أولاً : الموقف:
لليلة الثالثة على التوالي، منذ بدء المناورة البرية في يوم: 27/ 10/ 2023 الساعة: 22:00 والعدو يحاول تسجيل إنجاز تعبوي على الأرض يستطيع من خلاله تقديم ( صورة ) نصر للقيادة السياسية بغية استثماره في المفاوضات القادمة ، والتي ـ المفاوضات ـ ستركز على إطلاق سراح الأسرى ، وتقييد محاولات حركة المقاومة الإسلامية " حماس " إعادة بناء وترميم قدارتها العسكرية المتضررة من جراء هذه الحرب .
وفي هذا السياق لم يحقق العدو إلى الآن خروقات حقيقه إضافية غير التي حققها في الليلتين السابقتين ، فالعدو ما زال متمركزاً في رأس الجسر الذي حققه في شمال غرب " بيت لاهيا " في محيط المدرسة الامريكية ، أما منطقة الحد الشمالي مع القطاع ؛ فقد دارت فيه بالأمس معركة حامية الوطيس عندما قامت مجموعة من المقاومة تابعة لكتائب " عز الدين القسام " بعملية نفوذ خلف خطوط العدو باستخدام نفق أرضي ممتد من شمال القطاع إلى خلف قوات العدو المنتشرة في منطقة معبر " أيرز " حيث اشتبكت المجموعة مع قوات العدو المنتشرة هناك ، تحت نار إسناد مدافع الهاون الصديقة ، وبالأسلحة المضادة للدروع ، والأسلحة الفردية ، وقد امتد الاشتباك لعدة ساعات ، استعان العدو خلاله بنار الدبابات وبنار ، الإسناد القريب من المروحيات لقطع التماس مع المقاومين ، وانهاء عملية النفوذ . هذا وقد بقي العدو يقوم بعمليات التعرض البري في مناطق الشمال الغربي باتجاه "العطاطرة " و "السوادنية" و " التوام " ، كما بقيت قواته في رأس جسر " المقبرة " شرق "جباليا" على حالها ؛ فلم تقم بأي تعرض حقيقي يهدد الحافة الأمامية لجبهة المقاومة شرق " جباليا " أو شمال غرب " التفاح " و " الشجاعية " .
وفي السياق فقد فتح العدو محاور اشتباك أخرى مع المقاومة في شرق "المغازي " و " رفح " . كما بقيت طائراته ومدفعيته وسلاح بحريته تغير بالنار على كافة مدن ومخيمات القطاع ، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، مركزة نارها على مناطق وسط مدينة غزة ، وجنوبه حيث حي "الزيتون " و "تل الهوا " ، كما طال قصف العدو " المغراقة " و " دير البلح " في المحافظات الوسطى من قطاع غزة . وفي السياق ، فقد أعلن العدو مساء اليوم الماضي ـ الساعة: 22:25 ـ أنه شن غارات على جنوب لبنان ، مستهدفاً مناطق يزعم أنها تشكل منطلقاً لهجمات المقاومة ضد مواقعه المنتشرة شمال فلسطين المحتلة . كما تجدر الإشارة إلى أن العدو يستخدم في قصفه لمدن ومخيمات القطاع مدافع الميدان من نوع " سيغما " وهي مدافع ذاتية الحركة ( 10× 10) من عيار 155 ملم تتوافق ذخائرها مع جميع ذخائر الناتو ، تلقم بشكل أتوماتيكي ، ويبلغ مداها في القذائف المعيارية العادية 30 كلم ، أما إذا ذُخرت بقذائف صاروخية ، فإن مداها يصل إلى 40 كلم ، مما يعني أن هذه المدافع قادرة على تغطية منطقة العمليات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، ومن الشرق إلى الغرب .
هذا وقد عاد الناطق الرسمي باسم الجيش " دانيال هاغاري " وفي إيجازه اليومي الطلب من سكان شمال قطاع غزة بالتوجه إلى جنوبه ، ولكن هذه المرة قال أن المغادرة ستكون مؤقتة ! كما عاد وذكّر بعدد قتلاهم من الجيش منذ بدء عملية " طوفان الأقصى " في 7 أكتوبر ، حيث بلغ عدد القتلى 313 ، وعدد الأسرى 230 أسيراً .
وفي صفحة المقاومة ، فقد بقيت المقاومة تتصدى للعدو وتشتبك معه في كافة محاور تقدمه ، من شمال غرب القطاع حيث رأس جسر " بيت لاهيا " ، حيث اشتبكت في محيط المدرسة الأمريكية مع قوات التعزيز القادمة إلى تلك المنطقة ، وتعاملت معها بصنوف الأسلحة المناسبة ، كما قامت المقاومة في منطقة الحد الشمالي لقطاع غزة بعملية ـ س : 1430 ـ نفوذ عبر الأنفاق واشتبكت مع العدو في حاجز " إيرز " موقعة فيه خسائر مادية وبشرية ، مما اضطره للاستعانة بنار الإسناد المدفعي والجوي لقطع التماس مع المقاومين في بقعة العمليات هذه ، كما تصدت المقاومة للعدو على المحور الشمالي الغربي / " بيت حانون " بالرشاشات ومضادات الدروع ، ومنعته حتى كتابة هذا الموقف من تحقيق رأس جسر يهدد بقعة العمليات في المنقطة المذكورة ، كما منعت المقاومة العدو من تطوير موقفه وتوسيع وضعيته انطلاقاً من رأس جسر " المقبرة " شرق " جباليا ". كما بقيت المقاومة مشتبكة مع العدو بالنار على أكثر من اتجاه ؛ حيث قصفت مقرات حشده وتجمع في : " نير عوز " ـ الساعة: 10:20 ـ و "نيراسحق " و " نحال عوز " و " رعيم " .
هذا وقد قَصفت المقاومة العمق الفلسطيني في "تل الربيع " و" عسقلان " ومدن المركز .
وفي السياق فقد بقيت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " على تماس ناري مع العدو ، حيث أطلقت ـ س : 10:45 ـ النار على نقاط الجمع الحربي للعدو في " مسكاف عام " وقذائف الهاون على مقار العدو في " شبعا " ، وفتحت النار على موقعه في " المالكية " و " راميا " ، كما أطلقت كتائب عز الدين القسام في لبنان 16 صاروخاً باتجاه مغتصبة " نهاريا " ، هذا وقد ارتقى لحركة الجهاد الإسلامي مساء أمس الشهيدين " إبراهيم محمد عثمان خليل " و " مصطفى عز الدين حسين " أثناء تنفيذهما عملية عسكرية ضد موقع للعدو في " حانيتا " المواجه لـ " علما الشعب " اللبنانية . وفي مساء الأمس 29/ 10/ 2023 سُجل قصفٌ ـ الساعة: 21:20 ـ لقاعدة العدو الأمريكي في حقل العمر النفطي في سوريا .
هذا وقد بقيت مدن وقرى الضفة الغربية تحت قبضة العدو الأمنية الشديدة ، إلّا أن ذلك لم يمنع المقاومون فيها من التصدي لقوات العدو التي داهمت مدن : جنين ونابلس وسلود وسلوان وطوباس ، وغيرها من المدن والقرى التي ما زالت تشهد عمليات دهم واعتقالات يومية . كما وزع المستوطنون منشورات تهدد أبناء قرية " دير استا " شمال غرب سلفيت تتوعدهم فيها بنكبة جديدة على غرار نكبة الـ 48 . أما في مناطق الثمانية والأربعين فقد بقي الحال على سابقه ، خاصة وأن العدو الإسرائيلي قد أنهى إلى الآن تشكيل ما يقارب من 600 فرقة أمن نتشر في قرانا ومدننا المحتلة هناك ، واعداً ـ العدو ـ بزيادة عددها في الأيام القادمة لتصل إلى 1200 فرقة . هذا وقد بلغ عدد شهدائنا في الضفة الغربية منذ بدء معركة " طوفان الأقصى " 118 شهيداً.
أما فيما يخص حركات الدعم والتأييد الشعبي للمقاومة في فلسطين ، ودفعاً عن أهلنا في غزة ؛ فقد بقيت هذه المظاهرات والحركات الشعبية تجوب معظم عواصم العالم العربي والإسلامي ، وبعض المدن الغربية . إلا أن اللافت ما قامت به جموع المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في " داغستان " من مهاجمة مطار مدينة " محج قلعة " حال سماعهم بهبوط طائرة قادمة من ( إسرائيل ) وعلى متنها مسافرين يهود من أصول داغستانية .
أما عن الجهود السياسية ، وبحكم عطلة نهاية الأسبوع في عواصم القرار خاصة في عاصمة قائد هذه المعركة عنينا به العدو الأمريكي ؛ فجعجعة بلا طحين ، وحركة بلا بركة ، واتصالات لا تفضي إلى انفراجات ، فمعبر رفح ما زال شبه مغلق ، ويُدخل المساعدات بالقطارة ، بعد أن يتم نقلها أولاً إلى معبر " كرم أبو سالم " ، ثم منه إلى معبر رفح لتدخل بعد ذلك إلى قطاع غزة .
ثانيا : التحليل والتقدير :
لا يزال العدو مُصر على تحقيق إنجاز أرضي حقيقي عبر مناورته البرية التي بدأها ، الأمر الذي يفسر كثافة النار المستخدمة في عمليات القصف والتدمير ، خاصة في مناطق شمال وشرق قطاع غزة . حيث يمزج العدو بين هدفين يرمي إلى تحقيقهما ؛ الأول القضاء على العدو ( المقاومة ) ، أما الثاني فـ (قضم) الأرض ؛ فحيثما تسنى له ضرب وتحييد أهداف بشرية للمقاومة ، فأنه يقدم على ذلك ، وحيثما سمح الموقف الميداني بقضم قطع من الأرض ؛ فإنه لا يفوت الفرصة ، حيث يرى العدو أن في تحقيق كلا الهدفين ، أو أين منهما ، تحقيق لمصلحة عملياته تخدم موقفه القتالي ؛ ففي تحقيق هذه المكتسبات الجزيئة فإنه يحقق الأهداف الكلية التالية :
أما فيما يخص المقاومة ؛ فإن إدارتها لصفحات المعارك اليومية ، بمختلف أنواعها ؛ النارية عبر الاشتباك مع العدو بوسائط النار المختلفة ، أو البشرية عبر التعرض له والاحتكاك به ؛ تشي بأن المقاومة ما زالت تتحكم في الموقف ، وتديره وفقاً لأوليات عمل وأهداف محددة ، يمكن أن تختصر ـ الأهداف ـ بالآتي :
وعليه وبناء على هذه المعطيات، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سيكون على النحو الآتي :
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
عبد الله أمين
30/ 10/ 2023