ورطة حكومة الاحتلال

بقلم/ أيمن عبد المجيد

4/5/2023

الصفعات المتتالية التي تلقتها الحكومة الإسرائيلية فى العمليات في الضفة الغربية والقدس مرورا بعملية مجدو، ومن ثم الصواريخ التي أطلقت من قطاع غرة ولبنان والجولان، ردا على الاقتحامات والاعتداءات الصهيونية علي الأقصى وعلى المصلين في شهر رمضان المبارك، وصولا إلى الجولة الأخيرة في قطاع قوة بعد اغتيال الأسير خضر عدنان.

هذه الصفعات والضربات كشفت مدى انحسار وتآكل عقيدة ومنظومة الردع، التي لطالما تغنت بها الحكومات الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية وعلى رأسها الحكومة الأكثر تطرفاً والتي يرأسها نتنياهو، وتضم كلا من (الاتحاد القومي) برئاسة سيموتريتش والذي يعتبر أن السياسة الإسرائيلية يجب أن تتواصل استناداً إلى الردع والقبضة الحديدية، مثل مواصلة هدم البيوت والطرد وتعزيز الاستيطان والمستعمرات من ناحية، وعقيدته التي دعا لها في سنة 2017 والمسماه بـ"خطة الحسم"، التي تقضي بحسم الصراع مع الفلسطينين وليس إدارته من ناحية أخرى.

أما إيتمار بن غفير رئيس (عوتسما يهوديت) والذى طالب بطرد وقتل العرب، وسن قانون عقوبة الإعدام ضد المقاومين الفلسطينيين والتشدد في معاملة الأسرى في السجون الإسرائيلية، والقسوة فى عمليات القمع والاعتقالات في الضفة الغربية والاغتيالات في قطاع غزة.هذه الحكومة اليمينية الفاشية والمتطرفة أصبحت بين مطرقة المقاومة الفلسطينية وعملياتها متعددة الساحات، وبين صنوان المزايدات الحزبية والسياسية من ناحية، والاحتجاجات على ما يسمى الإصلاحات القضائية.

الجولة الأخيرة مع فصائل المقاومة على إثر استشهاد الأسير خضر عدنان، أدى إلى توتر كبير داخل الائتلاف الحكومي، وسبب حالة من التصعيد السياسي ومواجهة حامية الوطيس، حيث وصل الأمر إلى تبادل الاتهامات بين حزب الليكود من جهة، إيتمار بن غفير من جهة أخرى، وصل حد تهديد الأخير بعدم التصويت لصالح الحكومة داخل البرلمان أو الكنيست الإسرائيلي.

التوتر تصاعد بعد دعوة بن غفير لحضور اجتماع الكابينيت الأمني من قبل نتنياهو، وكذلك إيقاف نتنياهو القرارات الأخيرة التي أصدرها بن غفير والموجهة لمصلحة السجون، إيقاف وإخراج الهاتف العمومي من سجن عوفر، وتركيب أجهزة تشويش فى أقسام الأسرى الفلسطينيين، وتكثيف التفتيشات والاقتحامات لمصادرة التليفونات المهربة

ناهيك عن تهديدات الأحزاب المتدينة في حالة عدم تمرير قانون التجنيد بالصيغة المطلوبة بما يخدم مصلحتها وأجندتها.

وما زاد الطين بله الاحتجاجات والتظاهرات من قبل سكان سديروت ومستوطنات غلاف غزة، والتي صوتت بقوة للحكومة الحالية فى الانتخابات الأخيرة، حتى وصل بهم الأمر لأن تطلق على هذه الحكومة حكومة صواريخ بالكامل بدل حكومة يمين بالكامل.

كل تلك القضايا والحالة الصعبة التى تمر بها حكومة نتنياهو، قد تدفع الأخير لأخذ زمام المبادرة واختيار أفضل السيناريوهات للتغطية على مشاكلها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية من جهة، وإلى محاولة إرضاء اليمين وشركاءه فى الحكومة من جهة أخرى، وكذلك إعادة حالة الردع بما يحفظ ماء الوجه.

ومن أبرز هذه السيناريوهات:اجتياح الضفة الغربية خاصة مخيم جنين ومدينة نابلس، وهذا ما أكدته صحيفة "إسرائيل هيوم" اليوم 4/5/2023، حيث أفادت في خبرها والذي ينشر لأول مرة أن الاجتماع الذي عقده الكابينت الإسرائيلى أن من أهم القضايا التي طرحت على جدول الأعمال خلال الاجتماع الذي عقده الكابينت الاسرائيلي هو:

عملية عسكرية في مناطق الضفة الغربية، وأشارت أيضا أن جهاز الشاباك يؤيد ذلك، وأن وزير الدفاع "غالانت" يبحث هذا الخيار، خاصة أن التقديرات الاسرائيلية بأن الهدوء الأمني لن يستمر فى المنطقة طويلاً.

المبادأة والذهاب إلى أن عملية اغتيال لواحد أو مجموعة من القيادات السياسية أو العسكرية لحركة حماس داخل قطاع غزة، ومن ثم الذهاب إلى جولة معدة مسبقاً ومخطط لها بإحكام، لإيقاع أكبر قدر من الخسائر ولتحقيق إعادة حالة الردع.

القيام بعمل كبير داخل الأقصى أقله السيطرة الكاملة على باب الرحمة، وتحويله إلى كنيس إسرائيلي للصلاة فيه، ما يعنى التقسيم الزماني والمكاني.

عمليات اغتيال خارج فلسطين المحتلة لقيادات سياسية وعسكرية لحركة حماس، سواء في لبنان أو سوريا أو دول أخرى، مع الاستعداد والجهوزية لأي ردات فعل من المقاومة الفلسطينية وعلى كل الجهات.

من أجل ذلك على الفصائل الفلسطينية المقاومة وقياداتها أن تكون على درجة عالية من اليقظة، وأن تأخذ هذه السيناريوهات على محمل الجد، خاصة أنه صدر من أعضاء الحكومة الإسرائيلية العديد من التهديدات والتصريحات ذات الصلة، وفى الوقت نفسه أن تكون على قدر عال من الاستعداد والجهوزية للرد على أى اعتداءات على الشعب الفلسطيني ومقاومته وقياداته، وألا تعطيها الفرصة إلى إعادة ماء الوجه أو تقديم أي صورة نصر كانت.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023