أولاً : الموقف :
في اليوم 77 لبدء الحرب على غزة ؛ لم يغادر الموقف القتالي في مسرح عمليات غزة روتينه اليومي ؛ حيث ما زال العدو مستمراً في هجومه البري والجوي والبحري على مختلف مناطق العمليات في مسرح القتال . كما بقيت المقاومة الفلسطينية تتعرض للعدو على كافة محاور؛ خاصة في منطقة عمليات مدينة غزة ، كما وتتصدى لمحاولات تقدمه في مناطق جنوب الوادي ، خاصة منطقة خان يونس التي تحولت إلى منطقة جهد رئيسي للعدو . أما في تفصيل موقف في الـ 48 ساعة الماضية :
ففي صفحة العدو القتالية ؛ أدام العدو عملياته القتالية عبر الإجراءات التالية :
- تحليق مكثف للطائرات المقاتلة والمسيرة في جميع أجواء مسرح العمليات ، يصحبه قصف مدفعي وجوي لمعظم مدن ومخيمات قطاع غزة ، من الشمال فالوسط حتى الجنوب .
- استهداف مقرات النزوح والمرافق الصحية ومنشآت الخدمات الاجتماعية لأهنا المحاصرين في مختلف مناطق قطاع.
- الضغط على قلب مدينة خان يونس / منطقة الجهد الرئيسي ، عبر محاور القتال من الشمال / القرارة ، والشرق / عبسان والغرب ، وقصف الأحياء والمخيمات المحيطة بها .
- قصف الأحياء والحارات الداخلية في مدينة غزة : الزيتون ، جباليا ومخيمها ، الشاطئ ، الصبرة ، الدرج ، الرضوان ، التفاح ، الشجاعية ، مشروع بيت لاهيا ، حيث شن العدو غارات عنيفة في مناطق الشيخ رضوان ، ودمر مربعاً سكنياً ومسجد فلسطين في منطقة الرمال قبل أن ينسحب منها ، بعد بقائه في هذا المربع لمدة 30 يوم ، كما تراجع العدو من محيط المستشفى الإندونيسي في شمال مدينة غزة .
- النصيرات ، و مخيمي البريج المغازي ، وغيرها من مناطق المحافظة الوسطى .
- قصف مدينة رفح ومحيطها ، حيث استهدفت بالأمس برشقات مدفعية متفرقة .
- تراجع العدو من بعض مناطق مدينة غزة ، حيث انسحبت قواته من منطقة تل الزعتر والشيخ زايد ، شمال المدينة .
- بقاء خروج مظاهرات لعوائل أسرى العدو لدى المقاومة ، للمطالبة بعقد صفقة تبادل مع المقاومة تضمن عودة أبنائهم قبل أن يلحقهم ضرر من جراء قصف العدو لمدن ومخيمات القطاع . وفي سياق متصل ؛ فقد أعلن أهالي الأسرى عن بدء اعتصام مفتوح أمام مقر الحكومة بدء من يوم الأثنين 18 12 2023 للمطالبة بإتمام صفقة لتبادل الأسرى .
- قصف العدو قواعدنار استهدفت قواته في شمال فلسطين المحتلة في : كفار كلا ، مارون الراس ، الخيام ، عيترون ، جبل السدانة ، أطراف ميس الجبل ، بلاط ، أحراج اللبونة ، وغيرها من قرى الجنوب اللبناني الذي تخرج منه نيران المقاومة اللبنانية باتجاه فلسطين المحتلة .
- سحب العدو الكتيبة 13 من لواء غولاني ، وبدء الحديث عن أن العدو في صدد تسريح جنود احتياط من العاملين في مسرح عمليات غزة في غضون الأسابيع القادمة ، وإنهائه عملياته البرية في قطاع غزة .
وفي صفحة المقاومة القتالية ؛ فما زالت المقاومة مشتبكة مع العدو على مختلف محاور القتال في مسرح عمليات قطاع غزة ، وفي التفصيل :
- اشتباكات عنيفة مع العدو على محاور بيت لاهيا ، وحي الزيتون والرضوان ؛ جباليا ومخيمها ، خاصة في منطقة السكلة ، الشجاعية ، تل الزعتر ، وشمال و شمال شرق خان يونس ، المغراقة وشمال النصيرات ، وغيرها من محاور القتال في شمال وادي غزة ؛ حيث استهدفت المقاومة قوات خاصة للعدو على محور التوام بعبوة شواظ موقعة 11 جندي بين قتيل وجريح ، كما قنصت المقاومة جنديين للعدو في محيط مسجد فلسطين ، واستهدفت قواته في محيط الإدارة المدنية في شمال مدينة غزة . كما دارت اشتباكات عنيفة مع العدو في أمكان تحصن بها في منطقة اليرموك .
- استهداف العدو على محاور محافظة الوسطى ، حيث ضربت قواته في محيط المطاحن وحاجز أبو هولي ، ومزارع الأبقار في المحور الجنوبي في المنطقة الوسطى .
- اشتباكات عنيفة على كامل محاور عمل العدو في محافظة خان يونس ، حيث أفادت بيانات المقاومة أنها دمرت في الـ 48 ساعة الماضية 3 دبابات للعدو للعدو على هذا المحور ، كما دمرت دبابة أخرى في منطقة المغراقة ، كما تم قصف مقر قيادة ميدانية للعدو في منطقة الزنة .
- قصف 21 12 2023 كتائب القسام لمدينة تل الربيع برشقة صاروخية ثقيلة ـ 35 صاروخ ـ ، كما قصفت المقاومة مغتصبة حوليت بمنظومة رجوم 114 ، وميغن ، وكيسوفيم ، صوفا ، نير إسحاق .
- وعلى صلة ؛ فقد ذكر الناطق باسم كتائب عز الدين القسام ، أن تشكيلات الكتائب قد دمرت ما يقارب من 720 آلية للعدو بين تدمير كامل وإعطاب جزئي ، كما ذكر بالمسار الذي يمكن أن يفضي إلى إطلاق سراح أسرى العدو لدى المقاومة ـ وقف النار ، والتفاوض ـ ، هذا وقد بثت كتائب عز الدين القسام شريطاً مصوراً لثلاثة أسرى قتلتهم نيران العدو في مكان أسرهم في قطاع غزة .
هذا وقد استهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " في الـ 48 ساعة الماضية مواقع العدو الإسرائيلي في : كريات شمونة ، موقع رأس الناقورة البحري ، دوفيف ، أفوفيم ، تجمع للعدو في مزارع شبعا بالطائرات المسيرة ، الجرداح ، راموت نفتالي ، راميم ، المطلة ، شتولا ، إيفين ، شتولا ، مناحيم ، نطوعا ، زرعيت ، شوميرا . هذا وقد استهدفت المقاومة العراقة مدينة أم الرشراش بصلية صاروخية ، كما أعلنت أنها استهدفت قبل ثلاثة أيام حقل كاريش الغازي في البحر الأبيض المتوسط بالأسلحة المناسبة ، محققة فيه إصابات مباشرة ، كما أعلن الأردن عن إسقاطه طائرة مسيرة كانت متجهة إلى أم الرشراش الفلسطينية .
وفي الضفة الغربية ؛ اقتحمت قوات العدو كل من : قرى يطا ، بيت أمر ، صوريف / الخليل ، حي عين مصباح ، بيت ريما / رام الله ، مخيم شعفاط / القدس ، كفر سابا / قلقيلة التي استهدف المقاومون قوات العدو على حاجزها الشمالي بصليات نارية وعبوات محلية ، طوباس ؛ حيث استهدف المقاومون فيها العدو بالعبوات محلية الصنع ، مخيم الدهيشة / بيت لحم ، مخيم عقبة جبر / أريحا ، كما تم استهداف قوة راجلة للعدو على بوابة الكرك بالقرب من دير الغصون في طولكرم .
وفي الدعم الشعبي للمقاومة وأهلنا في غزة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل :
- مظاهرات ومسيرات .
- اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات .
- ندوات وخطب ولقاءات .
وفي الجهود السياسية ؛ لم تفض الجهود السياسية حتى كتابة هذا الموقف إلى أي نتيجة تنعكس إيجاباً على أهلنا المحاصرين في غزة ، كما بدأ العدو بالحديث عن استعداده لعقد هدنة إنسانية طويلة المدى ـ شهرـ يصاحبها انسحاب جزئي من بعض مناطق غزة ، مع الإفراج عن أسرى للمقاومة ، في مقابل إفراجها ـ المقاومة ـ عن 40 أسير يقول العدو أنهم في حوزتها ، الأمر ـ الهدنة ـ الذي ذكرت وسائل إعلام العدو أن قيادة المقاومة ترفضه ؛ ما لم يتم وقف إطلاق دائم في غزة . وفي سياق متصل فقد اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2720 القاضي باتخاذ خطوات عملية لتسريع الدخول الفوري للمساعدات الإنسانية وبشكل موسع إلى قطاع غزة ، حيث أيد القرار 13 عضواً من أعضاء المجلس ، وامتنعت كل من أمريكا وروسيا عن التصويت عليه .
ثانياً: التحليل والتقدير :
ما زال العدو عالقاً في جبهة شمال قطاع غزة ، حيث لم يستطيع حتى كتابة هذه الموقف إنهاء أو وقف تعرض تشكيلات المقاومة على قواته ، أو استهدافها له ؛ فقد بقي إطلاق الصواريخ على غلاف غزة ، والاشتباكات اليومية ، وبمختلف تكتيكات القتال مع قواته العاملة في بقع العمليات ، بقيت مستمرة وبشكل مؤثر ويومي ، الأمر الذي منع العدو من تحرير بعضاً من قواته ، والدفع بها للعمل على محور مدينة خان يونس محور الجهد الرئيسي لقتال العدو ، والتي يناور على محاورها من الشمال والشرق والغرب ، كما بدأ بتركيز النار على قلب المدينة ووسطها .
إلّا أن اللافت في الـ 48 ساعة الماضية ، سحب العدو للكتيبة 13 جولاني ، وتراجعه عن بعض المواقع التي تموضع فيها سابقاً ، وكذا الحديث عن إمكانية تسريح بعض قوات الاحتياط وإنهاء العملية البرية في قطاع غزة ، الأمر ـ سحب الكتيبة 13 ، سحب الاحتياط ، تراجع القوات ـ يمكن أن يفسر بـ :
- تحقيق تقدم ما في المفاوضات السياسية ، تطلب هذه الإجراءات .
- تأثر الاستعداد ـ بشري ومادي ـ القتالي للكتيبة بما لا يسمح لها بالبقاء على تماس مع العدو .
- إرهاق تشكيلات اللواء ، مما يتطلب البدء بعمليات التبديل وتشغيل الاحتياط بهدف إراحة المقاتلين ، ثم معاودة نشرهم في مناطق القتال بعد إعادة تنظيمهم وترميم قدراتهم .
- تحضير قوات اللواء لنمط عمليات مختلف عن النمط الحالي ، مما يتطلب سحب التشكيلات وإعادة تنظيمها وتجهيزها وتوجيهها لشكل قتالي مغاير عن الأول .
- شعور قادة العدو بانخفاض وتيرة القتال والاحتكاك مع المقاومة ، مما يتطلب إخلاء مناطق العمليات من فائض القدرات ، وتوسيع هامش مناورة ما تبقى من القوات .
- المناورة في قوات الواجب الرئيسي ـ المشاة ، المشاة المأللة ، الدروع ـ في مناطق أخرى من مسرح العمليات ، تطلب السحب ، ثم الترميم ، ليعاد دفعهم بالتجاه محور يتطلب قتالهم عليه .
- سحب روتيني بهدف إراحة القوات بعد قتال دام لمدة 60 يوم .
وعليه يجب على تشكيلات المقاومة ، أجهزتها المعلوماتية ، مراقبة هذه الحركات ـ السحب أو التراجع ـ بحيث تحيط ـ المقاومة ـ معلوماتياً بـ :
- حجم ونوعية وتبعية التشكيل المسحوب أو المتراجع .
- مكان السحب وإعادة التموضع الجديدة ، والمسافة التي تفصله عن مسرح العمليات أو الحافة الأمامية لمناطق القتال النشطة .
- التشكيل الجديد ـ الهوية ، الاستعداد ، الصنف ـ المستلم بدل التشكيل المنسحب .
- النشاطات والإجراءات التي يقوم بها التشكيل في مكان تموضعه خارج منطقة العمليات .
- استهداف التشكيل أثناء الانسحاب ، وضربه في مكان تموضعه الجديد قبل أن يأخذ الشكل الدفاعي المناسب له .
هذا وقد أبدت، وتبدي المقاومة شراسة ظاهرة في التصدي للعدو على كافة المحاور ، وفي كامل مناطق المسؤولية في مسرح عمليات قطاع غزة . كما أنها بقيت قادرة على تشغيل قدرات نارية ، مستهدفة غلاف غزة وعمق فلسطين المحتلة ، موقعة خسائر فادحة بقوات العدو ومعداته ، الأمر الذي يشي بأن تشكيلاتها ما زالت تمتلك من قدرات القتال ، ووسائط السيطرة ، ما يشكل تهديداً ذا مصداقية على قوات مناورة العدو في مختلف بقع القتال في مسرح العمليات ، كما يمنعه من تقديم صورة نصر حقيقي ، تشكل له مخرجاً من مأزق غزة الذي وجد نفسه فيه .
وعليه وأمام هذه المعطيات ، فإننا نعتقد أن الموقف في الـ 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي :
- بقاء تركيز نار العدو ومناورته على محافظة خان يونس ، في محاولة لاختراق أحيائها الداخلية بحيث يُضيّق هامش المناورة على تشكلات المقاومة ، وما يعتقد أنه مركز ثقلها السياسي والقيادي .
- بقاء العدو عاملاً في منطقة شمال غزة بهدف إخماد بؤر التهديد أو تقليص خطرها، وتحييد ما يمكن من أصول بشرية ومادية للمقاومة فيها .
- تخصيص قدرات نار ومناورة معادية للتعامل مع تشكيلات المقاومة العاملة في المنطقة الوسطى من قطاع غزة ، وفي مدينة رفح جنوباً .
- بقاء المقاومة على زخمها ، وحرية مناورتها في مختلف مناطق مسؤولية مسرح عمليات غزة ، بحيث تجبي من العدو أثماناً في الأرواح والمعدات ، وتهدد تجمعات جنوده في غلاف غزة ، وفي العمق الفلسطيني المحتل .
- قد يعمد العدو إلى القيام بعمليات إنزال جوي في المناطق الغربية أو الشرقية لمدينة خان يونس ، الأمر الذي يجب التنبه له ، وتخصيص جهود نارية وهندسية مسبقة ، لمنع العدو من تحقيق هدفه هذا ، حال قرر السير بمثل هذا الخيار .
- بقاء المقاومة الإسلامية في شمال فلسطين المحتلة ـ حزب الله ـ مشتبكة مع العدو بمختلف صنوف النار ، وفي كامل المنطقة الحدودية ، من رأس الناقورة غرباً ، وحتى العرقوب شمالاً .
- استئناف المقاومة العراقية في ساحة العراق وسوريا ، استهدافها لقواعد ومقرات العدو الأمريكي بصنوف النار المناسبة .
- استئناف " أنصار الله " في اليمن اشتباكهم مع العدو الصهيوني بنيران الصواريخ أو المسيرات المتوجهة نحو أهداف في العمق الفلسطيني ، والتعرض لقطعه البحرية في البحر الأحمر.
- لا نعتقد أن الجهود السياسية ستفضي إلى توقف الأعمال القتالية ، أو هدنة ، أو وقف دائم لإطلاق النار .
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
عبد الله أمين
21/ 12/ 2023