أولاً: توطئية :
لا شك أن طبيعة الشخص ، والبيئة التي خرج منها ، وتلك التي شب وترعرع فيها ؛ تترك بصماتها وآثارها عليه ، وفي شتى المجالات ؛ كيف يرى الأمور ؟ ما هي القيم والمعايير ومنظومة الأخلاق التي تحكم سلوكه وتصرفاته ؟ ما هي الأمور التي تؤثر فيها ؟ وما التي لا تترك أثراً عليه ؟ وحيث أن احتراف العمل العسكري كمهنة من أشد الأمور تعقيداً ، ولا يحسنها أو يرغبها كثير من الناس ؛ لاعتبارات ذاتية وموضعية ؛ حيث أن من يختارون لأنفسهم هذا العمل ، وهذه الحرفة ، لا بد أن يتحلوا بخصال كثيرة ؛ من أهمها التوازن العاطفي ، كونهم سيتعامون مع مواقف ميدانية وإنسانية تكتنف في ذاتها ، وفي الوقت نفسه الشيء ونقيضه . وحيث أن المواقف العسكرية فيها من التفاصيل الخاصة والعامة ــ المهنية والفنية والبشرية ــ ما لا يقدر على الإلمام بها شخص واحد ، الأمر الذي دفع باتجاه تشكيل أطر وهياكل عمل لقيادة العمل العسكري ، ولمساعدة القائد ؛ تتسع وتضيق بناء على المهمة المطلوب تحقيقها ، والجغرافيا المطلوب تغطيتها ، والقدرات البشرية المتوقع قيادتها ، فضلاً عن التهديد والمخاطر الناتجة عنه المتصور مواجهتها ـ في كل جزيئة مما قيل تفاصيل فنية تخصصية ليس هنا مكان الحديث عنها ـ . وفي هذا السياق فإن المهمة الرئيسية للقائد العسكري تتمثل في : تحليل الموقف ، وتحديد الأهداف والمسؤوليات ، وتخصيص القدرات ، وأخيراً منح الصلاحيات ، ومن ثم مراقبة الموقف عبر منظومة قيادة وسيطرة بشرية ومادية ، تساعده على ضبط المسار ، وضمان عدم الانحراف عن أصل الهدف ، عبر فرق عمله ، وأركان اختصاصه . وحيث أن ما قيل من توصيف ، وما تم عده من اختصاصات ومسؤوليات ، توضع بين يدي أي قائد عسكري ، لضمان نجاحه في أداء مهمته ؛ إلا أن الفرق الجوهري الذي يؤدي إلى نجاح قائد ، وفشل آخر يكمن في القدرة على ، والمهارة في الاستفادة مما قيل ووصف سابقاً . لذلك فإن التغيير الذي حصل في الأيام الأخيرة في قيادة المنطقة العسكرية الوسطى للعدو الإسرائيلي ، وتسلم قائد جديد ـ أفي بلوت ـ و تنحي آخر ـ يهودا فوكس ـ سوف ينعكس حكماً على سلوك العدو وتعامله مع كل ما في الضفة الغربية من بشر وحجر ومقاومين ، الأمر الذي ستحاول في هذه الورقة تبيانه ، واستشراف مآلاته ، من خلال التفصيل في مجموعة من العناوين التي تخدم في فهم الموقف الجديد الذي نحن في صدده ، كنتيجة للتغيير الذي تم في هرم هذه القيادة ، والذي ـ التغيير ـ سيتسرى حكماً إلى باقي أجزاء الهيكل القيادي للمنطقة العسكرية الوسطى .
ثانياً : حدود مسؤولة المنطقة الوسطى والتشكيلات التابعة لها :
قبل البدء في الحديث عن القائد القديم ، وطرق عمله ، والقائد الجديد وما يمكن أن يتبناه من طرق عمل ومقاربات تعبوية لمواجهة التهديد في الضفة الغربية ، دعونا أولاً نحدد منطقة مسؤولية هذه القيادة ، وما هو تحت إمرتها من تشكيلات قتالية .
قيادة المنطقة الوسطى في جيش العدو الإسرائيلي مسؤولة عن جميع الوحدات والألوية العسكرية المنتشرة في منطقة الضفة الغربية والأغوار والقدس . حيث يقع مقر قيادة الفرقة على حدود حي النبي يعقوب في القدس .
ثالثاً : مهمة المنطقة :
حماية المنطقة الوسطى والحدود الشرقية ( للدولة ) ومنع الهجمات من المنطقة المسيطرة عليه ضد الجبهة الداخلية ، من خلال ضمان أمن المواطنين والبلدات والطرق ، كما تقوم بفرض القانون في منطقة مسؤوليتها ، مع الاستعداد الكامل للقتال ضمن مختلف السيناريوهات المتوقعة .
رابعا ً: التشكيلات العضوية تحت إمرة المنطقة الوسطى :
يقع تحت إمرة هذه القيادة التشكيلات العسكرية التالية :
يقع تحت إمرة الفرقة الوحدات القتالية التالية :
تضم الفرقة الوحدات التالية :
خامساً : القائد السابق للمنطقة :
يهودا فوكس :
الجنرال فوكس هو ضابط مشاة ، يبلغ من العمر 56 عاماً ، وهو ابن براخا والحاخام ديفيد فوكس.نشأ وترعرع في منزل صهيوني متدين في حي بيت فاجان بالقدس ودرس في المدرسة الدينية اليهودية المتطرفة بيت هاتلمود ، قادة سلاح المظليين عام 2014 ، كما شغل منصب قائد فرقة غزة من عام 2016 ، وفي عام 2019 تم تعيينه ملحقاً عسكرياً للجيش الإسرائيلي في الولايات المتحدة . كما قاد شعبة القوى البشرية في اللواء الجنوبي ، وقيادة لواء "الناحل ، وكان آخر مناصبه العكسرية ؛مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى عام 2021 حتى بداية تموز 2024 .
نهجهه وطريقة عمله :
على مدار الفترة التي تسلم فيها هذا القائد مهام مسؤولية قيادة المنطقة الوسطى ، كان نهجه ، ونمط عمله على النحو الآتي :
سادساً : القائد الحالي للمنطقة :
أفي بلوط :
يبلغ الجنرال أفي بلوط من العمر 49 عاماً ، حيث نشأ في القدس وفي مستوطنة " نوفيه تسوف / حلميش سابقاً " ودرس في مدرسة " هيميل فارب " الدينية ، والتحق بوحدة المظليين وشغل عدة مناصب فيها ، كما قاد وحدة " مجلان " ولواء الكوماندو ، كما تسلم مسؤولية قيادة فرقة الضفة الغربية ، وقائد كلية القيادة والأركان ، ثم السكرتير العسكري لرئيس وزراء العدو الحالي " بن يامين نتنياهو " ، وأخيراً قائداً للمنطقة العسكرية الوسطى في جيش العدو .
إذن فالقائد الجديد ليس غريباً عن الجغرفيا ، فقد خدم فيها سابقاً ، كما أنه ليس غريباً عن الاختصاص ؛ فهو ضابط مشاة ، تمرس في قيادة التشكيلات الخاصة ، التي تعد جزءاً مهماً من الملاك العضوي لهذه المنطقة العسكرية . ومن خلال عمله كسكرتير عسكري لرئيس الوزراء ؛ يعرف كيف يوفق بين متطلبات السياسة ، وضرورات الميدان ، الأمر الذي يساعده في تفهم كيفية إدارة القرار العسكري على مستوى هيئة الأركان العامة في الجيش . كما أنه يرى أن أحد أخطر التهديدات التي يواجهها الكيان المؤقت هي التلك التهديدات الصادرة عن الضفة الغربية ، وما فيها من فصائل مقاومة ، بدأت تطور نفسها ، وتقرأ عدوها ، وتمد خطوط عملها إلى الخارج ، الأمر الذي عبر عنه بالقول " أن ما يحدث في الضفة يشكل خطراً على بقاء إسرائيل ، كما أن الجريمة القومية تزايدت ضد فلسطينيين لم يشكلوا تهديداً " . كما يجب أن يحضر عند الحديث عن هذا لقائد خلفيته الدينية ، فهو يعد من الضباط المتدينيين في الجيش ، حتى ولو لم يعتمر الـ " كيباه " ، لذلك سينطلق في قراءته للموقف في الضفة الغربية ، والتعامل مع التهديدات في هذه الجغرافيا من خلفية عسكرية ممزوجة بمزيج ديني توراتي .
سابعاً : استشراف طرق عمله :
بناء على ما تقدم من حديث حول منطقة مسؤولية هذا التشكيل العسكري ، وما هو تحت إمرة قائده من تشكيلات ووحدات ، وإنطلاقاً من المهمة الموكلة له ـ للقائد ـ وخلفيته المهنية والاجتماعية ، فإننا نعتقد أنه سلوكه ونمط عمليه سوف يكون على النحو الآتي :
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .