نص خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأخ المجاهد إسماعيل هنية مواكبةً لتطورات معركة طوفان الأقصى والعدوان الصهيوني الإرهابي على قطاع غزة واتفاق الهدنة وتبادل الأسرى
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا).
الحمد لله قاهر الجبارين ومذل المستكبرين ناصر المؤمنين ومعز المجاهدين والصلاة والسلام على قائد الغرّ المحجلين وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام على شعبنا العظيم الذي سطّر هذه الملحمة الأسطورية من الصمود، فتكسرت على صخرته كل المخططات الخبيثة لإحداث نكبةٍ جديدة.
السلام على مجاهدينا الأبطال الذين أثخنوا الجراح في العدو وقدموا نموذجا غير مسبوق في البطولة والفداء، والسلام على غزة صانعة الأمجاد والتحولات الهائلة عبر طوفان الأقصى.
شعبنا الفلسطيني العظيم، مجاهدينا الأبطال، أبناء أمتنا العربية والإسلامية/ يا كل أحرار العالم.
بمعية الله وعونه، ثم بصمود شعبنا وأداء مقاومتنا المبهر، بدءً من السابع من أكتوبر المجيد وحتى المواجهة على أرض غزة من نقطة صفر مع القوات المجرمة، وفي إطار تكاملٍ بين جهود الحركة الميدانية والسياسية والعسكرية، وبدعم شعوب أمتنا وكل أحرار العالم.
استطعنا وبكل فخر واعتزاز مواجهة هذا الاحتلال وكسر إرادته وإفشال مخططاته، رغم الألم الكبير والأعداد المتزايدة من الشهداء والجرحى والمهجرين قسرا من بيوتهم، والذي آلمنا وأخذ منا جميعا، من عوائلنا وأهلنا، خيرة أبنائنا وإخواننا شهداء، وهو بلا شك ضريبة الحرية والتحرير والاستقلال واستعادة الحقوق والمقدسات.
شعبنا الأبيّ في كل مكان، غزتنا المجاهدة..
*من هذا الموقع في الصمود والإرادة القوية تم التوصل بفضل الله إلى هذا الاتفاق حول الهدنة وتبادل الأسرى، وأود هنا التأكيد على ما يلي:*
أولاً: لقد راهن العدو على استعادة المحتجزين والأسرى لدى القسام والمقاومة في غزة عبر فوهة البنادق والقتل والإبادة الجماعية، وكل أشكال الإرهاب التي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، وأعلن بأنه لن يقبل بوقف إطلاق النار، ورفض في هذا السياق تطبيق قرار مجلس الأمن الذي صدر مؤخراً والذي نص على الهدن الإنسانية، لكنه وبعد قرابة خمسين يوماً من جرائمه ووحشيته وأمام صمود شعبنا ومقاومته التي واجهته في كافة محاور القتال بكل ثبات وبسالة، نزل العدو عند شروط المقاومة وإرادة شعبنا الأبي، مما أدى إلى التوصل لاتفاق الهدنة وتبادل الأسرى الجزئي الذي دخل حيز التنفيذ الساعة السابعة صباح اليوم الجمعة 24/11/2023 وسيستمر أربعة أيام.
ثانياً: لقد خضنا برعاية الأشقاء في قطر ومصر مفاوضات صعبة وشاقة على مدار الأسابيع الماضية، وبالتشاور مع فصائل المقاومة، سعياً منا لحماية أبناء شعبنا وتحقيق احتياجاته في مواجهة سياسة التجويع والحصار والخنق، وأدرنا هذه المفاوضات بمسؤولية عالية، وبتوازن دقيق جمع بين الحرص على التخفيف عن شعبنا ووقف آلة القتل والمجازر الوحشية، وبين ألا نسمح للعدو بفرض أجندته أو الهروب من استحقاقات هذه الهدنة، بل فَرض رؤيتنا وأولوياتنا.
ثالثا: تؤكد الحركة إلتزامها بتنفيذ الاتفاق وإنجاحه، طالما التزم العدو بتنفيذه كما ترحب الحركة باستمرار المساعي الحميدة مواصلة الجهود لإنهاء العدوان الصهيوني على شعبنا مقروناً برفع شامل للحصار عن غزة وتبادل الأسرى ووقف الاعتداء على المسجد الأقصى وتمكين شعبنا من ممارسة كافة حقوقه الوطنية المشروعة في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق تقرير المصير.
رابعا: لقد بذل الأشقاء في كل من مصر وقطر على مدار الفترة السابقة جهوداً حثيثة ودبلوماسية نشطة إلى أن تم التوصل إلى هذا الاتفاق، ونحن بدورنا نعبر عن شكرنا الجزيل للدولتين الكريمتين، ونؤكد على الاستعداد لاستمرار العمل معهما لتحقيق الوقف الشامل للعدوان على غزة، وإغاثتها العاجلة بكل حاجاتها المعيشية والطبية، وحماية شعبنا في القدس والضفة، مع أهمية استمرار الجهود العربية والإسلامية والدول الصديقة وفي مقدمتها روسيا والصين لتمكين شعبنا من إنجاز تطلاعاته في الحرية والعودة والاستقلال وضمان عدم تهرب الاحتلال من استحقاقات هذه المعركة، وإن الإفراج بموجب اتفاق الهدنة عن الأسيرات والأطفال من سجون العدو هو أول الغيث، وأول الغيث قَطرٌ ثم ينهمر.
خامساً: تؤكد الحركة بأنها لن تغادر مواقعها ولن تتخلى عن مسئولياتها تجاه أبناء شعبنا قبل المعركة وأثناء المعركة وبعد المعركة، نؤكد تمسكنا بوحدة الأرض والشعب والمصير.
كما ونشيد بالموقف العربي والإسلامي بخصوص رفض أي تدخل بمصير القطاع بعد إنهاء العدوان، ورفض التهجير وخاصة من دولتي مصر والأردن الشقيقتين والذي كان واضحاً وحاسماً في خطاب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس في المهرجان المصري الحاشد.
سادساً: إن شعبنا يخوض معركة التحرر الوطني وعبر جبهة متراصة في غزة والقدس وفي كافة أماكن تواجده، وإننا نشيد بالبطولات التي يسطرها أبناء شعبنا ومقاومته في الضفة الباسلة في مواجهة مليشيات المستوطنين وجيش الاحتلال الذي يقوم بإرهاب منظم ضد أهلنا وأسرانا في الضفة والقدس.
وأخيراً فإننا نحيي أهلنا في غزة الذين شكلوا بصمودهم ومقاومتهم العنصر المركزي والمحوري في تحقيق هذا التراجع في موقف العدو وحلفائه، كما نحيي شعبنا في الداخل والخارج، وجماهير أمتنا العربية والإسلامية، والأحرار في كلّ عواصم ومدن العالم، ونشيد ونقدّر عالياً مواصلة حراكهم وتضامنهم وفعالياتهم الجماهيرية المشرّفة التي تنتصر لغزَّة ومقاومتها، ومعركة فلسطين نحو الحرية والتحرير، وندعو إلى مواصلة هذا الجهد المقدر وتصعيده بكل الوسائل، وفي كل الساحات والميادين.
ونوجه التحية إلى المقاومة الإسلامية في لبنان الذين يواجهون على طول جبهة الجليل الفلسطيني المحتل وقدموا في سبيل ذلك عشرات الشهداء، إلى جانب شهداء شعبنا الفلسطيني في لبنان والذين كان آخرهم الشهيد القسامي البطل خليل حامد الخراز، ونوجه التحية الخاصة للإخوة في اليمن الشقيق الذين عبروا بقوة واقتدار عن غضبهم تجاه العدو الصهيوني وعن تضامنهم مع أشقائهم في غزة وفلسطين على طريقتهم الخاصة، والشكر للمقاومة العراقية التي تشارك في هذه المعركة برجولة وشهامة.
وفي البدء والختام نقف بكل إجلال وإكبار أمام عوائل الشهداء والجرحى والأسرى الذين سطروا أروع دروس الصبر والتضحية والفداء، وشكلوا مع كل أبناء شعبنا الصخرة التي تتحطم عليها مؤامرات العدو وإفشال مخططاته.
وتحية لأبطال القسام وفصائل المقاومة بقيادة الأخ المجاهد محمد الضيف قائد أركان المقاومة وقيادة غزة وفي مقدمتهم الأخ المجاهد يحيى السنوار وهم مع كل أبناء شعبهم الثابتون الراسخون صناع المجد التليد.
والعاقبة للمتقين
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته