسطينيون الكثير، وهم يستعدون هذه الأيام لمواجهة تهديدات وزير الأمن القومي الجديد بن غفير، والتي بدأت مع حملة تنقلات واسعة للأسرى داخل السجون، وعزم بن غفير كما أشارت صحيفة هآرتس 10-01-2023 على " تطبيق استنتاجات لجنة كاتبي القمعية بنقل أسرى المنظمات الفلسطينية وإلغاء تمثيل الاعتقال"، ووفقاً للمخطط الإجرامي فسيجتمع الكابينيت خلال أشهر معدودة لنقاش تطبيق قرارات اللجنة.

أما البعد الثالث: فيشير إلى الطبيعة المختلطة لتعامل الشعب الفلسطيني بمؤسساته المختلفة مع قضية الأسرى، فمن جهة واحدة تبرز الإيجابية الواضحة في تقديم الدعم المعنوي والإعلامي والتعاطف الشعبي الواسع مع الأسرى، إضافة للدعم المادي والاجتماعي المعقول، ولا يقل أهمية عن هذا هو شبكة الأمان، أو معادلة الردع التي طورتها المقاومة الفلسطينية، واعتبرت من خلالها أن مساً أو اعتداءً على الأسرى بشكل خاص سيؤدي إلى إشعال المنطقة وتصعيد الأوضاع الأمنية فيها بصورة كبيرة، الأمر الذي أدى لكبح جماح اعتداءات الاحتلال على الأسرى بصورة واضحة.

وفي مقابل تلك الإيجابية تبرز العقدة في المستوى الأهم من مستويات قضية الأسرى وهو "حرية الأسرى" وعدم السماح للاحتلال بالاحتفاظ بالأسير، أو بالأحرى التنكيل به لسنواتٍ طويلة كما يحدث اليوم مع أكثر من 300 أسير فلسطيني قد دخلوا أعوامهم الواحد والعشرين، ومئة أخرى ينتظرون الدخول خلال حوالي 6 أشهر، ومئات كثيرة قضت أكثر من عشرة سنوات، وهنا يبرز التقصير أو العجز أو ضعف والتباس الحسابات، وهنا تأتي مجلة "حريتنا" كجهد متواضع للتركيز والتذكير بضرورة حل هذه العقدة الآن وفوراً ودون تأجيل، وقبل أن يعزز الاحتلال ما أوشك على تعزيزه، وهو بأن مصير الأسير إما ككريم وماهر يونس وإما كناصر أبو حميد رحمه الله، فإلى أي مدى ستنجح المجلة في الإسهام بهذا الأمر؟  


يعتمد ذلك على مدى التفاعل من قبل القارئين والأمر بعد الله تعالى بيدكم أيها القارئون الأحرار.



جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023