أصبح من المعلوم بالضرورة، أن قطاع غزة بما يحتويه من فصائل المقاومة، بقيادة حركة حماس، عائقاً أمام كل الحلول الأمنية والعسكرية التي مورست عليه من قبل الكيان الصهيوني.
وفي نوع من الاعتراف الصهيوني بالعجز، يظهر بين الفينة والأخرى مشاريع وحلول ورؤى يقدمها شخصيات عسكرية وسياسية استراتيجية في ظنهم أنها الحل لما يشكله قطاع غزة من أزمة شبه وجودية للكيان الصهيوني.
كما ولا يخفى ما تقدمه ما تقدمه دولة مصر من دور الوساطة، وإلى حد ما العرّاب للمشاريع والآمال الصهيونية وعموم فلسطين، وقد يتجاوز ذلك إلى المنطقة العربية ولا أدّل على ذلك اللقاءات المكوكية والحثيثة الأيام الماضية في مصر، بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي بوفديها الموسَعين والمخابرات المصرية من جهة أخرى.
مما سبق يقدِّم الكاتب الصهيوني /إيتان بن إلّياهو في الصحافة العبرية ما أسماه في الرؤيا التي ستقود إلى قيامة "دولة غزة "، ضمن نتاجات أخرى اللّاحل المتواصل مع الفلسطيني والحالة الأمنية المؤرقة في قطاع غزة.
الاعتقاد في الكيان أنه وبعد عديد من العمليات العسكرية الكبيرة الواسعة أو الصغيرة المحدودة، الواجب الأخذ بالمعطيات التالية:-
1) قيادة المجتمع في الكيان أصبح واضحاً لديها أنه ومن خلال وجود القبة الحديدية وسلاح الجو الفعّال والقوي في المنطقة، يمثلان الأفضلية العملياتية في كل جولة.
2) من مرحلةٍ إلى أخرى حركة حماس التي تدير قطاع غزة منتبهة، وحذرة أكثر فأكثر للتحديات الطارئة على الوضع القائم، كالتحدي الحقيقي الممكن أو الضمني للفصائل ذات الطبع المشاكس لسلطة وسيطرة حماس على القطاع، والتي أدخلت القطاع في عمليات عسكرية جانبية، كعملية الدرع والرمح الأخيرة الواجب قراءتها جيداً واستخلاص العبر منها، هذا ومع أن حماس لم تشارك بشكل علني في القتال، إلّا إنها تركت حضوراً لا يمكن إغفاله على المعركة.
3) ضغط سكان قطاع غزة على العيش بشكل طبيعي آخذ بالزّياد، وكل جولة تصعيد يجدون أنفسهم تحت القوة النارية للجيش الصهيوني يعانون أكثر، ليتم بذلك تحميل المسؤولية لسلطة حماس في غزة، كرد فعل اجتماعي طبيعي في مثل هذه الحالات.
4) كأي صيرورة يمرُّ عليها الزمن، فإنّ ساكني قطاع غزة وقيادة حماس واللاعبين السياسيين في المنطقة يرون دولة غزة أمراً شبه محقق ولا بد منه.
5) لا يوجد شخص في الكيان الصهيوني يؤيد إعادة السيطرة على القطاع، والتاريخ المعاصر.
والمعطيات تشير إلى أنه بحاجة لخطوة واحدة تنقلنا إلى اعتبار قطاع غزة ذات نظام سياسي إداري مركب، منطقة ستتحول إلى دولة محتملة.
التحليل المستمر للوضع القائم في الأروقة الأكاديمية والسياسية وغيرها في الكيان الصهيوني ينطلق أيضاً من محددات فرضت نفسها، فقطاع غزة بمساحته المحصورة ب 362كم2وساكنيه المليونَيْن، والزيادة السكانية المطّردة باستمرار من غير الواقع الحديث عن إقامة دولة مزدهرة فيه، لكن لا يمكن إغفال القطاع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط يمكن إنشاء ميناء بحري وآخر صناعي في عرض البحر كمقترح الميناء الجوي المطروح.
كم إنه ولإقامة دولة في غزة فإن المساحة الجغرافية غير كافية، وهنا يأتي دور مصر المركزي في قضايا قطاع غزة، فالمواجهات بين حماس والكيان الصهيوني كشفت عن الخطورة التي ارتوت على الاستقرار الأمني والعسكري المصري، وعليه فإن الضغط المناسب والأمل بمستقبل هادئ ومستقر لمصر، يمكن أن يجعلها تقدّم مساحات محدودة من الأراضي الواقعة بين جنوب قطاع غزة إلى شمال مدينة العريش المصرية، كأراضٍ تابعة لدولة غزة المقترحة، تستخدم كمناطق صناعية وتجارية مفتوحة، مثل دبي أو مكّاو، مكان كهذا واقع على شواطئ البحر المتوسط وقريب من العالم الأوروبي فإنه يوفر فرص كبيرة للنمو في المنطقة وبالأخص توفير فرص عمل للغزيين والمصريين على حدٍ سواء.
رؤيا كبيرة بحاجة إلى مساعدة وعمل أممي حتى يتم المشروع، وليس تقديرات ولا تحليلات يقدمها استراتيجيو الكيان الصهيوني فقط.
ومع أنها رؤيا قد تكون بعيدة، إلا أن مسار كهذا يمكن أن يجلب على الاستقرار للمنطقة وبالأخص للفلسطينيين وللمستعمرين في الكيان الصهيوني معاً في ظن بن إلياهو.
وفي الخاتمة من الواضح ظهور أفكار من هذا النوع لدى أطراف عدة في الكيان الصهيوني بعد كل جولة عسكرية مع فصائل المقاومة في قطاع غزة، كون مشهدية اللّا حل لقضايا القطاع تؤكد الأزمة وعمقها، والحاجة لعديد من الأفكار الممكن تطبيقها.
هذا ويمكن استنتاج حالة التجاذب الفكري بين مركبات الكيان الصهيوني المختلفة التي توجب علينا قراءة كل التفاصيل ودراسة الثغرات الممكن استغلالها لصالح مشروع المقاومة الفلسطينية.
بالإضافة إلى ما سبق علينا أن لا نتحسس من هذه المشاريع باعتبارها أولاً مقدمة من جانب العدو الصهيوني، وثانياً إن حصل تطبيق أحد هذه المشاريع فلا اعتراف متبادل إن كان سيكون بين المقاومة والكيان الصهيوني. ولا ننسى خطة الانسحاب عام2005م أحادية الجانب في حينها.
في مقال له يوم الخميس 1/6/2023م _يديعوت أحرنوت.
الأسير / إسلام حسن حامد 9/6/2023