قراءة في الموقف والتقدير
بقلم الخبير العسكري والأمني:
عبد الله أمين
تحدثنا في الجزء الأول من هذه المقالة عن الموقف -عملية تحرير فلسطين-والفرضيات أو الحقائق التي بني عليها هذا الموقف، والتي من أهمها:
1. فرضية حتمية التحرير.
2. محددات الجغرافيا والديموغرافيا.
3. تعدد الشركاء وطلاب الدم والثأر
4. طبيعة المحتل:
5. تفاوت ميزان القوى
ونتحدث في الجزء الثاني والأخير، عن طرق أو سيناريوهات العمل المتوقعة لخطة تحرير فلسطين، على أمل أن تكون هذه الأفكار الواردة في هذه المقالة، محل بحث وتدقيق من أهل الاختصاص، فيقوى سقيمها، ويؤخذ بـ ( سمينها ).
أولاً: طرق العمل المتصورة:
في الحدث عن طرق العمل المتصورة لعملية تحرير فلسطين؛ كل فلسطين، فإنه يبرز أمامنا ثلاثة طرق أو سيناريوهات للعمل، سنتحدث عنها في نقاط البحث الآتية:
1. عملية التحرير؛ بجهد رئيسي من الداخل، وجهد ثانوي من الخارج:
طريقة العمل الأولى الممكن الحديث عنها هي: أن تتم عملية التحرير من داخل فلسطين، بحيث تنهض بهذه العملية قوى وفصائل المقاومة المنتشرة في طول أرضنا المحتلة وعرضها، مسنودة بحراك داخلي لأهلنا في مناطق الثمانية والأربعين، بحيث تُسند لهم أدوار عمل متعددة؛ لا تبدأ بإرباك الجبهة الداخلية لهذا المحتل الصائل، ولا تنتهي بشن عمليات عسكرية ( خلف ) خطوط قواته المتقدمة للعمل على مختلف جبهات الداخل الفلسطيني.
ولقيام الداخل منفرداً بإجراءات الجهد الرئيسي لعملية التحرير؛ فإنه يحتاج إلى قدرات بشرية ومادية، وإجراءات عمل تعبوية وإدارية، وستعترض طريقة العمل هذه بعض العقبات والتحديات، سنفصل أهم ما في هذين الموضوعين-القدرات، العقبات- في العنوانين التاليين.
القدرات المطلوبة:
أ. قدرات بشرية ومادية قادرة على إجراء عمليات التحرير والتطهير، والتأمين:
بما أن خلاصة العمل العسكري هي عبارة عن أهداف ووسائل وطرق عمل، وحيث أن الهدف الكلي لمثل هذه العملية معروفٌ ولا يحتاج إلى نقاش، وهو تحرير فلسطين كل فلسطين، وبما أن طرق العمل أيضاً يمكن أن تجمل في عبارة قصيرة وهي: شن عمليات عسكرية كبرى من محاور متعددة تفضي إلى تحرير الضفة الغربية ابتداءً، وتحويلها إلى رأس جسر ونقطة ارتكاز عسكرية تنطلق منها القوات لتحرير باقي مدننا وقرانا في فلسطين التاريخية، دون اغفال تشغيل المقاومة الفلسطينية في غزة لما لديها من قدرات قتالية في عمل تعبوي الهدف منه الاندفاع من حدود القطاع باتجاه المدن والقرى والحواضر الفلسطينية المحاذية له -للقطاع- على ثلاثة اتجاهات استراتيجية؛ شمالاً، وجنوباً وشرقاً؛ لتطهر ما تستطيع من الأرض، الأمر الذي يُطرح أمامه السؤال التالي: هل تملك قوى المقاومة -كل قوى المقاومة- في غزة والضفة القدرات البشرية والمادية بحيث تقسمها وتوزعها على أربع تشكيلات عاملة، للتحرير والتطهير والتثبيت ومن ثم التأمين؟،وهذا سؤال برسم جهات القيادة والتخطيط المعنية بمثل هذا العمل والمطلعة على دقائق الأمور.
ب. احتياط استراتيجي ـ بشري ومادي ـ قادر على تأمين عمليات التعويض المطلوبة:
المسألة الثانية، أو السؤال الثاني والذي ينبثق عن النقطة الأولى، هو سؤال الاحتياط الاستراتيجي -بشريا ً ومادياً- المطلوب تكوينه واعداده وتدريبه لمثل هذه العملية الكبرى، فلا يعقل أن تخطط قيادة المقاومة لمثل هذه العملية، ويغيب -ولا نظنه يغيب- عنها مثل هذا الأمر، فهل يمكن أن تمتلك مثل هذه القوات لمثل هذه العملية؟ وأين سيحتفظ بها؟ وكيف ستؤهل وتدرب وتجهز لمثل هذا العمل الاستراتيجي ؟ وهذا أيضاً سؤال برسم هيئات التخطيط والاعداد
ت. خطوط إمداد مفتوحة قادرة على تعويض القدرات المادية المستهلكة:
ومن القدرات والترتيبات الإدارية المطلوبة لمثل هذا العمل الاستراتيجي؛ امتلاك خطوط إمداد قادرة على مواكبة حركة القوات على محاور تقدمها، بحيث توصل لها ما يغذي حجر نار أسلحتها من مختلف الصنوف والمديات، وما يُقيت بطون مجاهديها ومقاوميها الزاحفين باتجاه أهدافهم، وإن ظن البعض أن إطعام مثل هذه القوات سهل مقدور عليه، وأنهم سيأكلون مما تضج به أراضينا وحقولنا من مزروعات ومحصودات، وأن ذخائر أسلحتهم سيغنمونها من مخازن عدوهم، ومن بين يدي مقاتليه، إن كان يظن البعض مثل هذا الظن، فأنا ادعوه لمراجعة حساباته، حتى لا يفاجأ بأن ( حساب السرايا ما حيطلع مثل حساب القرايا ).
فأمر معركة التحرير وإن كانت حتمية النصر فيه ربانية، إلّا أن أمر الاستعداد له؛ سنة إلهية يجب العمل بمقتضاها، حتى لا نكون ممن تواكلوا؛ فأكلوا !!
ث. قدرات نارية قادرة على تحييد قدرات العدو الجوية:
أما الأمر الآخر المطلوب التفكير به بجدية عند طرح أن أمر التحرير هو جهد رئيسي داخلي، وما على الخارج إلا أن يدعم ويسند، الأمر الآخر يجب أن ينصب فيه التفكير على قدرة حركات المقاومة على تحييد اليد الطولى للعدو ـ سلاح الجو ـ، فإن كانت العملية العسكرية ستشن من الداخل، فهذا يعني أن عمل العدو على تحييد قدرات المقاومة عبر ناره الجوية سيقتصر على منطقة العمليات الداخلية، عندها ما هو مبرر تدخل الآخرين لتحييد سلاح جو، يعترف العالم بأسره أنه يعمل ضمن مجالاته الجوية ؟ فإن خُلي بين هذه القدرات الجوية المعادية وبين المقاومين العاملين في منطقة العمليات هذه، فهل تملك قوات المقاومة ما يمكن أن تحيّد به هذه النار المعادية؟ أو على الأقل أن تحد من شراستها وفتكها؟
هذه بعض أهم القدرات المطلوب التفكير في كيفية تأمينها وتجهيزها وتدريبها والحفاظ عليها؛ قبل وأثناء وبعد أي عملية تحرير يُفكر في أن جهدها الرئيسي سيكون من الداخل.
إن هذه الأمور لم تطرح من باب وضع العصي في دواليب العمل والتفكير؛ وإنما سيقت من باب انعاش الذاكرة ولفت النظر، قبل وقوع الخطر.
العقبات والتحديات:
أما عن العقبات التي تعترض مثل هذا العمل؛ فإننا سنكتفي بقول أن تأمين وتجهيز وإدارة مثل هذه القدرات -تحرير، تطهير، تثبيت، تأمين، احتياط استراتيجي- بناء على فرضية أن الجهد الرئيسي من الداخل، تأمين هذه القدرات نعتقد أنه من الأمور التي قد ترقى إلى مستوى المستحيل، ولن نتحدث فقط عن عقبات من قبيل سهولة تقطيع ومحاصرة بؤر المقاومة تمهيداً لسحقها والقضاء عليها، فضلاً عن أن الخسائر التي ستقع في أصول قدرات المقاومة -البشرية والمادية، العضوية منها وغير العضوية الممثلة بالحاضنة الشعبية- مما يعني توفر رافعة ضغط معادية تضغط على المقاومة لمنعها من استكمال مهمتها، فضلاً عن البدء بها وتحريك (القوات) لتنفيذها.
2. عملية التحرير بجهد رئيسي من الخارج و جهد الثانوي من الداخل:
أما عن طريقة العمل الثانية والمتصورة لخطة التحرير؛ فهي أن ينهض بجهدها الرئيسي من هم في الخارج من فصائل مقاومة وحلفاء -رسميين وشعبيين- بحيث تتقدم قوى التحرير باتجاه أرضنا المحتلة، في مسار عمليات يقضم الأرض ويطهرها من محتليها، شبراً بشبر، و( دونماً ) بعد (دونم )، حيث يتطلب مثل هذا الجهد توفر قدرات وتسهيلات -قبل وأثناء وبعد العمليات-، كما تعترضه بعض العقبات، نأتي على ذكر كلا الأمرين في العنوانين التاليين.
القدرات المطلوبة:
أ. غطاء ناري قادر على تأمين القوات الزاحفة:
أول متطلبات لمثل هذا السيناريو هو توفر غطاء ناري قادر على تأمين مناطق حشد وانفتاح القوات قبل حركتها على مسارات ومحاور عملها المخصصة لها، وبنظرة سريعة، واستحضار لمجمل القوات -الشعبية والرسمية- الممكن تصور عملها وتشغيلها في مثل هذا السيناريو، فإننا يمكن أن نخاطر بالقول أن هذه القوات، لديها من القدرات النارية ما يمكن أن يوفر لها غطاء نارياً قادراً على منع العدو من إيقاع خسائر تؤثر في أصل مهمتها، بشرط أن يتم العمل انطلاقاً من خطة عمل واحدة، تحت قيادة مركزية مشتركة، قادرة على إدارة وتوجيه الجهود وتخصيص القدرات، قبل وأثناء وبعد العمليات.
ب. قدرات نارية قادرة على (إخصاء) قدرات العدو الجوية:
ومن القدرات المطلوب توفرها للقوات العاملة على مختلف محاور التقدم، ومن مختلف مناطق العمليات باتجاه فلسطين المحتلة، أن يتوفر لهذه القوات، قدرات نارية قادرة على الأقل على تحييد و(اخصاء) قدرات العدو الجوية، فهذه القدرات المعادية إن لم يتم تحييدها والحد من شراستها؛ فإنها قادرة على إجهاض عمل قوات التحرير، وفي مختلف مراحل العمل -الحشد والانفتاح والتقدم- وهنا نعتقد أيضاً أن قوات الواجب الرئيسية القادمة من الخارج لديها ما يمكنها من القدرات النارية -العضوية والمساندة- ما يمكنها من تعطيل عمل سلاح الجو المعادي، وسلبه حرية المناورة أو الحركة.
ت. قدرات نارية قادرة على تثبيت حلفاء وأصدقاء العدو الممكن تدخلهم لنجدته:
أما ثالث القدرات المطلوبة لمثل هذه العملية المتصورة؛ فهي قدرات معنية بتثبيت أو تحييد أو تدمير قدرات حلفاء هذا العدو، إن هم فكروا بالحركة لنجدته أو تقديم العون له، أو الدخول معه بشكل مباشر في عمليات عسكرية ضد قوات التحرير.
وغياب مثل هذه القدرات يعني توقع الدفع بها -قدرات حلفاء العدو- في معركة العدو في أي لحظة وحين، مما يضاعف قدراته ويزيد من بطش أدواته الأمر الذي يعني تعذر التحرير انطلاقاً من الخارج كجهد رئيسي.
العقبات والتحديات:
أما عن العقبات المتصورة لمثل هذه العملية، فإن أهمها؛ تهيّؤ البيئة السياسية التي تسمح بمثل هذا العمل، فأن يبادر الخارج ابتداءً بعمل عسكري لتحرير فلسطين، كل فلسطين، ويتعرض لأهم مصلحة حيوية للغرب في منطقتنا -الكيان المؤقت- بهدف اجتثاث هذه الغدة السرطانية، وإعادة الحق لأهله، هذا يعني توفر بيئة وظروف سياسية، نعتقد أن العمل على توفيرها وتهيئة ظروفها، أصعب من تأمين المتطلبات البشرية والمادية لخطة التحرير ! كما أن من العقبات المتصورة أيضاً إمكانية عدم كفاية القدرات في ظل تعدد الأولويات لشركاء التحرير، مضافاً إلى كل هذه العقبات؛ عقبة طول خطوط الإمداد والحركة لقوات التحرير، التي ستصل إلى أرض غريبة عنها، لا تعرفها حق المعرفة، وهذه هي العقبة الأخيرة التي قلنا أنها تشكل أهم عقبات مثل هذا السيناريو أو طريقة العمل.
3. عملية تحرير مشتركة تتوزع فيها الجهود بين الداخل والخارج:
أما عن آخر طرق العمل المتصورة لعملية التحرير المنشودة والموعودة، فهي عملية مشتركة بين الداخل والخارج، تتوزع فيها الجهود بين مختلف هذه القوى -الشعبية والرسمية- بحيث يحمل المقاومون بمختلف أصنافهم وتلاوينهم على عدوهم حملة رجل واحد، فيتبروا ما علا تتبيراً، ويلحقوا آخره بأوله، ويطهروا الأرض من رجسه ودنسه. وللنهوض بمثل هذه المهمة المشتركة لابد من توفر الظروف والقدرات، وتخطي عقبات وتحديات، الأمر الذي سنفصل أهمه فيما يلي.
القدرات المطلوبة:
أ. قدرات نارية قادرة على اخماد نار العدو الجوية والبرية:
إن أول هذه القدرات المطلوبة هي القدرات النارية ـ القريبة منها والبعيد ـ القادرة على اخماد نار العدو الجوية والبرية، والتي تشكل ذراعه الضاربة، وأداة ناره التي يستبق بها أية ضربة متوقعة من قبل أعدائه، فبمجرد شعوره بتهديد جدي ذي مصداقية يمكن أن يخرج إلى حيز الفعل؛ فإنه يبادر لضربه بعملية استباقية، تُجهض ما تراكم من قدرات، وما حشد من طاقات، معيداً التهديد إلى مستواه الأول، الذي لا يمكن أن يشكل خطراً استراتيجياً على حياته ومقدراته، وبما نعلمه وما نشاهده؛ فإن المقاومة في الداخل وحلفاءها في الخارج لديهم من القدرات النارية ــ الأرضية والجوية ــ الدقيقة ما يمكنها أن تعطل قدرات العدو هذه، مما يسمح لقوات الفتح من التحرك باتجاه أهدافها، دون الخشية من مخاطر جوية قادرة على تعطيل حركتها أو إجهاض مناورتها.
ب. قدرات بشرية ومادية قادرة على تأمين رؤوس جسور في مسرح العمليات:
ومن القدرات المطلوبة لمثل هذه العملية؛ تلك القدرات البشرية القادرة على احتلال وتأمين رؤوس جسور في منطقة العمليات، قادرة على استيعاب ـ رؤوس الجسور ـ طلائع قوات الفتح القادمة من الخارج، بحيث تصل هذه القوات إلى رؤوس الجسور تلك، وهي في أفضل موقف قتالي، وبأقل خسائر بشرية ومادية، وأقل مدد زمنية؛ ثم تنطلق لتوسع وضعيتها عبر تحرير الجغرافيات التي تليها، في حركة تعبوية متناسقة ومتناغمة، تمنع العدو من تحديد محاور الجهد الرئيسية لعملية التحرير، فلا يستطيع تجميد جبهات على حساب أخرى، لحشد قدراته ـ العدو ـ في جهاز دفاعي فاعل، يواجه المسارات الاستراتيجية لعملية التحرير النهائية. وتَشارك قدرات المقاومة الداخلية مع تلك الخارجية، كفيل بإنجاز مثل هذه المهمة ـ تأمين رؤوس الجسور ـ على أكمل وجه.
ت. تحديد الأهداف الكلية والاتجاهات الاستراتيجية لعملية التحرير:
إن هذه العملية المشتركة بحاجة إلى ترتيبات ركنية، تُحدد من خلالها الأهداف الكلية النهائية لكل مسار من مسارات التحرير الاستراتيجية، كما تُنسق عبرها الجداول الزمنية المطلوبة لإنجاز المهام، بحيث لا تتأخر قوة عن أخرى؛ فتربك الموقف الكلي للعمليات، كما يتوخى من هذه الترتيبات الإدارية تخصيص القدرات بناء على التكاليف والمهمات.
ث. جهاز قيادة وسيطرة آمن وفاعل:
ويعد امتلاك وتشغيل قدرات قيادة وسيطرة آمنة وفاعلة لإدارة حرب التحرير هذه، من أهم الأمور واجبة التفكير بها والعمل على امتلاكها وتحديد "بروتوكلات" عملها من الآن، وفحص مستوى فعاليتها وأمنها، فجهاز الأعصاب هذا لا يمكن تشغيله فقط يوم بدء العمل أو الزحف باتجاه أرضنا المحتلة لتطهيرها من دنس هذا المحتل الصائل، وإن ما يضمن حسن تشغيلها في اليوم ي والساعة س؛ بدء العمل على تهيئتها من الآن وفحص إمكانية تشغيلها الآمن، ورفع نواقصها، وسد ثغراتها ونقاط ضعفها.
ج. التفاهم على المناورة الاستراتيجية للخطة الكلية:
ومن الأمور والمتطلبات المهمة للتحضير لخطة التحرير؛ تفاهم الأطراف المشتركة فيها على المناورة الاستراتيجية ـ فكرة العمليات ـ لهذه الخطة، ومراحل تنفيذها؛ متى تبدأ ؟ وكيف ؟ وأين ؟ وأين تنتهي كل مرحلة لتبدأ المرحلة التالية ؟ حيث تحدد لكل مرحلة من هذه المراحل مجموعة أهداف يجب الوصول لها وتحقيقها، ليقال أن هذه مرحلة قد انتهت، وتلك قد بدأت.
أما عن العقبات والتحديات التي تواجه مثل هذا العمل الاستراتيجي الكبير، والذي يجب أن يشارك فيه كل من ينادي بتحرير فلسطين ـ كل فلسطين ـ من قوى شعبية ورسمية، وفق خطة متفق عليها مسبقاً، إن عقبات مثل هذا العمل يمكن أن يُختصر أهمها بالآتي:
أ. تحدي تهيئة الظروف السياسية ـــ المحلية والإقليمية والدولية ــ لمثل هذه العملية الاستراتيجية.
ب. تحدي الفهم العملياتي المشترك لخطة التحرير وإجراءاتها التعبوية.
ت. تحدي عملية القيادة والسيطرة على العمليات المشتركة في مسرح العمليات .
ث. تحدي خفض الخسائر الجانبية في القوات الصديقة -المحلية والواردة- إلى أقل مستوى ممكن.
ج. تحدي إدامة زخم العمليات حتى تحقيق الأهداف وإنجاز المهمات.
ثانياً : الخلاصة والتقدير:
قبل الخوض في الخلاصة والتقدير؛ يجب أن نلفت انتباه القراء الكرام، إلى أن ما ورد في هذه المقالة في جزئيها الأول والثاني، ليس خطة عمل تفصيلية يمكن أن يقال أنها خطة تحرير فلسطين؛ وإنما هي مجموعة أفكار وخطوط عريضة في المستويين الاستراتيجي والتعبوي، يجب التفكير فيها وجعلها محل نقاش وبحث من قبل متصدي العمل لفلسطين من قوى شعبية ورسمية، وستبقى -هذه الخطوط العريضة- حبيسة العقول والأدراج ما لم يتم تنزيلها إلى المستوى التكتيكي، حيث يتم تحويل الأفكار والتدابير والتوجيهات إلى إجراءات عملية، تجيب على أسئلة المهمة المتعارف عليها: من ؟ ماذا ؟ لماذا ؟ أين ؟ كيف ؟ متى ؟
أما عن تقديرنا لعملية التحرير النهائية، فإننا نعتقد أن مثل هذا العمل لا يمكن النهوض به وإتمام أمره إن أسند فقط لقوى المقاومة في داخل فلسطين وحدها، كما لا يمكن تصور إنجاز هذه العملية من خلال عمل خارجي ليس للداخل فيه دور، وأن تحرير فلسطين -كل فلسطين- يتطلب تضافر جهود الخارج مع قدرات الداخل في خطة عمل مشتركة معروفة المهام، محددة الأدوار، متفق على أهدافها ومراحل تنفيذها، يُسند فيها لكل دور حسب قدراته وإمكانياته والجغرافيا التي يتموضع فيها أو ينطلق منها.
ثالثاً: التوصيات:
أما عن التوصيات؛ فإنها من النوع الذي يقال في غرف العمليات وأمام خرائط الوضعيات، ليبنى على الشيء مقتضاه.
نختم بالتذكير أن ما ورد؛ إنما هي أفكار كلية، بحاجة إلى جلسات بحث تفصيلية، لنحيل رؤى التحرير إلى وقائع عملية وإجرائية. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.