لم يطرأ على الموقف القتالي في الـ 24 ساعة الماضية ما يؤثر تأثيراً جذريا على الموقف الكلي للعمليات في عموم مسرح عمليات غزة أو باقي ساحات العمل الخارجية ، مع وجود تغيرات طفيفة يمكن ملاحظتها في ثنايا التقرير
أولاً : الموقف :
لم يتحرك الموقف الميداني للحرب في يومها 45 على بدئها ، وانطلاق مناورة العدو البرية في ي : 27 102023 س : 2230 بشكل جذري يؤثر على مساراتها الكلية :
ففي صفحة العدو القتالية؛ لا زال العدو مستمراً في تقطيع المدينة إلى بقع عمليات منفصلة عن بعضها البعض ، بحيث يدفع قواته باتجاه أكثرها سهولة للمناورة وتحقيق للأهداف ، مثبّتاً البقع الأكثر صعوبة وصلابة ، للعودة لها لاحقاً ، ففي الـ 24 ساعة الماضية :
- قاتل العدو على القشرة الخارجية للأحياء الداخلية ـ الصفطاوي ، الكرامة ، الشيخ رضوان ، الزيتون ، محيط مشفى الشفاء ـ لمدينة غزة.
- اندفع بقواته من الشرق ـ تل الزعتر ـ بالتجاه الشمال الغربي، حيث وصل إلى مشارف أبراج زايد ، بالقرب من المستشفى الإندونيسي ، كما دفع بقوات من الشمال الغربي / مشروع بيت لاهيا ، لتلتحق بقواته عند أبراج زايد ، وبذلك يكون العدو قد بدء حصار وعزل جباليا من الشمال.
- كما بقي العدو يمارس عمليات الأمن الجاري الساخن ، بحثاً عن المقاومين وأصولهم المادية والبشيرة ، وتحصيناتهم ، فوق الأرض وتحت الأرض ، محيداً ما يصل له من هذه الأصول ، بالتدمير ، أو بحرمان المقاومة من استخدامها ، الاستفادة منها .
- أما في باقي مسرح العمليات ؛ فقد بقي العدو مثبّتاً مناطق جنوب وادي غزة ، بمختلف صنوف النار ، والمناورات السطحية ، بحيث لم يحتك إلى الآن بعمق الجهاز الدفاعي للمقاومة في تلك المناطق ، في إجراء ـ المناورات السطحية ـ الهدف منه :
- استطلاع قتالي بهدف جمع معلومات ، أو التثبت من معلومات موجودة .
- كشف انتشار واستعداد الجهاز الدفاعي في منطقة العمليات جنوب وادي غزة .
- كشف قواعد النار الثابتة لجهاز المقاومة الدفاعي جنوب الوادي .
- تليين الأهداف وعُقد الدفاع الصلبة في منطقة العمليات .
أما في صفحة موقف المقاومة فلم تتغير في الـ 24 ساعة الماضية وبقيت على النحو الآتي :
- عمليات استطلاع وجمع معلومات عن الأهداف المعادية التي تتحرك في مناطق المسؤولية.
- الكر والفر والتعرض للأهداف المعادية بمختلف صنوف وتكتيكات حرب العصابات في المدن .
- الدفاع المرن والمتحرك من بقعة عمليات إلى أخرى ، دون خوض اشتباكات حاسمة مع العدو .
- الاشتباك بالنار مع العدو في عمق مناطق حشده ، ومراكز ثقله السياسية ، بواسطة سلاحي المدفعية والصواريخ .
أما في الجبهات الخارجية / لبنان ، سوريا ، العراق ، اليمن :
- بقاء المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " مشتبكة مع العدو على كامل خط الجبهة بمختلف صنوف النار ، وتكتيكات العمل ، حيث استخدمت بالأمس صواريخ بركان والطائرات المسيرة في استهداف العدو ، في قواعده وثكناته .
- التعرض على قواعد العدو الأمريكي في سوريا والعراق برشقات الصواريخ ، والطائرات المسيرة .
- محاولة إيصال النار من اليمن إلى قواعد العدو الصهيوني ، في عمق أرضنا المحتلة .
وفي الضفة الغربية ؛ ما زال العدو يكرر عمليات اقتحامه اليومي ــ وبنفس طرق العمل والتكتيكات الميدانية ــ لمدن وقرى الضفة الغربية في عمليات أمن جاري ساخن ، يُحيّد فيه مقاومين ، ويدمر بناً تحتيه وخدمية ، ويُثّبتُ قدرات للمقاومة ، يمكن أن تساعد في اشغاله ، وتشتيت جهوده ، وتجميد جزء من قدراته ، أو تعيق تحركه السلسل باتجاه جبهات قتاله في الشمال أو الجنوب .
وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل :
- مظاهرات ومسيرات .
- اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات .
- ندوات وخطب ولقاءات .
وفي الجهود السياسية ؛ لم يسجل شيء جديد يذكر في الموقف السياسي منذ أمس ، ينعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة ، حيث تنصب الجهود على تحرير الأسرى المدنيين ، ومنع تمدد الحرب إلى خارج فلسطين المحتلة ، مع ارتفاع منسوب الحديث عن غزة بعد الحرب ، وطبيعة إدارتها ، والجهة التي ستديرها . وكان اللافت بالأمس الحديث عن قرب التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق نار ـ لم تنشر تفاصيلها حتى الآن ـ بوساطة قطرية وأممية، بين حركة المقاومة الإسلامية " حماس " وبين العدو الإسرائيلي ، يتم فيها تبادل أسرى بين الطرفين .
ثانيا : التحليل والتقدير :
بقي الموقف الميداني في الـ 24 ساعة الماضية على رتابته من حيث الفعل الميداني المعادي ، أو الجهد العسكري المقاوم ، أو الحراك السياسي الإقليمي والدولي ؛ فما زال العدو يُظهر تعنتاً وصلابة في مواجهة الضغوط السياسية التي تطالبه بوقف نار مؤقت ، وفتح ممرات مستدامة لإدخال المعونات إلى أهلنا في قطاع غزة ، كما يظهر إصراراً لافتاً على تحقيق ما أعلنه من أهداف لهذه المعركة . كما تُظهر المقاومة صلابة وقدرة كبيرة على إشغال العدو وتدفعيه أثماناً بشرية ومادية في مناطق الجهد الرئيسي في منطقة عمليات شمال قطاع غزة . وعلى صلة يتزايد منسوب التوتر في جبهة شمال فلسطين ، حيث تنفذ المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " عمليات اشتباك بالنار مع العدو بشكل يومي ، وعلى طول خط الجبهة ؛ من رأس الناقورة غرباً وحتى العرقوب شرقاً . كما بقيت المقاومة في الساحات الخارجية تشتبك مع العدو الأمريكي في سوريا والعراق بنار الصواريخ أو الطائرات المسيرة ، مع تفعيل الخيار البحري من قبل " أنصار الله " في اليمن .
وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي :
- بقاء نمط عمليات العدو على ما هو عليه في كافة مناطق العمليات في مسرح عمليات غزة .
- بدء العدو بنقل جهود قتالية لعزل مناطق جغرافية داخل مدينة غزة ـ جباليا ، الرضوان ، بيت لاهيا ، التفاح ـ والتعامل مع مجموعات المقاومة العاملة فيها ، مع عدم اعتقدانا بأن العدو سيعمد إلى اقتحام هذه المناطق والتفتيش فيها بيت بيبت ، وبناية بناية ، وإنما سيبقى يعمل على القشرة الخارجية لهذه المناطق .
- إتمام عزل جباليا عن بيت حانون في الشمال الشرقي ، ومحاولة إطباق الحصار عليها من الجنوب عبر التقدم إلى جبل الكاشف ، ثم الاندفاع غرباً للوصول إلى شارع الفلوجة ، لتلتقي قوات العدو العاملة على طول شارع الفلوجة غرب جباليا ، مع تلك القادمة من مرتفع الكاشف باتجاه الشارع المذكور .
- نعتقد أن مرحلة سيطرة العدو على الهيئات الأرضية الحاكمة شرق مدينة غزة ـ تل الزعتر ، الكشاف ، الريس ـ قد بدأت ، بحيث يؤمن احتلال العدو هذه العوارض الحساسة ، سيطرة بصرية ونارية على كامل عمق منطقة عمليات مدينة غزة ، كما أن سيطرته على جبل الريس تمكنه من بدء حصار وعزل منطقة "التفاح " عن باقي الأحياء الداخلية لمدينة غزة ، الأمر ـ احتلال الكاشف والريس ـ الذي يجب التنبه له ، وتخصيص قدرات بشرية ونارية مناسبة لهذا الجهد ، لمنع العدو من تحقيق أهدافه في اتجاه العمليات هذا .
- بدء نقل جزء من جهود النار والمناورة المعادية ومن مختلف الوسائط للتركيز على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة ، حيث بدأ العدو بالتمهيد لعمليات التقدم باتجاه خان يونس عبر شنه غارات جوية مكثفة على عمق المدينة ، وعلى الحافة الأمامية للمناطق السكنية فيها .
- نعتقد أن العدو بعد أن يُحكم حصاره على أهم أحياء مدينة غزة ـ بيت حانون ، جباليا ، الرضوان ـ سوف يكون متاحاً له تحرير جزء من قواته المناورة في شمال قطاع غزة ، لنقلها إلى منطقة وسطة وجنوب غزة الأمر ـ نقل الجهود ـ يجب التنبه له من الآن ، وعدم تمكين العدو من نقل هذه الجهود بشكل مريح ، وإنهاكها قبل الوصول ، عبر قيام المقاومين بالإجراءات التالية :
- استهداف خطوط حركة هذه القوات باتجاه الوسط والجنوب .
- منع العدو من عمل رؤوس جسور في مناطق الجهد الجديدة ، عبر جهود المدفعية والهندسة.
- استهداف مقار حشد العدو الحالية ، بمختلف صنوف النار المتوفرة لدى المقاومة .
- التنبه للجهود الخداعية أو الثانوية التي يمكن أن يقوم بها العدو عبر المناطق الساحلية ، وغيرها من بقع العمليات في منطقة المسؤولية .
- بقاء العدو يستخدم مختلف وسائل الضغط على المواطنين في غزة ، كورقة قوة في يده يستثمرها في الضغط على قيادة المقاومة ؛ العسكرية في الداخل ، والسياسية في الخارج .
- بقاء نمط عمل جبهة شمال فلسطين على رتابتها اليومية ، وتنوع طرق عملها القتالية .
- بقاء نمط عمليات الجبهات الخارجية على ما هو عليه من رتابة العمل ونوع الاشتباك.
- قد تصل الجهود السياسية في الـ 24 ساعة القادمة إلى هدنة مؤقتة للحرب، يتم فيها إطلاق سراح أسرى ، الأمر ـ الهدنة ـ يمكن أن يتم تمديها أكثر مما يتم الحديث عنه ـ خمسة أيام ـ وفقاً لظروف وتطورات سياسية أو ميدانية تستدعي ذلك . وفي هذا السياق يجب على المقاومة أن تراعي الأصول والإجراءات الأمنية ، منعاً من استغلال العدو لفترة الهدنة في استهداف كوادرها وعناصرها ، أو القيام بجمع معلومات أو التأكد من معلومات ، يستثمرها العدو بعد انقضاء الهدنة في توجيه ضربات لأصول المقاومة ؛ البشرية والمادية .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
عبد الله أمين
11/21/ 2023