أولاً : الموقف :
ما زال العدو لليلية الرابعة على التوالي منذ إعلان بدء المناورة البرية في يوم: 27/ 10/ 2023 الساعة: 22:00 يشن الغارات الجوية والبرية والبحرية على معظم مناطق العمليات في مدنية غزة ، مركزاً جهوده النارية ، وتعرضاته البرية على مناطق الشمال الغربي / بيت لاهيا ، والشمال / إيرز بيت حانون ، والشمال الشرقي / سدروت بيت حانون ، وفي الشرق محور " المقبرة " شرق " جباليا " ، إلا أنه بالأمس 30/ 10/ 2023 وقرابة الساعة 10:00 قام بعملية تعرضية باستعداد سرية دبابات مكونة من 14 دبابة ، وجهد هندسي مكون من جرافتين من نوع D9 على محور " كارني " "جحر الديك " " نتساريم " ، مصحوباً بنيران الدعم الجوي والبري والبحري ، حيث اندفع على هذا المحور محققاً خرقاً في منطقة العمليات يقارب الـ 2.5 كلم ، ساعده في سرعة التقدم هذه ؛ خلو هذه المنطقة من المناطق السكنية والهيئات الأرضية ، مضافاً لنيران الإسناد التي رافقت تقدمه ، ولقد تصدت له تشكيلات المقاومة المنتشرة في منطقة شمال شرق " حي الزيتون " و " تل الهوا/ السلام " بوسائطها النارية المناسبة ، مما دفعه للانكفاء مرة ثانية باتجاه الغرب إلى مسافة 500 متر تقريباً ، مبقياً تركيز كثافة نارية بقيت تُصب على منطقة العمليات هذه حتى ساعات متقدمة من ليل أمس ، وصباح هذا اليوم .
كما بقي العدو في نفس الوقت الذي تَصبُ مدفعيته وطيرانه نارهما على بقعة عمليات جنوب غزة ـ " الشيخ رضوان " " تل الهوا / السلام ـ ، بقي يخصص كثافة نارية غير مسبوقة على منطقة العمليات الشرقية : " بيت حانون " " جباليا " " حي التفاح " " الشجاعة" ومحور القتال في الشمال الغربي " بيت لاهيا " المدرسة الأمريكية ، ولم يُفَد إلى الآن عن أي تقدم فعلي ذو قيمة تعبوية أحرزه العدو على هذه المحاور ـ الشمالي الغربي / بيت لاهيا ، الشمالي الشرقي / بيت حانون ، محور الشرق / المقبرة ـ ، كما فتح العدو عدة محاور قتال جديدة في المحافظات الوسطى : " البريج " وشرق " خان يونس " وشرق " رفح " في أقصى جنوب القطاع . كما بقي يخصص قدراً من جهوده النارية لمناطق ساحل مدينة غزة ، من " السودانية " شمالاً " وحتى " الشيخ عجلين جنوباً " . هذا وقد بقيت وسائط العدو الجوية والبرية والبحرية ، تقصف عمق مدن ومخيمات مدينة غزة ، وباقي محافظات القطاع . وفي السياق شن العدو عمليات قصف ـ س : 2210 ـ جوي على بعض قرى الجنوب اللبناني ومنها : " ياطر " و " الصالحاني " .
وفي السياق ؛ خرج وزير دفاع العدو بالأمس في مؤتمر صحفي ليعلن عن شروط كيانه المؤقت لوقف النار، والتي اختصرها باستسلام مقاتلي المقاومة بلا قيد أو شرط ، وإلّا فليس أمامهم إلا القتل ، كما كرر رئيس وزراء العدو الحديث عن هدفهم من الحرب في مؤتمر صحفي ، حيث أعاد التأكيد على أن هدف الحرب هو : القضاء على قدرات حماس القتالية ، واستعادة ( المخطوفين ) من أسر المقاومة ، مطالباً سكان غزة المدنيين الانتقال إلى جنوب القطاع حيث الأماكن ( الآمنة ) والتي يمكن أن يتوفر لهم فيها متطلبات وضروريات الحياة اليومية .
وفيما يخص المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ؛ فقد بقيت تصد تقدمات العدو ومحاولات تعرضه على كافة المحاور ، من الشمال الغربي / بيت لاها ، والشمال الشرقي / بيت حانون ، و الشرق / محور " المقبرة " ، والشمال الشرقي / حي الشيخ رضوان ، وباقي محاور تقدم العدو في المناطق الوسطى / البريج و خان يونس ، وكذلك على محور صوفا / رفح في أقصى جنوب القطاع ، حيث خاضت تشكيلات المقاومة المنتشرة على المحاور الشمالي الغربي / بيت لاهيا ، الشمالي الشرقي / بيت حانون ، اشتباكات عنيفة مع العدو استمرت حتى إعداد هذا الموقف ، ولا زالت الاشتباكات دائرة . كما قَصفت المقاومة مناطق حشد العدو وتجمعا جنوده في مناطق شمال القطاع وشرقه ، كما طالت نيرانها العمق الفلسطيني ، حيث وصلت " تل الربيع " و " عسقلان " و " بئر السبع " . وفي السياق ؛ تعاملت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " بالنيران المناسبة مع مواقع العدو ونقاط جمعه الحربي في كل من : موقع " برانيت " وهو مقر قيادة أحد ألوية فرقة الجليل المعادية ، و " جل العلام " و الموقع البحري في " الناقورة " و " البياض " و " المطلة " . كما قصفت المقاومة العراقية قاعدة " عين الأسد " الأمريكية في محافظة الأنبار بصلية من الصواريخ .
وفي الضفة الغربية ؛ بقي العدو يقتحم مدنها وقراها ، حيث اقتحم العدو " رام الله " و " عناتا " شمال شرق القدس ، ومخيمي " شعفاط " في القدس ، و " الدهيشة " في بيت لحم ، كما اقتحم قرية عارورة في رام الله ، حيث دمر العدو صبح هذا اليوم منزل نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية " حماس" الشيخ صالح العاروري ، كما لم تسلم مدن الخليل وجنين ، من اقتحامات العدو واعتداءاته . إلّا أن اعتداءات العدو هذه لم تمنع فصائل المقاومة من الاشتباك مع العدو ؛ فقد سُجلت بالأمس عملية إطلاق نار على مركبة يستقلها صهاينة على تقاطع " شافي شمرون " شمال الضفة الغربية ، كما طُعن ـ س : 1040 ـ صهيوني في مدينة القدس . أما في مناطق الثمانية والأربعين ؛ فلم تسجل في الـ 24 ساعة الماضية أي فعالات أو نشاطات يمكن أن تترك أثراً على جبهة القتال في قطاع غزة .
وفي الجهود الشعبية والتضامنية ؛ فما زالت المظاهرات والوقفات المؤيدة لأبناء شعبنا ومقاومتنا تجوب كثيراً من الدول والعواصم العربية والإسلامية والغربية . وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العشائر العراقية التي أقامت مخماً لها قرب منفذ " الطريبيل " على الحدود الأردنية العراقية ، ما زالت تقيم فعاليات التأييد والدعم للمقاومة في هذا المخيم . كما تجدر الإشارة إلى أن " أنصار الله " في اليمن قد أقاموا بالأمس مناورة عسكرية لأحد تشكيلاتهم المقاتلة ، أطلقوا عليها اسم " طوفان الأقصى " ، معلنين تأييدهم ودعهم للمقاومة الفلسطينية وخياراتها .
أما عن الجهود السياسية ، فلا جديد يذكر ، سوى ما خرج به رئيس وزراء الكيان المؤقت " نتنياهو " بالأمس محرضاً على المقاومة ، ورافضاً وقفاً لإطلاق النار ، زاعماً أنه يقاتل ( دفاعاً ) عن الحضارة والإنسانية ، وما وضعه وزير دفاعه " يواف غالانت " من خيارات أمام المقاومة ؛ إما الموت أو الاستسلام ! لكن ما هو أهم من كل هذه التصريحات ، ما ذكره منسق السياسات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي " جون كيربي " من أنهم ـ الأمريكيين ـ لا يرون أن وقف إطلاق النار هو السبيل الصحيح الآن ! وفي السياق ؛ صرح أحد المسؤولين في الخارجية الأمريكية أنهم قد نصحوا ( إسرائيل ) بوضع أهداف واقعية لحربهم .
ولم تفض الجهود السياسية عن أي حلحلة جدية لمسألة معبر رفح ، وفتحه بشكل مستدام ، أو زيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل منه باتجاه قطاع غزة .
ثانياً : التقدير والتحليل :
لا يزال العدو يضغط ويفاوض بالنار من أجل تحقيق إنجاز أرضي يشكل له صورة نصر يضمن من خلاله صفقة مرضية تفض إلى إطلاق سراح أسراه من يد المقاومة ، وتُقيد قدرة "حماس " وتمنعها من إعادة بناء ما تهدم ، وترميم ما تدمر من قدرات مدنية وعسكرية ، وتمنح ـ الصفقة ـ العدو أمناً وأماناً له ولمستوطنيه لفترة زمنية معقولة ـ لا تقل عن 10 سنوات ـ يتفرغ فيها للتعاطي مع تهديدات ذات أولوية ـ إيران ، حزب الله ـ أخرى تحيق به وبكيانه المؤقت .
وقد استخدم العدو المناورة البرية لتحقيق هذا الهدف ، محاولاً تحقيق حضور فعلي في بعض مناطق القطاع التي اخترقتها قواته في الشمال الشرقي / بيت حانون ، والشمال الغربي / بيت لاهيا ، والجنوب الشرقي / الشيخ رضوان ، إلا أن أخطر محاور عمل العدو هو المحور الشرقي ـ محور المقبرة ـ المواجه لمنطقة جباليا ، حيث حققت قوات العدو رأس جسر في منطقة " المقبرة " يمكن أن تتطور القدرات القتالية فيه بحيث تهدد كامل الحافة الشرقة للمناطق السكنية من أقصى جنوب شرق " بيت لاهيا " فـ " التفاح " فـ " الشجاعية " وصولاً إلى بقعة القتال في جنوب شرق حي " الشيخ رضوان " .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ضغط العدو على محوري "بيت لاهيا " و " حي الشيخ رضوان " مع خطورته ، إلى أنه ـ الضغط ـ يعد بالمقارنة مع خطورة محور " المقبرة " شرق " جباليا " والتفاح " ، ضغطاً إشغالياً ، ثانوياً ، الهدف منه :
في مناورة الهدف منها : الوصول للهيئات الأرضية الحاكمة في " تل الزعتر " و " الكاشف " و " الريس " ، فإن تحقق للعدو هذا الوصول ؛ فإنه :
وعليه وأمام هذه المعطيات فإننا نقدر أن الـ 24 ساعة القادمة سوف تشهد التطورات الآتية :
الأمر الذي يتطلب من تشكيلات المقاومة التنبه لهذا التكتيك ، تجنباً لوقوع خسائر في الأرواح والقدرات ، يمكن تلافها . كما تجدر الإشارة إلى أن العدو وفي نفس الوقت الذي يشتبك فيه مع الجهاز الدفاعي للمقاومة في مناطق وبقع العمليات ؛ فإنه قادر على استدعاء نار الإسناد الجوي والبري للإطباق على أهداف لا يستطيع السيطرة أو القضاء عليها ، لذلك لا بد للانتباه للبعد الثالث للمعركة ـ البعد الجوي ـ وعدم الاكتفاء وتركيز الجهد فقط على البعدين الأرضي أو البحري الظاهرين للعيان . كما يجب الانتباه لجهود الخداع والاشغال التي يمكن أن يقوم العدو بها في الوسط أو الجنوب، وإعطائها حقها من الاهتمام ، وقدرات الصد .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
31 10 2023